رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


تأثير بدء تداول "إعمار" في السوق

<a href="mailto:[email protected]">amsultan@hotmail.com</a>

يتوقع أن يبدأ قريبا تداول شركة إعمار المدينة الاقتصادية، وبشكل عام هناك ثلاثة تأثيرات رئيسية للطروحات الأولية في أي سوق مالية، أهميتها تتفاوت تبعا للظروف الخاصة بكل سوق. أول هذه التأثيرات يتمثل في السيولة المنسحبة من السوق بفعل عملية الاكتتاب نفسها. ثانيها ما ينسحب من سيولة السوق بعد بدء التداول نتيجة بيع المكتتبين من غير المتعاملين في السوق ما خصص لهم من أسهم، والمقصود بالمكتتبين من غير المتعاملين في السوق من تقتصر علاقتهم بالسوق على المشاركة في الاكتتابات الأولية ومن ثم بيع ما يخصص لهم من أسهم بعد بدء التداول مباشرة. وأخيرا تأثير تلك الاكتتابات في توازن العرض والطلب الإجمالي، لما يترتب عليها من زيادة في عدد وقيمة الأسهم المعروضة في السوق، وحد من الطلب الإجمالي بسبب توظيف جزء من سيولة السوق في شراء أسهم المكتتبين من غير المتعاملين ما يخفض حجم السيولة المتاحة لشراء أسهم الشركات الأخرى.
والسؤل: أي من هذه الآثار أكثر أهمية بالنسبة لسوق الأسهم السعودية وما التأثير المتوقع لبدء تداول إعمار في السوق؟.
كما نعرف جميعا فقد تم الاكتتاب بـ 255 مليون سهم أو ما يعادل 30 في المائة من أسهم شركة إعمار، لذا فهو أكبر اكتتاب في تاريخ السوق المالية السعودية بعد اكتتاب شركة الاتصالات السعودية عام 2003، كما أنه بعدد المكتتبين الذي تجاوز عشرة ملايين من خلال 2.8 مليون محفظة يكون قد حقق أكبر إقبال في تاريخ الاكتتابات الأولية في سوق الأسهم السعودية. وإذا افترضنا أن عدد المحافظ النشطة في سوق الأسهم السعودية قد لا تتجاوز 800 ألف محفظة، فإن ذلك يعني أن نحو 75 في المائة من المكتتبين على أقل تقدير هم من غير المتعاملين في السوق، وانجذبوا لهذا الاكتتاب فقط لقناعتهم بأن سعر السهم بعد التداول سيبلغ أضعاف سعر اكتتابه ما يمكنهم من بيعه بربح مجز، وليس لدى معظمهم أي خطط للاحتفاظ بما خصص لهم من أسهم على مدى أطول. في ظل هذا الواقع يمكن تحديد التأثير الفعلي لاكتتاب وتداول شركة إعمار في سوق الأسهم السعودية في التالي:
1- الإقبال الكبير من غير المتعاملين في السوق على هذا الاكتتاب وكونهم يشكلون ما يزيد على 75 في المائة من عدد المكتتبين يعني أن أقل من 25 في المائة من قيمة الاكتتاب البالغة 2.55 مليار ريال كانت من سيولة السوق، ما يجعل حجم السيولة الفعلي المنسحب من السوق من خلال هذا الاكتتاب لا يتجاوز 600 مليون ريال فقط، وبالتالي فإن التأثير السلبي لهذا الاكتتاب في السوق محدود جدا ولا يعكس القيمة الضخمة لهذا الاكتتاب.
2- بدء التداول أمر آخر مختلف تماما، فتأثيره السلبي في السوق يبلغ أضعاف تأثير الاكتتاب الأولي، نظرا لما يترتب على عملية التداول من تراجع حاد في سيولة السوق. فعلى افتراض تداول سهم إعمار بسعر 50 ريالا للسهم وإقدام 60 في المائة من المكتتبين فقط على بيع ما خصص لهم من أسهم والخروج من السوق، فإن بدء التداول سيؤدي إلى سحب ما يزيد على 7.6 مليار ريال من سيولة السوق، أو ما يزيد على عشرة أضعاف التأثير الفعلي للاكتتاب الأولي في سيولة السوق.
3- لتداول إعمار تأثير سلبي على توازن العرض والطلب العام في السوق، فقيام المتداولين بشراء الأسهم المباعة من غير المتعاملين في السوق يعني ان ما يزيد على 7.6 مليار من سيولتهم ستذهب لتمويل مشترياتهم من أسهم "إعمار"، ما يحد من الطلب على الأسهم الأخرى. وفي جانب العرض، كلما ارتفع سعر "إعمار" بعد التداول ارتفعت قيمتها السوقية وبالتالي مساهمتها في رفع القيمة الإجمالية للأسهم المعروضة في السوق.
من هذا يتضح أن للمبالغة الكبيرة في تقييم أسهم الطرح الأولي في سوق الأسهم السعودية تأثيرا إيجابيا في السوق، حيث أصبح معظم تمويل الاكتتابات الأولية يتم من خلال سيولة متدفقة من خارج السوق. إلا أن هذه المبالغة، في المقابل، فاقمت من تأثير بدء عملية التداول في السوق، كون معظم المكتتبين من خارج السوق غالبهم يندفع لبيع ما خصص له من أسهم مع بدء التداول مباشرة، ما يتسبب في انسحاب سيولة كبيرة من السوق تعادل أضعاف قيمة الاكتتاب الأولي. كما أصبح لتلك الاكتتابات تأثير قوي في توازن العرض والطلب في السوق، ينتج عنه مع بدء عملية التداول ضغط على أسعار أسهم الشركات المدرجة الأخرى ما يتسبب في تراجع أداء السوق. ضخامة حجم اكتتاب "إعمار" يزيد، دون أدنى شك، من قوة تأثير بدء تداولها في أداء السوق، وكلما كان السعر أعلى كان التأثير السلبي لتداولها أكبر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي