السوق النفطية تنتظر تنفيذ قرارات "أوبك"
تتجه أنظار السوق إلى يوم الأربعاء المقبل، حيث سيبدأ التطبيق الفعلي لقرار منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا ولمعرفة كيفية التنفيذ فيما يتعلق بالنقطة التي ستنطلق منها كل دولة لخفض إنتاجها بالحجم المتفق عليه، وفوق هذا مستوى التنفيذ وإذا كان سيصل إلى 100 في المائة أم أقل.
فرد فعل السوق على قرار المنظمة المتخذ في العاصمة القطرية الدوحة في التاسع والعشرين من الشهر الحالي كان متشككا إلى حد كبير بدليل استمرار تراجع الأسعار ووصولها إلى أدنى معدل لها خلال 11 شهرا، والفترات التي حققت فيها الأسعار تحسنا إنما تعود إلى إحساس بحدوث تراجع في المخزونات مثلما هو الحال يوم الأربعاء الماضي، عندما أدت البيانات الخاصة بوضع المخزونات الأمريكية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة إلى حدوث ارتفاع ملحوظ في الأسعار يومها.
من الناحية المبدئية يمكن القول إن "أوبك" فاجأت السوق بإقرارها خفضا يتجاوز ما كان النقاش يدور بشأنها، فرغم أن الاتصالات الأولية ركزت على خفض مليون برميل يوميا، إلا أن الرقم النهائي الذي تم الإعلان عنه جاء بزيادة 200 ألف برميل يوميا عما كان متداولا من قبل.
على أن الأهم من هذا وذاك كله تصريحات وزير النفط السعودي المهندس علي النعيمي، أن قرارات الدوحة تعتبر البداية وخطوة على طريق، الأمر الذي يضع الأساس لخفض آخر ربما يصل إلى نصف مليون برميل يوميا عندما يلتقي وزراء المنظمة في منتصف كانون الأول (ديسمبر) في الاجتماع الدوري في أبوجا (نيجيريا). تصريحات النعيمي تلك لقيت دعما وتأييدا مباشرا من رصيفه الفنزويلي رافائيل راميرز.
"أوبك" في قرارها خفض الإنتاج والإشارات التي ترسلها أنها على استعداد للمزيد من الخفض تشير إلى وضع السوق الذي يعاني من زيادة كبيرة في الإمدادات وارتفاع في حجم المخزونات، إضافة إلى عوامل مساعدة مثل التباطؤ في الاقتصادات الرئيسية، وزيادة تدفق الإمدادات من خارج المنظمة.
ووفقا للتقرير الشهري للمنظمة الصادر لهذا الشهر، فإن وضع الطلب على نفط "أوبك" لا يبدو مساعدا، وبالتالي يصبح اللجوء إلى خفض الإمدادات من الدول الأعضاء خيارا لا مفر منه، إذا أريد للعائدات النفطية أن تستقر على مستوى معين.
"أوبك" ظلت طوال الشهور الأخيرة تقوم بمراجعة متصلة والى أسفل لتوقعاتها بحجم النمو في الطلب على النفط وبالتالي على المطلوب منها توفيره للسوق. التقرير الأخير للشهر الحالي لم يكن استثناء، فحجم النمو في الطلب تم تخفيضه هذا العام بأكثر من 100 ألف برميل يوميا إلى 84.38 مليون وذلك من 84.38 مليون في الشهر الماضي. ويعني هذا تراجعا في الطلب على نفط "أوبك" خلال الربع الأخير من هذا العام بنحو 170 ألف برميل يوميا إلى 28.69 مليون شاملة العراق المستثنى من نظام الحصص.
ورغم أن تقرير "أوبك" يعتمد على مصادر ثانوية في تحديد معدلات إنتاج الدول الأعضاء أو حجم الطلب العام على النفط وعلى إمدادات المنظمة بصورة خاصة، إلا أن الأرقام تعطي إشارة إلى التوجهات السائدة في السوق ونظرة "أوبك" إليها، ولهذا فإن العين ستكون على وضع الطلب خلال الربع الأخير من هذا العام وكذلك خلال العام المقبل.
وبحساب وضع الإمدادات من خارج المنظمة والسوائل من داخلها، فإن الوضع الراهن يشير إلى أن الربع الأول من العام المقبل سيشهد حدوث طلب على نفط المنظمة في حدود 29.19 مليون برميل يوميا، وهو حجم معقول بالنسبة للربع الأول من العام حيث فصل الشتاء، على أن الاختيار الحقيقي سيكون في الربع الثاني، حيث يتوقع للطلب أن يتراجع إلى ما يزيد قليلا على 27 مليونا، ثم يرتفع بصورة طفيفة إلى 27.81 مليون وليصل في الربع الأخير من العام المقبل إلى 28.31 مليون، الأمر الذي يجعل من متوسط الطلب خلال العام المقبل في حدود 28.08 مليون، وهو ما يحتاج إلى متابعة دقيقة.