مؤتمر الطاقة في عاصمة الطاقة
"أمطري حيث شئت فخراجك سيأتيني", هذا ما قاله أحد الخلفاء إشارة إلى اتساع رقعة الدولة الإسلامية في عهده، وفي عهد الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس كانت قرارات العالم تصنع في لندن، أما اليوم فمصير العالم الاقتصادي يصنع في المنطقة الشرقية فهي عاصمة الطاقة بلا منازع وفيها يتم إنتاج وتصدير الوقود الذي يحرك مصانع وطائرات وسيارات وكهرباء العالم.
إن المملكة تتربع اليوم على قائمة الدول المصدرة للنفط وتمتلك ربع احتياطياته المكتشفة وإنتاجه يغطي كل العالم، ولا يهمنا أين ومتى وكيف يجتمع مسؤولو الطاقة في العالم, فالقول الفصل لنا ويصنع في مملكتنا. وها هي المملكة تسير خطواتها الواثقة لتتربع على عرش الغاز وتمتلك أكبر تجمع للصناعات البتروكيماوية في العالم. الظهران, الدمام, بقيق, رأس تنورة, العضيلية, شيبة الغوار, الجبيل, والجعيمة تمثل ركائز صناعة الطاقة في العالم .
لذا فمن الطبيعي والواجب أن تحتضن المنطقة الشرقية مؤتمر الطاقة بل كل مؤتمرات الطاقة والنفط والغاز والبتروكيماويات. نعم يجب أن يجتمع المسؤولون والفنيون حيث تنتج وتصنع وتصدر الطاقة.. في المنطقة الشرقية عاصمة الطاقة.
لقد كان أحد أهدافنا الاستراتيجية في الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية خلال الدورة الرابعة عشرة أن تتبنى غرفة المنطقة الشرقية إقامة مؤتمر اقتصادي عالمي يعزز مكانة المنطقة الاقتصادية، ووجدنا أن أهم ما يميز المنطقة الشرقية ليس عن مناطق المملكة فحسب بل عن مدن العالم أجمع هو أهميتها وثقلها الكبير في صناعة الطاقة. وتزامن هذا الجهد مع فتح المملكة باب المنافسة العالمية للتنقيب عن الغاز في المملكة، وعمل فريق العمل في الغرفة الذي كان لي شرف رئاسته لمدة سنتين للتخطيط والتنظيم أول منتدى عالمي للغاز في أيار (مايو) 2004، وتزامن مع توقيع المملكة اتفاقيات الغاز مع الشركات الروسية والصينية والإيطالية والإسبانية لاستكشاف الغاز في شمال الربع الخالي. ولقد حقق المؤتمر نجاحا كبيرا ومتميزا واستقطب اهتماما عالميا جديدا للمنطقة الشرقية. ولقد كان أهم ركائز نجاح المنتدى الأمير فيصل بن تركي، مستشار وزير البترول لشؤون الغاز الذي دعم المنتدى بكل قوة وتابع تفاصيله بكل دقة وحضر كل دقيقه منه حتى آخر كلمة، كما كان للمهندس خالد الفالح، نائب الرئيس الأعلى في "أرامكو السعودية"، فضل كبير في نجاح المؤتمر من خلال دعمه ومتابعته كل التفاصيل.
اليوم، وبعد عامين على نجاح المنتدى الأول تحتضن غرفة المنطقة الشرقية المنتدى الثاني للطاقة مؤكدة أهمية المنطقة الشرقية كعاصمة للطاقة، ومرسخة أهمية هذا المنتدى على خريطة منتديات الطاقة العالمية. إن أنظار الشركات العالمية تتجه اليوم إلى المنطقة الشرقية للتعرف على آخر التطورات والاكتشافات في صناعة النفط وعن نجاحات الشركات العالمية التي وقعت اتفاقيات استكشاف الغاز مع المملكة وخططها المستقبلية، وسيستمعون إلى خطط التوسعات الضخمة في الجبيل والاستثمارات الجبارة في صناعة البتروكيماويات. وسيجدون الفرصة الرائعة للاطلاع على الفرص والمشاريع الاستثمارية في المنطقة ولحجز مقاعد لهم في رحلة النجاح في المنطقة الشرقية.
إن ما تمتلكه المنطقة الشرقية من مقومات وموارد وفرص في مجال الطاقة يخلق تحديا علينا جميعا للعمل على إبراز هذه الإمكانات والفرص وتوجيه الاستثمارات للاستفادة القصوى لتنمية اقتصاد المملكة وتعزيز موقع المنطقة الشرقية كعاصمة للطاقة ليس من خلال تصدير النفط والغاز والبتروكيماويات فقط، بل بجعل المنطقة مركزا لكل الصناعات والخدمات والاستشارات والاختراعات والمؤتمرات المرتبطة بالطاقة. نتطلع إلى أن تكون المنطقة أكبر مركز لشركات التنقيب وشركات الحفر وشركات هندسة النفط وكل الصناعات المرتبطة بالطاقة، وأكبر مصدر لتقنيات وخدمات الطاقة، وتحتضن أهم المعاهد ومراكز أبحاث الطاقة. وأتمنى من "أرامكو السعودية" وشركة سابك أن تتحملا مسؤوليتهما وتستثمرا لتحويل المنطقة إلى مركز لصناعة الطاقة بكل مجالاتها، وسيجنيان ثمار هذه الاستثمارات على المدى الطويل.
وأتمنى للمنتدى النجاح والتوفيق، ونشكر الغرفة والقائمين على المنتدى لجهودهم المميزة وعلى رأسهم رئيس مجلس إدارة الغرفة ومهندس نجاحاتها المتميزة عبد الرحمن الراشد، وأتقدم باقتراح إلى رئيس مجلس الإدارة وهو تأسيس أمانة دائمة للمنتدى تتابع نتائج أعماله وتتواصل مع الفعاليات والشركات ذات العلاقة وتخطط بشكل مبكر للمنتدى المقبل، وأقترح أن تتبنى غرفة الشرقية خطة متكاملة لإطلاق المنطقة الشرقية كعاصمة عالمية للطاقة والتعاون مع شركات الطاقة في المنطقة لتنفيذها.
والله الموفق.