حكومة إلكترونية سعودية.. تجربة أوروبية
<a href="mailto:[email protected]">mjadeed@hotmail.com</a>
اختتم أمس الأول المنتدى الثالث للحكومة الإلكترونية تحت شعار "نحو تطبيق أمثل للأعمال الحكومية إلكترونياً". خرج المنتدى ببعض التوصيات المهمة حول تنفيذ مشاريع البنية التحتية والخدمات الإلكترونية الحكومية، التي تندرج تحت إطار الأمر السامي الكريم في آيار (مايو) الماضي والمتضمن تخصيص مبلغ ثلاثة مليارات ريال لتنفيذ مشاريع البنية التحتية والخدمات الإلكترونية الحكومية لتقديم 150 خدمة إلكترونية حكومية.
تزامن المنتدى مع الأمر السامي الكريم يعني انتقال الحكومة الإلكترونية السعودية من مرحلة التخطيط الاستراتيجي إلى مرحلة التنفيذ الاستراتيجي.
من التجارب الدولية في مجال التنفيذ الاستراتيجي لتطوير الأعمال الإلكترونية الجديرة بالقراءة تجربة الاتحاد الأوروبي، فيما يسمى باستراتيجية لشبونة. سبق أن تناولت بالشرح والمقارنة الجانب التخطيطي الاستراتيجي لاستراتيجية لشبونة بجانب التخطيطي الاستراتيجي للخطة الوطنية لتقنية المعلومات (جريدة "الرياض" – عدد 13574 – تاريخ 23 آب (أغسطس) 2005). وسأتناول فيما يلي جانب التنفيذ الاستراتيجي لاستراتيجية لشبونة.
أقر رؤساء الاتحاد الأوروبي في قمتهم الاعتيادية في آذار (مارس) 2000م استراتيجية اقتصادية عشرية تهدف إلى جعل الاتحاد الأوروبي بحلول 2010م صاحب أفضل اقتصاد معلوماتي عالمي قادر على المنافسة الدولية والمحافظة على النمو الاقتصادي.
عرفت هذه الاستراتيجية باستراتيجية لشبونة نسبة إلى العاصمة البرتغالية لشبونة، المكان الذي عقدت فيه القمة الأوروبية.
كان الدافع الرئيسي لإقرار الاستراتيجية مواجهة التحديات الاقتصادية التي واجهها الاتحاد الأوروبي نهاية التسعينيات الميلادية، والتي من ضمنها اشتداد حدة المنافسة الاقتصادية مع الاقتصاد الأمريكي والياباني وانخفاض معدل النمو السكاني.
عنيت استراتيجية لشبونة بتوحيد سياسات الاتحاد الأوروبي الاقتصادية، الاجتماعية، والبيئية وإنشاء آلية عمل لتبادل التجارب بين أعضاء الاتحاد.
اعتمدت استراتيجية لشبونة بشكل كبير على ثلاثة مبادئ اقتصادية: التركيز على الإبداع كوسيلة للإصلاح الاقتصادي، التعلم من التجارب السابقة لأعضاء الاتحاد، والتحديث المستمر في السلوك الاجتماعي والبيئي.
بنيت استراتيجية لشبونة على فرضية أساسية تتلخص في أنه كلما قوي الاقتصاد زادت فرص العمل، وكلما استمرت زيادة فرص العمل تقدمت عجلة النمو الاقتصادي.
نصت الاستراتيجية على توفير خمسة متطلبات أساسية: تحقيق التوازن الاقتصادي، زيادة معدل التبادل التجاري، وحجم السوق الأوروبية المشتركة، ونسبة القوى العاملة، وتقليص الفروق الاجتماعية، ونشر الثقافة المعلوماتية.
نفذت استراتيجية لشبونة على محوري العرض والطلب في آن واحد. فمن جهة العرض، نشرت استراتيجية لشبونة تقنية المعلومات في جميع قطاعات المجتمع الأوروبي، من قطاع الأعمال، مرورا بالمؤسسات العامة، وصولا إلى مراحل التعليم العام.
حيث عمدت استراتيجية لشبونة منذ بداية هذا العقد على تشجيع المؤسسات العامة والخاصة لإعادة هندسة إجراءات أعمالها بما يتناسب مع متطلبات الاقتصاد المعلوماتي.
أدى ذلك التشجيع، من جهة، إلى زيادة عمليات التجارة الإلكترونية كالسياحة الإلكترونية والخدمات المصرفية ومبيعات التجزئة. ومن جهة أخرى، إلى تفعيل دور الحكومات الإلكترونية كخدمات البلدية والمرور والهجرة.
أما من جهة الطلب، فقد عمدت استراتيجية لشبونة على زيادة وعي المجتمع الأوروبي من خلال تأهيل الكوادر البشرية في سوق العمل سواء الحالية أو المقبلة لتكون مؤهلة للاستخدام الفعّال لمثل هذه الخدمات.
حيث دعمت مخصصات التدريب التقني للموارد البشرية وفتحت مجالات التعليم العالي التقني عن طريق زيادة عدد المنح الدراسة والتخصصات الأكاديمية.
أتبع ذلك بالاستثمار في البحث العلمي عن طريق تخصيص ما نسبته 3 في المائة من إجمالي الدخل القومي لدعم مراكز الأبحاث في الجامعات الأوروبية بهدف زيادة التركيز على الأبحاث العلمية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات.
ومن ناحية تأهيل الكوادر البشرية المقبلة في سوق العمل، تم البدء في مشروع تحويل مدارس التعليم العام إلى ما يعرف بالمدارس الذكية Smart schools، وإدخال تخصصات الاتصالات وتقنية المعلومات كمجالات أكاديمية جديدة متاحة لطلاب وطالبات التعليم العام بدءا من المرحلة الدراسية المتوسطة.
إن من الأهمية بمكان أن تنفيذ الاستراتيجية يجب أن يتزامن مع تقييم الأداء وتقويم الإيجابيات والسلبيات لضمان أن الجهود المبذولة لتحقيق هدف الاستراتيجية تسير في الطريق الصحيح.
لم تغفل استراتيجية لشبونة هذا الجانب المهم من التنفيذ. حيث أقرت استراتيجية لشبونة مراجعة سنوية لما تم إنجازه نحو تحقيق هدفها الأساسي. حيث تقوم المفوضية الأوروبية بمراجعة أداء كل الدول الأعضاء في تنفيذ بنود استراتيجية لشبونة وإجراء المقارنات البينية بين أعضاء الاتحاد من جهة وبين الاتحاد الأوروبي ونظرائه من التكتلات الاقتصادية الدولية الأخرى كالأمريكية والآسيوية.
من أحد أهم الفوائد التي نستخلصها من تجربة الاتحاد الأوروبي في تنفيذ استراتيجية لشبونة أهمية النظر إلى جميع الأبعاد الاستراتيجية المباشرة وغير المباشرة عند تنفيذ الخطط الاستراتيجية. ومن ثم تطوير وتوفير الاحتياجات اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية، مع مراعاة أهمية تقييم الأداء وتقويم الإيجابيات والسلبيات بشكل مستمر لضمان أن الجهود المبذولة لتحقيق هدف الاستراتيجية تسير في الطريق الصحيح.
تهنئة
يسرني أن أهنأ جميع القرا ءالأفاضل بحلول شهر رمضان المبارك سائلا الله عز وجل أن يرزقنا صيامه وقيامه وأن يعيده على الأمة الإسلامية وهي ترفل في ثوب العزة والفخر والتمكين.