الكويت: الحكومة تخلط الأوراق في قضية إسقاط القروض الشخصية
طلبت الحكومة الكويتية من مجلس الأمة أمس، تأجيل مناقشة إسقاط القروض الشخصية عن المواطنين أسبوعين آخرين، لكنه من المستبعد أن يتم بحث الموضوع في الموعد المحدد، بالنظر إلى تزامنه مع الجلسة المخصصة لبحث قضية طرح الثقة في محمد السنعوسي وزير الإعلام.
ومن المنتظر أن تصدر إدارة الفتوى والتشريع رأيها بقانونية ودستورية استجواب السنعوسي غدا، وبالتالي فإن موعد الاستجواب سيتم في الجلسة المقبلة للبرلمان الكويتي 18 كانون الأول (ديسمبر)، وهو موعد جلسة إسقاط القروض نفسه، لكن مراقبا برلمانيا اعتبر ذلك تصرفا حكوميا يهدف إلى "ضرب صف" التوحد النيابي، من خلال مقايضة الراغبين بطرح الثقة في الوزير السنعوسي بإسقاط القروض. إذاً يتعذر نظريا استيعاب جلسة واحدة لـ "موضوعين بهذا الحجم"، في حين أن اليوم التالي للجلسة قد لا يشهد حضورا نيابيا وحكوميا يكمل النصاب القانوني للجلسة.
وكان أعضاء الحكومة الكويتية قد غابوا عن جلسة للبرلمان الكويتي الإثنين الماضي، وهو ما حال دون انعقاد الجلسة التي خصصت للنظر في قرار إسقاط القروض الشخصية عن المواطنين في جلسة اكتظت بالجماهير التي تدفقت على المبنى الساحلي وتعالت فيها أصوات النواب والجماهير تنديدا بغياب الحكومة ودورها السلبي "المزعوم" في إسقاط القروض عن السكان المحليين. وتقدر الديون الشخصية المستحقة على المواطنين الكويتيين بمليارات الدولارات. ويؤيد نحو 30 نائبا (من أصل 50) إسقاط الديون عن المواطنين، لكن الحكومة تعتبر ذلك نوعا من التبذير في المال العام عبر دفع ديون أشخاص لا يريدون بكل بساطة أن يسددوا ديونهم.
ويرى جاسم الشمري نائب رئيس قسم المحليات في صحيفة السياسة الكويتية أن طلب الحكومة تأجيل مناقشة إسقاط القروض يأتي في إطار "تكتيك حكومي" لتفكيك التوحد النادر بين الكتل الإسلامية والشعبية والليبرالية.
وتشير التقديرات إلى أن الحكومة ستتحمل قرابة خمسة مليارات في حين أن الموجودات في الكويت ارتفعت بشدة لتصل 166 مليار دولار بفضل ارتفاع أسعار النفط في العامين الماضيين، كما أن الكويت تملك 10 في المائة من احتياطي النفط عالميا، في وقت لا يتجاوز عدد المواطنين مليون شخص، وهو ما يجعلهم أقل من نصف السكان في البلاد (وافدين وبدون).
وقال وزير المالية بدر الحميضي الأسبوع قبل الماضي إن القروض الاستهلاكية في الكويت تبلغ 4.3 مليار دولار. وأكد الوزير أن الجهات الدائنة لم تشتك من أي مشكلات فيما يتعلق بدفع الديون المستحقة، بينما يقول النواب إن 60 ألف كويتي مهددون بالدخول إلى السجن بسبب عدم قدرتهم على دفع ديونهم.
وتؤكد الحكومة أنها أنفقت على مدى السنتين الماضيتين 5.5 مليار دولار على شكل منح وعلاوات لمواطنيها، وهي تعتمد نظام الدولة الحاضنة التي ترعى مواطنيها من المهد إلى المثوى الأخير، إذ لا يدفع مواطنوها أي ضرائب بينما يحصلون على الخدمات المعيشية كالماء والكهرباء بأسعار مدعومة جدا.
ويعمل أكثر من 90 في المائة من القوى العاملة الكويتية (مواطنون) المقدرة بنحو 320 ألف شخص، في القطاع العام ويحصلون على رواتب وتقدمات مالية سخية. ومتوسط الراتب في القطاع العام يبلغ 24 ألف دولار سنويا تقريبا بينما يبلغ معدل المدخول الفردي على مستوى الدولة 30 ألف دولار سنويا.
وحققت الكويت التي تضخ 2.5 مليون برميل من النفط الخام يوميا، فوائض في ميزانياتها على مدى السنوات السبع الماضية بلغت 54 مليار دولار بسبب ارتفاع أسعار النفط، كما تشير التقديرات إلى تسجيل فائض كبير هذه السنة أيضا.