رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أزمة الحركة في رمضان أكدت حاجتنا إلى الدراسات العلمية

<a href="mailto:[email protected]">fah_arab@yahoo.co.uk</a>

لم يواجه المواطن أو المقيم في معظم أنحاء المملكة هذا العام ما واجهه من مشكلات مرورية في شهر رمضان المبارك. لقد كانت الصحف تعج بتفاعلات الكتاب وصرخات الباحثين عن حلول, كما كانت مكاتب الموظفين بجميع مستوياتهم والعامة في المجالس يتناقلون معاناتهم تعبيرا عن استيائهم لما آلت إليه أوضاع المرور. البعض وجد طرفا للقضية واعتقد أنه بتغيير مواعيد الدوام بين جهازي التعليم والإدارات الخدمية ستحل المشكلة, وآخرون حملوا وضع الدوائر الحكومية في وسط المدينة أكبر الأخطاء, في حين أن فئة ذهبت إلى عدم استعداد الطرق للتنامي الكبير في أعداد السيارات وسلوك الناس في كيفية استخدام الطريق. في الواقع هي أكثر من عشرة عوامل رئيسة تحتاج إلى تمعن ودراسة والحاجة إلى حلها لا بد أن يكون قبل نهاية العطلة الصيفية للعام المقبل, لأن المماطلة في إيجاد حلول جذرية ما هي ألا تكديس للمشكلات يكلفنا أضعاف ما يمكن رصده من ميزانيات إذا ما بدأنا في اتخاذ التدابير اللازمة من الآن.
إن تزامن عودة المجازين من إجازاتهم, وبدء الدراسة في جميع المراحل التعليمية, وتحرك الجميع لشراء متطلبات المدارس, والاحتفال باليوم الوطني للمملكة, ودخول شهر رمضان المبارك, كانت في حد ذاتها أزمة توقيت, وللأسف ما حدث أخذ أبعادا لم تكن في الحسبان, فإضافة إلى ما ذكر من أنها مسألة توقيت, فهي مسألة تخطيط مدني, وتطوير تقني, وإدارة فاعلة للأزمات والطوارئ، فكيف سنتعامل مع هكذا أزمات في سنوات التنمية المقبلة التي طال انتظارها؟
إن مشكلة الماء "الجديدة القديمة" في جدة تسببت في ازدياد الزحام الذي تحول بعضه إلى اشتباكات يدوية وانتهى بعضها إلى طوارئ المستشفيات. في أبها ازداد عدد المتسولين بشكل خيالي حتى إن السير تعطل عند بعض النقاط. وقد أفصحت دراسة عن دخول ما يقارب 50 ألف متسلل سنويا لمنطقة عسير وتزداد كثافتهم في هذا الشهر الفضيل, والأدهى من ذلك أنهم يمارسون أعمالا غير مشروعة تعود على المجتمع بالضرر بكل أشكاله. في مكة المكرمة لجأ الناس إلى النقل الخاص غير المراقب أو المتابع أو المنظم الذي أصبح تعطيلا للحركة في حد ذاته إلى حد توقف السير.
كما أن الجهات المعنية لم تتحرك تجاه تشويه منطقة الحرم على وجه الخصوص والحالة تتكرر كل عام. أما في الرياض "صاحبة الأرقام القياسية" فقد كان معلوما أن هناك أكثر من 150 ألف سيارة تسجل في سجلاتها سنويا, إلا أن مخرج 11, ومخرج 12 للخط الدائري الشرقي مازالا يرميان بثقل المرور على المخارج الأخرى التي تستدعي قراءة دعاء السفر بعد خروجك من المنزل.
هذا بالطبع جانب، أما الجانب الآخر فما زالت البلديات مستمرة في منح التراخيص البلدية من دون دراسة للمواقع وحركة العمل والمرور حولها, وما زالت الشركات تقوم بإصلاحات الطرق في أي وقت خلال العام, حتى ولو كان في شهر الصيام. ومن متابعة لأحوال الناس "محور التنمية وأساس خططها", فقد كان تأخر المعلمات والطبيبات عن العمل صباحا وعن المنزل مساء سببا مقنعا لنشوب المشكلات العملية والأسرية ووصولها إلى حد الجزاءات في العمل والطلاق في الأسرة, وبالتالي تحملت المرأة في هذا الشهر الفضيل أكبر العبء لتنوع مسؤولياتها في المنزل والعمل والقيام بالأنشطة الحياتية الخاصة بها, ولا حلول عملية مطروحة على الساحة.
من ناحية أخرى تسببت هذه الأزمة في حرمان طلاب من دخول الفصول أو المحاضرات, وكم من موظف لقي من رئيسه التوبيخ، بل وصلت للمجازاة على التأخير, وكم من مناوبات لم تتم تغطيتها لخروج المنتهي دوامهم وتأخر وصول الموظفين المفترض مناوبتهم, وكم من مواعيد علاجية رفضت أو أجلت أو ألغيت, وكم من صفقة تأجلت إلى أجل غير مسمى لعدم مصداقية الطرف المتاخر, وكم من صائم جرح صيامه أو أفطر!, وكم .. وكم!.
لقد طالب المرور بتعديل وقت دوام العاملين في التعليم والجهات الحكومية الأخرى ولم يكن المطلوب تعديل موعد الدوام فقط, حيث إن إغفال تأثير معدلات نمو أعداد السيارات الجديدة على الطريق, والإصرار على اقتصار تقديم الخدمات من وسط المدينة, وتأخر حل أزمة النقل المدرسي والنقل العام, وتحديد مواعيد عمل قطاعات التعليم والصحة من دون دراسة جيدة, ورفض استخدام التقنية لإنجاز الأعمال والخدمات, دلائل على أن المشكلة أشمل من كونها تعديل دوام. الواقع يؤكد أننا في حاجة إلى دراسات مكثفة تأخذ في الحسبان أن هناك جنسين من البشر, وفئات متعددة من الأعمار, ومستويات وظيفية مختلفة, ومناوبات عملية للعديد من الخدمات .. إلخ، فلا يمكن أن نستمر في تجميل الظاهر ليكون المواطن في النهاية هو الخاسر. ثم هناك حاجة إلى دراسة لتقييم مستوى الأداء والمحصلة النهائية للعمل في رمضان, فلقد كان وما زال الطلاب في بعثاتهم في الخارج يصومون 19 ساعة, ويقفون في المعامل أكثر من 11 ساعة, ويؤدون كامل الفروض الدينية والدراسية من دون كلل.
أعتقد أن المشكلة سببتها الجهات الخدمية وتورط فيها المرور وتحمل تبعاتها المواطن الذي دفع الثمن في النهاية. عملياً: نحن في حاجة إلى إيجاد حلول للموظفين والمراجعين من خارج المدن, وقد يكون في افتتاح فروع للجهات الخدمية في مواقع مدروسة تخفف على المراجعين التحرك بين جنبات المدينة. كما نتوقع تشغيل النقل المدرسي لرفع كفاءة الطرق 30 في المائة على الأقل. أما أوقات الأعمال الإنشائية والإصلاحية للطرق والشوارع والجسور فلا بد من إعادة تنظيمها ومتابعة الشركات في رفع المخلفات حتى من الشوارع الخلفية.
ولإخلاء الشوارع من عادة الوقوف العشوائي، فالمدن الكبيرة في حاجة إلى مواقف السيارات متعددة الأدوار لتساعد على تسهيل الحركة المرورية وزيادة طاقة استيعاب الشوراع المرورية. أصبح ملحا أن يتم تشغيل إذاعة خاصة للنشرة المرورية على مدار اليوم، والاستفادة من رسائل الجوال والتقنيات المختلفة لحركة الإسعافات وسيارات الدفاع المدني. أما تعديل ساعات الدوام فأهميته تكمن في وجود الطلاب في مدارسهم أو كلياتهم, والموظفين في مكاتبهم, والمدرسين في مدارسهم, والأطباء في عياداتهم .. إلخ في الأوقات التي يتم إقرارها بعد استقصاء عام حول ذلك. وفي النهاية من الضروري جدا وضع زمن محدد يصل فيه برنامج الحكومة الإلكترونية إلى التشغيل الكامل, فما أحوجنا الآن لتسريع عجلة أداء الأعمال.
والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي