القطاع الخاص الخليجي مهيأ للإسهام في مشاريع الغاز الطبيعي
أظهرت دراسة اقتصادية أن زيادة طلب الدول العربية على الغاز يتجاوز نمو الطلب على النفط بمعدل سنوي نسبته 4.4 في المائة وذلك حتى عام 2020، ما سيؤدي إلى زيادة حصة الغاز الطبيعي في أسواق الطاقة العربية من 41.5 في المائة في 2005 إلى 46.2 في المائة عام 2020.
وتوقعت الدراسة التي أجرتها الدول العشر الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط (أوابك) أن تتأثر أسعار الغاز الطبيعي تأثرا كبيرا بأسعار النفط الخام.
وفي هذا الإطار أوضح تقرير بيت الاستثمار العالمي "جلوبل" عن الغاز الطبيعي في دول مجلس التعاون، أنه في سوق الغاز المحكم تمكن ترجمة التغييرات الطفيفة في العرض والطلب إلى تغيرات كبرى في أسعار الغاز الطبيعي، لذلك يجب توقع حدوث تقلبات كبيرة في الأسعار، متوقعا أن تراوح أسعار الغاز الطبيعي بين 4.5 و5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وتابع التقرير أن دول مجلس التعاون حصدت ما نسبته 25 في المائة من احتياطي الغاز الطبيعي المثبت في العالم، حيث جاءت كل من قطر، السعودية، الإمارات، والكويت ضمن أكبر 20 دولة من ناحية احتياطي الغاز الطبيعي، حيث احتلت المراتب الثالثة، الرابعة، الخامسة، والـ 20 على التوالي، إضافة إلى ذلك، جاءت السعودية، الإمارات، وقطر في المراتب: العاشرة، الـ 11، والـ 19 على صعيد الإنتاج.
ويرى التقرير أن الغاز الطبيعي الذي كان مهملا في فترة من الزمن قد اجتذب شركات النفط العملاقة التي تنفق المليارات على مشاريع الطاقة لتلبية الطلب المتنامي على وقود صديق للبيئة. ويتزايد الطلب على الغاز الطبيعي، حيث إنه يأتي في المرتبة الثانية بعد الفحم كأسرع مصدر أولي للطاقة نموا. ومن المتوقع أن ترتفع حصة الغاز الطبيعي من إجمالي الطاقة العالمية لتصبح 28 في المائة في عام 2030 مقابل 23.5 في المائة في عام 2005. بزيادة نسبتها 4.5 في المائة والتي يمكن إرجاعها إلى المعوقات البيئية إضافة إلى الارتفاع في أسعار النفط، مما يشجع المستهلكين على زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي. ويمكن أن يشكل التطور التقني أيضا، ولا سيما في مجال النقل والمواصلات عامل رئيسي في دفع العالم إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي.
وتأتي قطر، عُمان، والإمارات ضمن الدول الرئيسة المصدرة للغاز الطبيعي المسال، حيث بلغت نسبة مساهمتها مجتمعة 23 في المائة من إجمالي صادرات الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، ما يؤثر تأثيرا إيجابيا في اقتصاداتها. ومع ذلك، يعتقد أن فتح قطاع الطاقة أمام الاستثمارات والخبرات الأجنبية يمكن أن يرفع الإنتاج.
إلى ذلك أخذت حكومات دول مجلس التعاون بعين الاعتبار السماح للأجانب بالمشاركة في القطاع الهيدروكربوني. كما أنها بصدد إنشاء العديد من محطات التوسعة التي يتوقع انتهاء العمل فيها في غضون الأعوام الخمسة المقبلة.
ويتوقع مستقبلا أن يفوق استخدام الغاز الطبيعي في منطقة الشرق الأوسط الضعف بين عامي 2003 و2030، حيث إن البلدان المصدرة للنفط في المنطقة عمدت إلى التوسع في استخدام الغاز الطبيعي المحلي لكي توفر المزيد من الصادرات النفطية.
ويشير تقرير "جلوبل" إلى أنه نظرا إلى المنافسة المباشرة بين الغاز والنفط، فإن اتجاهات الأسعار المستقبلية للأخير ستؤثر في استهلاك الغاز الطبيعي. وانخفاض أسعار النفط لا يدعم الغاز الطبيعي، على خلاف الاعتبارات البيئيةَ التي تدعم الغاز الطبيعي على حساب النفط، على الرغم من أن السياسات الضريبية في الدول المستهلكة تعمل لصالح الغاز الطبيعي دون النفط.
ومن الممكن أن تؤثر التطورات الجغرافية السياسية غير المتوقعة التي حدثت في المنطقتين المنتجتين للغاز الطبيعي، منطقة الشرق الأوسط والاتحاد السوفياتي السابق، على الاستثمارات طويلة الأجل في خطوط الأنابيب، في حين أن التقدم التقني، الذي يمكن أن يخفض تكلفة نقل الغاز الطبيعي المسال، سيمثل بالتأكيد ميزة تشجع المستهلكين على زيادة الاعتماد على أحد المصادر الأكثر أمانا للطاقة، أي الغاز الطبيعي.
ويعتقد التقرير أن القطاع الخاص في دول مجلس التعاون كبير بما فيه الكفاية وأنه أظهر مرونة في تولي المشاريع الضخمة في القطاعات الأخرى، متوقعا أن يستفيد قطاع الطاقة أيضا من دخول شركات القطاع الخاص المحلية ذات الخبرة والمهارات التي تستطيع بلا شك أن تضيف قيمة إليه، في الوقت الذي تعمل فيه جنبا إلى جنب مع القطاع العام.
ويؤكد أنه يمكن أن تتباين العائدات على مستوى القطاعات الاقتصادية تباينا كبيرا، لذا، فإن دول مجلس التعاون تبحث عن الطرق التي تتيح لها تنويع اقتصاداتها. وقد كان للبحرين السبق في التنويع الاقتصادي، حيث قامت بتخصيص الخدمات غير الأساسية كما أنها بدأت في إصلاح سوق العمل. أما عُمان، فضخت استثمارات ضخمة في السياحة وشجعت على إحياء الصناعات التقليدية مثل صيد السمك. في حين أن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، فقد وجهت أنظارها إلى الأعمال المصرفية والخدمات المالية، حيث تنافست كل من قطر، الكويت، الإمارات، والبحرين على أن تكون المحور المالي للمنطقة.
ومن المتوقع أن تزداد تجارة الغاز الطبيعي بين دول مجلس التعاون الخليجي بفضل إقامة المشاريع الضخمة في المنطقة. ومثال على ذلك، هناك مشروع الدولفين الذي يهدف إلى الربط بين قطر، الإمارات، وعُمان. كما أجرت قطر المناقشات بشأن إمداد البحرين والكويت بالغاز الطبيعي من خلال خطوط الأنابيب.
ووفقا للمراجعة الإحصائية لشركة بريتش بتروليوم للطاقة والتقديرات السنوية لهيئة معلومات الطاقة الأمريكية، يسهم الغاز الطبيعي بنسبة 23.5 في المائة من إجمالي حجم الاستهلاك العالمي للطاقة، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 26.32 في المائة في 2030.