* بيع السلع التي يتم شراؤها باستدانة من تاجر وبيعها دون نقلها غير جائز

* بيع السلع التي يتم شراؤها باستدانة من تاجر وبيعها دون نقلها غير جائز

أكد فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عضو الإفتاء سابقا أن حكم شراء السيارات من البنوك بالأقساط الشهرية لا بأس به، خصوصا أن سعرها بالأقساط في البنوك أَرْخَصُ من غيرها وقال إنه لا بد أن يكون ذلك بشرط أن يملكها البنك قبل أن يعرضها للبيع، وقبل أن يُلْزِمَ الراغب في الشراء بها، فإذا ملكها البنك ودخلت في ملكه، وصارت مِنْ ماله لا يستطيع أن يَرُدَّها على المعرض انقطع الخيار، ثم بعد ذلك عرضها على الراغب في الشراء وقال: له اشتريتها من المعرض بـ 60، وأبيعها لك بـ 70، ولك الخيار، في هذه الحال يجوز شراؤها منه.
وأوضح فضيلته أن الشخص الذي يحتاج للاقتراض فالأفضل أن يشتري من صاحب المال حتى لا يكسب عليه مرتين، فإذا كان مثلا: محتاجا إلى نقود ليشتري سيارة، فليشتر سيارة دينا، فهو أولى له من أن يشتري مثلا طعاما، ثم يبيعه ويخسر فيه، ثم يذهب ويشتري سيارة، فيربحون عليه مرتين، فيقول لهذا التاجر: أريد سيارة، فيشتري له سيارة، ويبيعها إياه دينا، ونحو ذلك، إذا كان مثلا: يريد المال لأجل بناء، ونحوه؛ ليعمر بيتا، ونحوه؛ فإنه يشتري له الأدوات التي هو بحاجة إليها، ويبيعه إياها دينا، فيشتري له مثلا: الأسمنت والحديد والبلاط، وما أشبه ذلك، يشتريه هو، ويبيعه إياه دينا، ويربح عليه فيه ربحا عاديا، فيسلم من أن يخسر مرتين؛ حتى لا يقع في شبهة، ولا يقع في ضرر متكرر.
كذلك أيضا قد يحتاج إلى النقود؛ لأجل أن يشتري مثلا سلعا للزواج ونحوه، يشتري أثاثا، أو يشتري ثيابا، أو نحو ذلك، ففي هذا أيضا عليه أن يطلبه يشتريها له، ويبيعه إياها كذا وكذا ثوبا، وكذا وكذا عباءة، وكذا وكذا فراشا، وهكذا يشتريها، ويبيعها إياه دينا؛ حتى لا يتضرر مرارا، هذا هو أرفق به، هذه واحدة.
..الحالة الثانية: أن يضطر الإنسان إلى نقود؛ لوفاء غريم له ملح في طلب دينه، ولا يجد ما يعطيه، إلا أن يستدين من آخر، فنقول: إنه لا يجوز لصاحب الدين أن يلح ويظل، ولكن قد يكون محتاجا، وشديد الحاجة إلى ماله، فيلح عليك وأنت في أمل أن يأتيك مال، أو يصرف لك إعانة، أو نحو ذلك.
نقول: إذا أردت الاستدانة فكيف تفعل؟ وهذا ما يسمى: بالتورق، الذي هو شراء سلعة لأجل بيعها والانتفاع بثمنها.
فأولا: عليك أن تشتري من ذلك الغريم الذي سيدفع إليك المال، تشتري منه سلعا مفيدة، يمكن أن تروج وتشترى؛ حتى لا تخسر فيها مرارا، فتقول: أنا أريد عوض ألف، أعطني به سلعا تربح، فإذا قال: الألف هاهو موجود، في أي شيء أجعله؟ لا يجوز أن أعطيك ألفا بألف ومائتين دينا؛ لأنه عين الربا، أنا أعطيك إياه بسلع، أشتري لك به مثلا مائة ثوب، أو مائة عمامة، وأبيعك إياها، أشتريها بألف، أبيعك إياها بألف ومائتين، تأخذ هذه العباءات، تأخذ هذه الثياب، وهذه العمائم، وتبيعها بالتفريد أنت؛ حتى ربما تستفيد، ربما يكون رأس مالها بالإجمال ألفا نقدا، وعليك ألف ومائتان دينا، وإذا بعتها بالتفريق ربما تكون تربح فيها، وتكون بألف، وثلاثمائة، أو نحو ذلك، فلا يكون عليك ضرر في هذا، تقدر على أن تفرقها، تبيعها على فلان خمسا، وعلى فلان واحدة، وعلى فلان عشرة، تسير بها في القرى، أو في الدكاكين، أو نحو ذلك؛ حتى لا تتضرر.
وكذلك أيضا لو مثلا اشتريت، باعك مثلا خمسين كيسا من الأرز، أو نحوها، باعك إياها بألف ومائتين، وهو اشتراها بألف، فإنك تحملها على سيارتك، وتسير بها على أهل الدكاكين، وأهل البيوت، فهذا يشتري كيسا، وهذا يشتري اثنين، أو ثلاثة، فربما يكون ثمنك الذي بعتها به مقاربا لما اشتريتها به، فلا تخسر إلا قليلا، هذا هو النصيحة الثانية التي يكون فيها رفق بالمستدين، لا يكون عليه خسران مبين.
أما إذا تعاجلت، وقلت: كيف أصبر على تحميلها ؟! وكيف أصبر على تفريقها وبيعها؟! أنا أريد دراهم حالة بيدي الآن، لست من الذين يصبرون على التفريق، وعلى البيع، فإنه لا يجوز لك حينئذ أن تعمل هذا العمل إلا بشروط.
أولها: أن يكون الاتفاق على السلع، أن يكون الاتفاق على السلع كأن يكون مثلا ثمن السلعة - ثمن الكيس - مثلا مائة، فتقول: اشتريت منك هذا الكيس بـ 120 دينا، يقول: بعتك إياه بـ 120 دينا لمدة سنة، يكون الاتفاق على الكيس، لا أن يقول مثلا هذا الألف الذي سأشتري به هذه الأكياس عليك بألف ومائتين، لا بل يكون الاتفاق على كل سلعة، على كل كيس ربحه كذا وكذا، أو قيمته كذا وكذا؛ حتى لا تقول: في العشر عشر، وفي العشر اثنا عشر، أو في المائة عشرون، أو في الألف مائتان، أو ثلاثمائة؛ بل يكون قيمة السلعة فيها ما فيها من الربح، هذه واحدة.
وتناول الحالة الثانية فقال: إنه لا بد من الاستلام والحوز؛ فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تباع السلع حيث تبتاع؛ حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فصورة ذلك أنكم قد تكونون ثلاثة: أنت أيها المستدين، وصاحب النقود الذي سيدفعها إليك بربح، وصاحب الطعام الذي يبيعه، فيأتي صاحب الطعام، ويقول: أريد قيمة هذا الألف من هذا الطعام، من هذه الأكياس، ونحوها؛ فأعطني بهذا الألف، فيقول: عشرة هذه الأكياس بألف، فيدفعها إليه، صاحب النقود قد اشترى هذه الأكياس بألف، وسيبيعك إياها، لا يبيعك إياها وهي في موضعها حتى يحوزها، ويزحزحها، وينقلها إلى مكان آخر، فإذا نقلها قال: هذه الأكياس بعتك إياها بألف ومائتين، أو نحو ذلك، قلت: نعم، قد اشتريتها بألف ومائتين دينا لمدة كذا وكذا، فيكتب بينكما كاتب، فإذا أردت أن تبيعها لا قدرة لك على تفريقها، قلنا: لا تبعها وهي في موضعها أيضا، بل انقلها لنفسك، انقلها في مكان آخر، أنت أيها المستدين أجر من ينقلها، ويحوزها إلى مكان آخر، فإذا نقلتها، وصارت في مكان خاص، فهنالك تقول: من يشتري؟
يشتريها صاحب الدكان الذي باعها أولا، أو يشتريها غيره، إلا أنه لا يشتريها الذي دفعها إليك دينا، فهذه هي الصورة التي يكون الإنسان بها بعيدا عن الشبهات، وإن كان فيها نوع من التساهل؛ لكنها أسلم من غيرها.
أما كون الإنسان يبيعها، وهي في موضعها مرتين أو ثلاثا، فإن هذا لا يجوز؛ لمخالفته النهي الصريح نهى أن تباع السلع حيث تبتاع؛ حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، نهى البائع والمشتري.
كذلك أيضا ما ذكره الأخ أن بعضهم عنده صناديق فارغة، يقول: إن فيها خاما، إن فيها قماشا، ثم يقول: بعتك هذا الصندوق بألف ومائتين وهو فارغ، مثل هذا أيضا احتيال على الحرام، لا يجوز؛ وذلك لأنه لا بد من تحقق السلع ومعرفتها، معرفة أن هذا الكيس فيه طعام، أو فيه بر مثلا، أو أن هذا الرباط فيه قماش، أو فيه فراش، أو فيه عباءات، أو فيه عمائم، أو ما أشبه ذلك، ومعرفة نوع كل سلعة؛ حتى لا يكون الإنسان مخادعا لله.

الأكثر قراءة