رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الرفع من مستوى المدارس الحكومية عامل رئيس في حل الازدحامات المرورية

<p><a href="mailto:[email protected]">alfaizdr2@yahoo.com</a></p>

من الواضح أن مشكلات ازدحامات المرور في المدينة التي تعانيها المرور ووزارة النقل والأمانة, كما تعاني من حوادثها وزارة الصحة بسبب ما تتكلفه للعلاج والتلوث البيئي (الهيئة العليا للتلوث البيئي) وتخصص كل منها ميزانيات ضخمة لذلك.. فهل يتوقع أحد أن يكون حل ذلك في تقاعس وزارة التربية والتعليم عن الرفع من مستوى المعلمين والمدارس (الحكومية) العامة داخل الأحياء كماً وكيفاً؟ وبحيث يمكنها منافسة المدارس الخاصة أو على الأقل أن يكون هناك مستوى مقياسي موحد للجميع.
الرفع من مستوى المدارس الحكومية سيجعل أبناء كل حي سكني يسجلون في المدارس القريبة منهم وكذلك المعلمات بدلاً من مزاحمة الآخرين صباحاً وظهراً لتوصيل أبنائهم إلى مدارس خاصة في أحياء بعيدة ليخف جزء كبير من الازدحامات والحوادث المرورية التي أيضاً تكبد وزارة الصحة تجهيزات مكلفة لمعالجة المصابين ومشكلات التلوث البيئي.. ناهيك عن أهمية الوقت والساعات التي سنوفرها للمواطنين ورجال الأعمال والمهندسين والأطباء للوصول إلى أعمالهم لخدمة الوطن.

والأهم هو أن الكثير من المواطنين لن يحتاجوا إلى استقدام سائقين أو سيارات نقل معلمات وبمحرم أو حتى الحاجة إلى شراء سيارة إضافية وتكلفة صيانتها ووقودها. إن الوفر على الاقتصاد الوطني والإيجابيات كثيرة وتتعدى ذلك فهي ستساعد على الحد من استقدام العمالة الأجنبية ومشكلاتها وأمراضها الاجتماعية عوضاَ عن تسرب أموالنا إلى الخارج, والتخفيف في وارداتنا من السيارات وقطع الغيار. تخيلوا معي الآثار الإيجابية التي سنجنيها وسنوفرها على موظفي تلك الجهات الذين يمكن الاستغناء عنهم ليوفروا على الدولة جزءا من ميزانيتها. وكمية الوفر الذي نجنيها من الحد من تلك الرحلات والمشاوير التي تساعد على عدم تعرض طرقنا للضغط الكثير عليها مما يطيل في عمرها ويوفر في صيانتها.
وإذا كان المانع مالياً فلعلنا نجد مرونة من وزارة المالية لتسخر بعض ميزانيات وزارة المواصلات والأمانة والمرور والصحة وكذلك الإعانات التي تقدمها لمدارس القطاع الخاص وغيرها للرفع من مستوى المعلمين والمدارس الحكومية وسط الأحياء, وذلك بالتدريب والابتعاث والمباني الجذابة. لدرجة تمكن سكان الحي من تسجيل أبنائهم في تلك المدارس وتخفيف الازدحامات المرورية في المدن.

الازدحامات المرورية هي أحد أهم المواضيع التي ما زالت الشغل الشاغل لمن سبقونا في مواجهة هذه المشكلات. وهي في صلب علم التخطيط الذي لا نفقه ولا نؤمن بأهميته. وتشير الأبحاث التخطيطية في نظرية التحضر الحديث New Urbanism إلى أن تصميم الأحياء السكنية وكفاءة الخدمات التي توفرها لسكانها لهما أثرهما البالغ في حل المشاكل المرورية. فالتخطيط هو سلسلة من الأنشطة والخطوات التي تسير وفق برامج زمنية بهدف الحصول على بيئة عمرانية حضرية تتماشى مع متطلبات المجتمع. وهو علم متشعب ومترابط مع مع جميع الجهات الخدمية للمدن. ويزعم كل أنه يعرفه بينما لا يفهمه إلا القليل. لذلك فإن الكثير من المسؤولين يجهلون مفهوم ومعنى التخطيط, بل إنهم يخلطون بين مفهومين مختلفين لكلمة تخطيط. ويخلطون بين أنواع التخطيط المختلفة وعلم الهندسة. فهناك فرق كبير بين العلمين, كما أن هناك اختلافا بين التخطيط الوطني (القومي والمحلي) National Planning والتخطيط العمراني Urban Planning. فالتخطيط يعنى بوضع سياسات مستقبلية مبنية على أسس ومتغيرات داخلية وخارجية ومبنية على احتمالات وتوقعات مستقبلية ومحاولة التنبؤ بالتأثيرات المستقبلية وكيفية تجنبها للنهوض بالناتج القومي. والخلط بين هذين النوعين ما زال مستمراً لدى بعض الناس, فهم تارة يلومون ويرجعون مشكلات التخطيط الوطني إلى البلديات أو العكس.
ومع أن هذين النوعين من التخطيط مختلفان تماماً إلا أنهما مرتبطان بحيث إن أي تغير في التخطيط الوطني يترك أثرا كبيرا في التخطيط العمراني.
والمثال الذي طرحته عن الازدحامات هو فقط إحدى المعضلات التي لا يحلها إلا التخطيط . فعلى سبيل المثال إذا أردنا أن نعرف معوقات إيجاد حلول لأية أزمة في المياه أو الكهرباء أو الصحة أو المواصفات وجب علينا أن نعرف من الذين يقفون خلف هذه المهزلة. فغالباً نجد أن مشكلات أي جهة حكومية أو خدمية سببها تقاعس جهة أخرى عن واجبها الوطني. والأمثلة على ذلك كثيرة.
والمخطط عادة يكون ملما وعلى دراية وإلمام بدراسة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للمدينة وكيفية تسيير الأمور والاستفادة من الأوضاع الحالية وتسخيرها للنمو بالمستوى الحضاري للإنسان وللحصول على مدن مثالية. وبناءً على ذلك فإن المخطط الملم بهذه التخصصات ولديه قاعدة معلومات جيدة عن تعداد السكان واستعمالات الأراضي والتوقعات المستقبلية للنمو السكاني وتفاوت هذا النمو بالنسبة إلى كل مرحلة من مراحل العمر والجنس (شرائح الهرم السكاني) ومدى التغير الاجتماعي والاقتصادي. يستطيع أن يلبي متطلبات كل نوع أو شريحة من الأعمار وربطها بالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع. فلو أشارت الإحصائيات إلى وجود مواليد لهذا العام فإنه لا بد من التخطيط لتوفير المدارس الابتدائية المناسبة بعد سبع سنوات من الآن. ومدارس متوسطة للعدد نفسه بعد 12 ـ 13 سنة.
كما أنه من المعروف تخطيطيا أن اختيار الموقع للخدمات وغيرها هو علم مهم وقائم بذاته وله نظرياته ويتم عقد مؤتمرات علمية سنوية ودورية لتطويره. وهو علم يقوم أساساً على عمليات أنظمة ونماذج حاسوبية Simulation Models وباستخدام نظريات الجاذبية وعلاقتها بالمسافات التي يمكن توفيرها على الأغلبية من السكان. وأخيرا تم ربط هذه النظريات بنظام المعلومات الجغرافي GIS, الذي يعطي أفضل الطرق لاختيار أنسب المواقع المثالية للخدمات وتلبي حاجة الجميع دون إضرار.
هذه الأمثلة التي سردتها هي في الواقع لا تشكل إلا جزءا بسيطا من المشكلات الواضحة أو التي لم تظهر بعد والتي يجب توجيه المسؤولين في قطاعي التخطيط الوطني والبلدي إلى أهمية الربط بين هذين الجهازين, فإن ما يشرعه الجهاز الأول يجب أن ينظمه ويتأكد من تنفيذه الجهاز الثاني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي