رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


من واشنطن ولندن إطالة مسلسل "محاربة الإرهاب" دليل على إفلاس المخرج

<a href="mailto:[email protected]">fah-arab@yahoo.co.uk</a>

في صبيحة يوم الخميس 10/8/2006م استيقظت بريطانيا على خبر إرهابي جديد يقتضي تعليق إقلاع الرحلات المتجهة إلى الولايات المتحدة, وبالتالي تفتيش كامل الرحلات الجوية للتأكد من عدم وجود متفجرات من نوع خاص (سوائل قابلة للتفجير) على متنها. هذه المتفجرات قد تكون حليب الأطفال الرضع أو الماء أو العصيرات أو سوائل العدسات اللاصقة.. إلخ. وما زالت الدنيا قائمة ولم تقعد حتى هذا اليوم في شأن يستغربه من يفكر في بعد المشكلة بعمق. الغريب أن استخدام السوائل كمتفجرات ليس عملية حديثة خصوصا بيننا وفي كل أنحاء العالم كيماويون يعرفون متى كان أول اكتشاف للمتفجرات. ثم بدأت تتطور من تجارب في المواد الصلبة إلى السائلة والغازية، وتطورت عبر القرون إلى أن قام العالم السويدي نوبل في أواسط القرن التاسع عشر بعمل عدة تجارب سجلت باسمه في هذا الحقل. من ناحية أخرى في عام 1994م اتهم رمزي يوسف, الذي قالت عنه المخابرات الأمريكية إنه من القاعدة, بتفجير سائل العدسات اللاصقة الموصل بمقعد أحد اليابانيين في رحلة على الخطوط الفلبينية كانت متجهة إلى اليابان. ومع ذلك، ومنذ ذلك الحين لم يكن للسوائل ضلع في الهجوم على الملاحة الجوية لا من بعيد أو من قريب, فلماذا الآن وبعد 12 عاما من أول حالة يمكن أن تكون إذ ذاك هي الموقظة للصحوة الأمنية البريطانية أو الأمريكية؟.
لقد منيت خطط إسرائيل بالفشل لضعف التخطيط والتنفيذ معا خلال حربها الأخيرة على لبنان. ولقد انكشف قناع الإدارة الأمريكية بتوالي دعمها العلني خلال جلسات مجلس (الغبن) الأمن, وشهد العالم كله على مواقفها المشرفة لليهود ولإسرائيل والمخزية للمجتمع الدولي. وكعادتها لم يكن أمام الإدارة الأمريكية إلا الاتجاه إلى فتح أحد الملفات الاحتياطية وتنفيذ العمليات مع بعض التحسينات وبالتنسيق مع بلير بريطانيا الذي تم صده عن لعب أي دور في بداية الهجوم الإسرائيلي. في هذا الوقت بالذات قد يبرر فتح الملف بضرب الملاحة الجوية بمبررات عدة أهمها: (1) محاولة إقناع الشعب الأمريكي بهول المارد الإسلامي الإرهابي, وإعادة هذا الشعب إلى حظيرة الإدارة الحالية ليدعم كل التحركات الملتوية بعد أن يدخل المجتمع الأمريكي مرحلة الضجر والتأفف من كثرة التفتيش والتأخير واختلاس متعة الإجازات بزيادة الحذر قبل السفر من وإلى أمريكا. (2) دعم الاقتصاد الأمريكي والبريطاني من قبل الأقطاب الاقتصادية اليهودية لصمودهما أمام العالم بأكمله من أجلهم, وقدرتهما على إفشال النهضة الإسلامية وتدمير اقتصاديات دول المنطقة. ولا بد طبعا من تكرار الإدارة الأمريكية وعلى مسامع المجتمع الدولي موالاتها لليهود وحزب الليكود وتبني معتقداته قبل مصطلحاته, لضمان بقاء القرار السياسي تجاه إسرائيل في دعمها اللامحدود. (3) إيجاد دور لبلير الذي لم يجد له دورا يلعبه في المسلسل الإسرائيلي اللبناني الأخير, حيث وجد المخرج بوش لبريطانيا في بعض الحلقات دورا خصوصا وأنها صاحبة الدور الرئيس في زراعة إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط, فيكون بذلك قد خفف عليه مأزق التبعية الذي وصفه الشعب البريطاني إنه عار. (4) شغل المجتمع الدولي عن مطالبة لبنان والعرب والحديث عن تعويض خسائر الحرب البشرية واللوجستية والاقتصادية التي قدرت بـ (أكثر من 40 مليار دولار) حجم الدين العام للبنان والذي كان مقررا سداده خلال ثلاثة أو أربعة أعوام مقبلة والتي ستقضيها في إعادة الإعمار الآن. إضافة إلى أكثر من ستة مليارات دولار تكاليف الدمار المنظورة وقد تتضاعف مرتين بعد البدء في إعادة الإعمار, فالمناطق الصناعية والمناطق الزراعية تأثرت بشكل بالغ جدا لا يمكن تحديده ألا بعد وقف الانتهاكات الإسرائيلية وإشراف السلطة اللبنانية على أراضيها بالكامل. ونحو (15 مليار دولار) كتكلفة سقوط الموسم السياحي بعد الهروب والنزوح البشري الكبير من الأراضي اللبنانية, وهروب بعض الاستثمارات القديمة والمؤسسة والجديدة التي لم تبدأ نشاطها بعد, وتأثر قيمة العملة وتعطيل الأسواق المالية... إلخ. ناهيك عن تكاليف إعادة التشغيل الكامل كما كان عليه الوضع قبل الحرب والتي قدرت بـ (تسعة مليارات دولار), مما يعني أن هناك فاتورة للحرب على دول المنطقة تحملها وعلى أمريكا وأعوانها التأكد من قيامنا بذلك. (5) شغل المجتمع الدولي عن انتهاكات إسرائيل التالية للاستمرار في عملياتها استعدادا لمناورة تمكنها من السيطرة على لبنان وفلسطين بعد أن مُكّنَت من موضوع السلام في المنطقة. (6) الزج بعناصر من المطلوبين في شؤون أخرى تبادر إحدى الدول الآسيوية أو الإفريقية أو حتى الأوروبية بتأكيد ضلوعهم في العملية ويقبض عليهم باسم العناصر الإرهابية المخططة لضرب الملاحة الجوية. ولاكتمال حبكة القصة تزرع بعض العبوات المجهولة, ويتم إركاب بعض المسافرين المشبوهين وقد تصل إلى إدانة بعض أو أحد الخطوط الجوية العربية أو الإسلامية في محاولة لتشويه صورها أمام العالم. هذا إضافة إلى مبررات أخرى كثيرة توضح مدى تعقيد الحسابات في شؤون الشرق الأوسط.
المشكلة الآن إننا بدأنا نتبنى كل الاحترازات وفرضت في مطاراتنا كل الاشتراطات فعلا كما يريدون, وسنتحمل التبعات الأمنية والاقتصادية كافة لهذه القصة وتداعياتها. هذا يجعلنا أمام مشكلة تشكيل مجموعات وفصائل جديدة تصبح مشاريع دول تجزئ وحدتنا وتوسع رقعة إسرائيل بمحاولاتها الخروج من لواء الدول الشرعية القائمة. وهنا نظل نتساءل: متى نفهم لنتوقع تحركاتهم فيكون لدينا ملفات جاهزة لهم؟, ومتى يكون لنا السبق في تسجيل مكاسب سياسية واقتصادية لهذا الشرق الأوسط المغلوب على أمره؟ ومتى نتمكن من جعل أقلامهم ترد على هذه الممارسات وتفندها مما يحبط المخططات في مهدها فينشغلون بكيفية تعديل المسار الذي سيكون نقطة تحول مراكز القوى في العالم؟ وإذا ما بدأنا نحقق ذلك, فهل نستطيع تنقية نوايانا وتوحيد خطاباتنا وتعجيل سعينا للتنمية المستدامة, حتى لا نحقق لهم ما استحالوه علينا لعقود طويلة؟.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي