دراسة: البطالة تهدد طفرة اقتصادات الخليج

دراسة: البطالة تهدد طفرة اقتصادات الخليج

حذر خبراء اقتصاد من أن أنماط النمو الاقتصادي في دول الخليج وصلت إلى مدياتها القصوى، واستنفدت عناصر قوتها وديمومتها، خصوصا على صعيد توفير الوظائف المناسبة لمئات الآلاف من الشباب الخليجيين، مطالبين بالتفكير الجدي في إعادة هيكلة نمط النمو الاقتصادي الخليجي بهدف الانتقال من مرحلة الدول النامية إلى مرحلة الدول النامية حديثة التصنيع التي تسبق مرحلة الدول الصناعية المتقدمة.
وأكد الدكتور عبد الله الصادق الخبير الاقتصادي والأمين العام لمركز البحرين للدراسات والبحوث في دراسة متخصصة حول "السياسة الاجتماعية بمنظور اقتصادي بحرينيا وخليجيا" أن ما حققته اقتصادات دول المجلس انعكس على تطور مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية وتقدمها، إلا أن عناصر نجاح هذا النموذج استنفدت بالفعل. وهذا ما أكدته الدراسات الماكرو - اقتصادية التي أجريت أخيرا.

في مايلي مزيداً من التفاصيل :

حذر خبراء اقتصاد من أن أنماط النمو الاقتصادي في دول الخليج وصلت إلى مدياتها القصوى، واستنفدت عناصر قوتها وديمومتها، خصوصا على صعيد توفير الوظائف المناسبة لمئات الآلاف من الشباب الخليجيين، مطالبين بالتفكير الجدي في إعادة هيكلة نمط النمو الاقتصادي الخليجي بهدف الانتقال من مرحلة الدول النامية إلى مرحلة الدول النامية حديثة التصنيع التي تسبق مرحلة الدول الصناعية المتقدمة.
وأكد الدكتور عبد الله الصادق الخبير الاقتصادي والأمين العام لمركز البحرين للدراسات والبحوث في دراسة متخصصة حول "السياسة الاجتماعية بمنظور اقتصادي بحرينيا وخليجيا" أن ما حققته اقتصادات دول المجلس انعكس على تطور مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية وتقدمها، إلا أن عناصر نجاح هذا النموذج استنفدت بالفعل، وهذا ما أكدته الدراسات الماكرو - اقتصادية التي أجريت أخيرا وأوضحت أن نمط النمو في هذه الدول ارتبط بشكل أساسي على نمو العمل الذي اعتمد بدوره على تدفق العمالة الأجنبية، وأغلبها من العمالة غير الماهرة. وذكر أن الـ 25 عاما الماضية شهدت زيادة في العمالة الأجنبية في أسواق العمل في دول الخليج بمعدلات مرتفعة، فارتفع حجم هذه العمالة من 1.1 مليون عامل عام 1975 إلى 7.7 مليون في 1990 ليصبح الرقم 8.1 مليون عام 2002.
وتمثل العمالة الأجنبية في المتوسط من 60 إلى 70 في المائة من إجمالي العمالة في دول الخليج.
وأضاف الصادق، أن نسبة العمالة الأجنبية في سوق العمل الخليجية وصلت إلى حدها الأقصى، ولا يمكن الاستمرار في نمو هذه العمالة دون أن تتعرض الكيانات الاقتصادية والاجتماعية لمخاطر جسيمة يفاقم من حدتها تراجع أسعار النفط ودخول المنطقة في نزاعات عسكرية استنزفت الكثير من مواردها، لذلك لم يكن غريبا أن شهدت هذه الاقتصادات خلال العقد والنصف الماضي ظهور مشكلات البطالة، تذبذب معدلات النمو، تراجع الاستثمار، وضعف الإنتاجية الكلية، وفوق ذلك أدى العجز عن الإدارة الصحيحة لسوق العمل إلى أن تتحول العمالة الأجنبية إلى أداة إغراق اجتماعي ارتبط بها الكثير من المشاكل كتشجيع القطاعات كثيفة العمالة ذات الأجور المنخفضة والإنتاجية المتدنية.
ودعا إلى اعتماد سياسات لتطوير الجوانب الاجتماعية المتصلة بنماذج التنمية الاقتصادية في دول المجلس وهي وضع استراتيجية واضحة للتنمية الاجتماعية، تبني سياسات الماكرو - اقتصادية "معدل نمو اقتصادي مستديم ومعدل بطالة منخفض واستقرار الأسعار"، إعادة هيكلة سوق العمل، وتعزيز البنية المؤسسية للأنشطة الاقتصادية غير المنظمة ومكافحة الفقر.
ويرى خبراء أن إعادة هيكلة سوق العمل في دول المنطقة يجب أن تنطوي على التعامل مع ثلاثة تحديات أساسية هي: السبل المختلفة لإعادة هيكلة سوق العمل، دور القطاع الخاص في توظيف الأيدي العاملة المحلية، ودور التدريب في إيجاد عمالة ماهرة وموائمة لإعادة هيكلة سوق العمل.
وفيما يخص القضية الأولي وهي السبل المتاحة لإعادة هيكلة سوق العمل، يلاحظ الخبراء أن سوق العمل – كأية سوق أخرى- لها جانبان: العرض والطلب، وأن إعادة هيكلة سوق العمل تعني بالتالي اتخاذ إجراءات لتنظيم كلا الجانبين. ففي جانب العرض، تطول الإجراءات التنظيمية تطوير أنظمة التعليم ومناهجه وتطوير معاهد التدريب وتعزيزها، ولاسيما معاهد العلوم التطبيقية، كذلك تنظيم استيراد الأيدي العاملة الأجنبية وتوظيفها والقضاء على ظاهرة العمالة الأجنبية السائبة أو ما يطلق عليها في بعض دول المجلس بالفري فيزا، ووجود قرار على أعلى المستويات لإنهائها.
وأيضا التعامل مع القضايا الخاصة بزيادة معدلات إسهام المرأة في العمل ودراسة الأنماط والتقاليد الاجتماعية وتأثيرها في عزوف الشباب الخليجي عن بعض الوظائف المتوافرة. أما في جانب الطلب، فإن إجراءات التنظيم يجب أن تشمل رفع معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي لإيجاد مزيد من الوظائف الجديدة، تطوير الأنشطة الاقتصادية المولدة للوظائف للأيدي العاملة الوطنية وتعزيزها وليس تلك المولدة للوظائف الرخيصة فحسب، واتخاذ الإجراءات الضرورية الخاصة برفع كفاءة وإنتاجية العمالة الوطنية ودرجة تدريبها ومهارتها. كذلك اتخاذ الإجراءات الضرورية الخاصة بتحسين أجور العمالة الوطنية ورواتبها.

وبيّن الخبراء أن الهدف من إعادة هيكلة سوق العمل هو إيجاد انسجام بين جانبي العرض والطلب بحيث يلبي المعروض من الوظائف احتياجات الطلب عليها، وليس كما هو حاصل حاليا، حيث إن هناك عرضا من الوظائف لكن لا يلبي احتياجات الطلب.
وفيما يخص القضية الثانية، وهي دور القطاع الخاص في توظيف الأيدي العاملة الوطنية، يرى هؤلاء الخبراء أن أسباب ضعف مشاركة القطاع الخاص في العديد من دول المنطقة في علاج مشكلة البطالة مرده الأساسي العديد من المشاكل التي يعاني منها هذه القطاع الذي تضعف حجم دوره وإسهامه في إجمالي عجلة التنمية.
وعلى سبيل المثال غياب الاستراتيجيات الواضحة حول التنمية ومستقبل الاقتصادات الخليجية، كذلك ضعف إسهاماته في صياغة برامج التنمية والتشريعات الاقتصادية، علاوة على المشاكل التي يعاني منها في العديد من القطاعات ولا سيما في القطاعات الصناعية والسياحية والإنشائية، وكذلك غياب الشفافية والرقابة الإدارية ووجود البيروقراطية. لذلك فإن التعامل مع المعوقات المذكورة أعلاه وإيجاد حلول مناسبة لها سيسهم في تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الاقتصاد الوطني وبالتالي في توفير الوظائف.
وحول ما يشاع بشأن تردد القطاع الخاص في توظيف العمالة الوطنية، تظهر عدة أسباب هنا، أهمها تدني أجور العمالة الأجنبية، ضعف مستوى إنتاجية العامل الوطني مقارنة بالأجنبي، ارتفاع معدلات دوران العمل بين العمالة الوطنية، علاوة على غياب الحوافز الكافية لتشغيل الأيدي العاملة الوطنية.
أما فيما يخص الحد الأدنى للأجور، فيوضح الخبراء أن معادلة الأجور في أي مجتمع تخضع لعدة عوامل منها مستوى المعيشة، مستوى النفقات والدخل العام، الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر، والضرائب وغيرها. لذلك لا بد من إجراء دراسة علمية ومنهجية حول هذا الموضوع.
وبالنسبة إلى قضية إعادة هيكلة أسواق العمل، وهي دور التدريب في إيجاد عمالة ماهرة وموائمة لإعادة هيكلة سوق العمل، فإن تحقيق هذا الهدف كما يطالب هؤلاء الخبراء يجب أن يرتبط بوضع استراتيجية واضحة للتدريب تقر على أعلى المستويات وتوضع على أساس الرؤية الاستراتيجية للتنمية المفترض رسمها وتلبي احتياجات الأنشطة والمشاريع الاقتصادية ولا سيما تلك المتعلقة بأنشطة الاقتصاد الجديد التي تتعاظم توجهات الدولة الخليجية نحو تبنيها. كما يرتبط ذلك بإيجاد تنسيق بين مؤسسات التعليم " المدارس، المعاهد المهنية، والجامعات" ومؤسسات التدريب، تطوير معاهد التدريب من جميع النواحي، إدخال معاهد وبرامج تدريبية جديدة مع توفير الحوافز الضرورية التي تلبي احتياجات التنمية والأنشطة الاقتصادية ولا سيما المعاهد التدريبية الفنية والتكنولوجية.

الأكثر قراءة