رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بعد ترشيد الماء..هل يمكن ترشيد استهلاك الدواء؟ (1 من 2)

<a href="mailto:[email protected]">fah_arab@yahoo.co.uk</a>

لا شك أن الماء هو أكسير الحياة, والمجتمع كله بشرائحه كافة مطالبون بالحفاظ عليه وترشيد استهلاكه إن كنا فعلا نهتم باستدامة التنمية. وما تحقق خلال العامين الماضيين منذ تدشين الحملة من لدن خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله والتي أثمرت حصول المملكة على درع التكريم الدولي من منظمة التحلية العالمية وغيرها من الشهادات والجوائز الدولية, ما هو إلا ترجمة للإصرار الوطني ومن أركانه كافة بتقنين استهلاك أغلى مادة في الوجود. وحسبي أن هذا الإنجاز لن يكون مجرد حملة بل أسلوب حياة يكفل لنا استدامة رغد العيش وسيكسبنا احترام المجتمع الدولي, ويستوجب بذلك شكر الله على نعمائه.
اليوم نقف وننظر إلى هذه النجاحات آملين أن تتواصل الواحدة تلو الأخرى, فمن وجهة نظري يمكن أن نبدأ بتسليط الضوء على الإنسان الذي اهتم بحياته في تلك الظروف الصعبة لنهتم بصحته ولدينا أفضل الإمكانيات ويمكن تذليل كل الصعاب في سبيله. في الواقع لا يقل الدواء من حيث أهميته لعيش الإنسان في صحة وعافية. فإذا كان الماء أساس حياة الكائنات الحية ومنها الإنسان فبالدواء يمكن أن يشفى هذا العليل ويبرأ ذاك السقيم. كما يمكن أن تتدهور صحته وقد تنهى حياته بيده جهلا منه أو نتيجة خطأ ارتكبه بعض من أفراد مجتمعه. لقد أصبح الدواء مصدر قلق لدى المواطن والمجتمع بصفة عامة بعد أن لمس تأثيره السلبي نتيجة سوء استخدامه أو عدم الاهتمام والتأكد مما يتناوله. أما من ناحية سعره فلارتفاع أسعار بعض الأنواع والأصناف, وندرة أو عدم وجود أصناف أخرى منه, فقد استدعى ذلك لجوءَهُ للبدائل التي بدأت مخاطر استعمالها تتفشى. ولقد قامت جهات عدة بدراسات مختلفة في معدل حجم استهلاك الدواء ونشرت بعض الدراسات التي جعلت ذوي الاختصاص يكتبون من فترة لأخرى عن ذلك, إلا أن المحاولات محدودة ومحصورة في حجم الاستهلاك والإنفاق ونوع المستهلك وضرر بعض الأدوية منها على صحة الإنسان دون تخصيص حملة (برنامج) على مستوى المملكة تعنى بترشيد استهلاك الدواء.
حسب التقارير الصحافية المبنية على دراسات من جهات خارجية, فإن حجم الصرف على الدواء في المملكة بلغ أكثر من 1.6 مليار دولار سنويا, بنسبة زيادة سنوية تقدر بـ 10 في المائة. مما يعني أن الرقم سيتضاعف في أقل من عشرة أعوام من الآن وفي مجتمع قد يتعدى آنذاك الـ 30 مليون نسمة بقليل. في الجانب الأكثر ظلمة تظهر نتائج بعض الدراسات المبدئية وغير الرسمية حيث يرقد مئات المرضى في كثير من المستشفيات ولم يكونوا في حاجة إلى ارتياد الطوارئ أو حتى التنويم لولا إنهم تناولوا أدوية خطأً أو بطريقة خاطئة. وتعضد هذه النتائج إحدى الدراسات التي أجريت في إحدى الجامعات الكندية عن أحد المستشفيات التي خلصت إلى أن (26 في المائة) من الحالات التي تصل إلى طوارئ المستشفيات يمكن تفاديها إذا ما تم الاهتمام بوصف الدواء المناسب وتم تناوله بالأسلوب المناسب وحسب الأصول المتبعة في تناول الأدوية. هنا في المملكة نحتاج إلى مثل هذه الدراسات وغيرها للتعرف على حجم المشكلة الحقيقي, ومن ثم وضع حد لها لأهمية توعية المجتمع, مما قد يكون سببا في تدهور وضعهم الصحي والاقتصادي أيضا. قد نبدأ بتنامي مبيعات السوق السعودية الذي يعتبر الأكثر بين الأسواق العربية, ويعتبر الفرد السعودي ثاني أكبر مستهلك للدواء في الدول العربية والإسلامية والأكبر استهلاكا للدواء في الدول الخليجية بصرفه 55.7 دولار سنويا على الدواء فقط. ومن المهم أن نعتمد على الإحصائيات, فحسب إحصائيات عام 2004م توجد في المملكة 3244 صيدلية, تستأثر مدينة الرياض وحدها بـ 32 في المائة منها. ويعمل في مجموع الصيدليات في المملكة 5387 صيدليا, تتقاسم مدينتا الرياض وجدة أكثر من60 في المائة من هذه الأعداد. من ناحية ردود الفعل, ففي الواقع تشدد الأوساط الطبية والصحية كافة على خطورة الاستخدام العشوائي للأدوية في علاج الأمراض. إذا كانت هذه مصيبة, فالمصيبة أعظم إذا علمنا أن المختصين والمسؤولين في القطاعات المقدمة للخدمات الصحية كافة يعزون انتشار هذه الظاهرة إلى نقص التوعية الصحية للمواطن ونقص ثقافته الصحية, إضافة إلى أسباب أخرى مثل تحول الصيدلية إلى أشبه ما يكون بسوبر ماركت يعمل بها أشباه صيادلة. هذا ما يقودنا إلى سؤال هؤلاء المختصين والمسؤولين: وماذا فعلتم أو فعلنا للمواطن حيال ذلك؟
لإقناعنا نريد أرقاما وتواريخا وتحليلا إحصائيا للإجابة, فالأمر بهذه الكيفية يشكل خطرا على الصحة العامة، والدواء وحسب رأي أساتذة وأطباء المجتمع سلاح ذو حدين، حتى لو وصفه طبيب استند إلى تشخيص غير دقيق للحالة, فكيف إذا تناول الفرد العلاج دون وصفة طبية؟ لقد علل الأطباء والصيادلة أسباب تفاقم مشكلة عدم ترشيد استهلاك الدواء لأسباب عدة أهمها: (1) تجنب زيارة الطبيب توفيرا للتكاليف, مع إعادة شراء الدواء لمرض سبق أن أصيب به المريض من قبل من دون زيارة مجددة للطبيب. (2) تعاطي الدواء بناء على ثقة المريض بشخص آخر ليس صيدليا أو طبيبا, أو الحصول عليه بناء على نصيحة عبر الهاتف أو الإنترنت. (3) الإعلانات الدعائية التي تلعب الوسائل الإعلامية دورا كبيرا فيها, مما ترتب على ذلك سوء الوضع الصحي. ويضيفون أن أكبر الأخطار التي يمكن أن يمنى بها المريض هو تعاطيه لأدوية مغشوشة أو منتهية الصلاحية عبر أسلوب تقليد العبوات الدوائية, أو بيعها بين أفراد المجتمع بأساليب تجارية مختلفة. كما أن تناول أدوية تم وصفها من قبل الصيدلي كعلاج بديل يستوجب الاستشارة الطبية قبل صرفه وتناوله. لذلك.. من المسؤول عن كل هذه الأخطاء؟
من وجهة نظري فإن هدر الدواء مسؤولية مشتركة بين القطاعات الصحية العامة والخاصة والمواطن, ولكن لا يمكن أن يكون المواطن هو المخطئ دائما. فهناك رصد للكثير من المخالفات التي يقع ضحيتها المريض, مثل التقارير الإخبارية التي تطالعنا بها الأوساط الإعلامية في الكشف عن كميات كبيرة من أدوية منتهية الصلاحية سواء لسوء التخزين أو عدم التخلص منها حسب الأصول. كما أن القطاع الخاص يشترك في جزئية اقتصادية كبيرة من المشكلة, وأهمها غياب القوى العاملة المتخصصة في مجال الرعاية الصيدلية. وسواء كان السبب سوء التخزين أو ضعف التوعية الصحية... إلخ, فلا بد أن نقول إن المشكلة بدأت تتعقد أخيرا في جملة أخطاء تداخلت فيها المسؤوليات مما يستدعي مناقشة الحلول بشفافية, وهذا ما سيطرح في الجزء الثاني من المقالة, إن شاء الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي