رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


"عيد الرياض عيدين" خطوة رائعة في مسيرة رائدة

[email protected]

رسم الابتسامة على محيا الإنسان وإشاعة البهجة في نفسه لم تأخذ حقها في فكر وسلوك المجتمع السعودي، ذلك أنه مجتمع نشأ في بيئة جغرافية جافة جعلته للقسوة والجد أقرب منه للرحمة والهزل "المزاح" في كافة الظروف والأوقات حتى بتنا نسمع بمن يشكك في عبادته إذا لم يخالطها المعاناة والألم، وكأن الله لا يتقبل من عباده إلا ما يشق عليهم، رغم أن الحقيقة خلاف ذلك حيث يقول عز من قائل "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".

ويشتد الجفاف الجغرافي والإنساني كلما توغلنا في الصحراء، ولا شك أن مدينة الرياض التي تقع في وسط صحراء نجد من أشد المدن جفافا، وهذا الجفاف دون شك انعكس على طباع ساكنيها حتى أصبح الترفيه المباح المرطب للأجواء النفسية يكاد يكون ضمن قائمة المحرمات على الجميع، بما في ذلك الأطفال الذين أمعنَا في تنميطهم سلوكيا، كما أسلافهم في سن مبكرة، وحرمناهم من العيش في طفولتهم والتمتع بها، فهم رجال منذ ولادتهم وعليهم أن يسلكوا سلوكيات كبار السن وإلا اعتبروا من الخارجين على التقاليد والعادات التي منحناها قدسية هي الأخرى بتعزيزها بالآيات والأحاديث بشكل غير مقنع في أغلب الأحيان.

في ظل هذه الثقافة الجافة هناك ولله الحمد من يفكر في رسم الابتسامة وإشاعة البهجة لعلمه بأن القلوب إذا ملت كلت، وإذا كلت تكاسلت وانتكست على أعقابها، وهذا ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال لمعاذ ـ رضي الله عنه ـ لما أطال في صلاة الفريضة "أفتان أنت يا معاذ"، نعم هناك أمير الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله - الذي يستشعر حاجات إنسان الرياض، فوجه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وأمانة مدينة الرياض ببذل الجهود لإقامة العديد من الفعاليات والأنشطة ذات الطابع الاحتفالي والترفيهي في الأعياد والمناسبات والعطلات لإدخال السرور والبهجة في قلوب المواطنين والمقيمين والزوار.

ولقد كان نتيجة ذلك أن بدأنا نسمع ونرى جهودا احتفالية منذ عام 1413هـ في منطقة قصر الحكم ما لبثت أن انتشرت في مواقع عديدة أخرى مثل موقع ستاد الملك فهد الدولي وموقع ستاد الأمير فيصل بن فهد في الملز، وجامعة الأمير سلطان في حي صلاح الدين وحديقة الدوح جنوب القرية الشعبية، إلى غير ذلك من الأماكن، وبطبيعة الحال فقد تفاعل القطاع الخاص هو الآخر بعد أن رأى مدى إقبال الناس على البرامج والأنشطة الترفيهية ومدى تعطشهم لها، وخصوصا الأطفال الذين هم في أمسّ الحاجة للعب والترفيه، حيث استثمر الكثير من رجال الأعمال في قطاع الترفيه وطوروا قدراتهم وعززوها باستقدام الفرق العالمية ذات الخبرات المتراكمة، حتى بتنا ولله الحمد نرى برامج ترفيهية كثيرة ومتعددة يمكن لنا أن نذهب نحن وأطفالنا لزيارتها والتمتع بمرافقها وأنشطتها، بعد أن كنا نتزاحم أمام حديقة الحيوان في الملز فيما مضى من السنين قبل تلك الطفرة الفكرية والسلوكية في عالم الترفيه والمرح والفرح.

جهود سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله - والقائمين على الهيئة العليا لتطوير الرياض والقائمين على أمانة مدينة الرياض جهود كبيرة وملموسة، جهود بنيت على قناعات بأن الترفيه خدمة ضرورية يحتاج إليها المواطن والمقيم والزائر، وعلى الدولة أن توفر المناخ المشجع للاستثمار في هذا القطاع وتنميته وذلك من خلال تقديم النماذج الناجحة والمحفزة ومن خلال تقديم المميزات والحوافز للمستثمرين في هذا الجانب المهم والحيوي، ولا شك أن هذه الجهود حققت الكثير من النجاحات التي لا يسعنا إلا أن نقف لمن قام بها احتراما وتقديرا، وأنا على علم تام بالجهود التي يبذلها الإخوة في الهيئة العليا لتطوير الرياض والإخوة العاملون في أمانة مدينة الرياض، وهم مشكورون على ذلك, حيث حققوا توجيهات سمو أمير مدينة الرياض بأفضل ما يمكن.

ويمكن أن تكون هذه الجهود أكثر إثمارا إذا بذل المزيد من التنسيق والتكامل بين الجهات المعنية بالترفيه، كالهيئة العليا للسياحة وغرفة تجارة وصناعة الرياض والهيئة العليا لتطوير الرياض وأمانة مدينة الرياض لتعزيز ثقافة الترفيه لتكون جزءا لا يتجزأ من حياة كل مواطن سعودي، ليلعب الترفيه دوره في صياغة نفسيات الأطفال وفي إعادة النشاط والحيوية لمن يقعون تحت ضغط العمل وتكاليف الحياة.

وهنا لا يفوتني أن أقترح إعادة النظر في مهرجان التسوق والترفيه الذي تنظمه غرفة تجارة وصناعة الرياض في العطلة الصيفية لكي يكون أكثر حضورا وإنجازا، حيث يمكن تطويره بأفضل من ذلك بكثير إذا استطاع القائمون عليه تجاوز مخاوفهم من الرافضين للأنشطة الترفيهية، ورفعوا سقف مسؤولياتهم وتصدوا للتحديات، وبالطبع فإنهم لن يستطيعوا تحقيق ذلك دون التنسيق الكامل مع إمارة منطقة الرياض والهيئة العليا للسياحة والهيئة العليا لتطوير الرياض وأمانة مدينة الرياض ليحصلوا على الدعم والمساندة، وكل ذلك بطبيعة الحال سيشجع القطاع الخاص على المزيد من المشاركة الحقيقية في ذلك المهرجان ليصل لمصاف المهرجانات العالمية ذات الأثر الحقيقي في المجتمع، خاصة أن المواطن والمقيم يعانيان من صيف ملتهب وأوقات فراغ لا حصر لها، وإن لم نخفف عليه ونشغل بعض وقته بالترفيه المهدئ للنفوس والمرطب للأخلاق فإن عواقب ذلك غير مرغوب فيها على أقل احتمال.
ختاما أقول من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وأنا ومن هذا المقام أتقدم بخالص الشكر والتقدير لسمو الأمير سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله ورعاه، أمير الرياض الذي نشعر جميعا بأبوته في كل قرار يتخذه وفي كل توجيه يوجهه، والذي يتجلّى فيه حرصه على رسم الابتسامة على وجوهنا، كما حرصه على أمننا ورفاهيتنا، كما يسرني أن أشكر وأشد على أيدي كل من الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عياف أمين عام مدينة الرياض والمهندس عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيخ عضـو الهيئة العليا لتطويـر مدينة الريـاض ورئيس مركـز المشاريـع والتخطيـط بالهيئـة لجهودهما التي يلمسها الجميع في تنفيذ توجيهات سمو أمير مدينة الرياض وتحويلها إلى واقع نعيشه ونتمتع به.

* كاتب اقتصادي

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي