رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل بدأت مرحلة احتضار المضاربة لصالح الاستثمار في سوق الأسهم؟

<a href="mailto:[email protected]">Abdalaziz3000@hotmail.com</a>

لا يخفى على ذي لب الاستغلال السيئ من قبل الجشعين من أعضاء مجالس إدارات الشركات المدرجة ومن كبار المضاربين ورؤساء القروبات لعدم اكتمال المتعاملين في سوق الأسهم السعودية، وعدم اكتمال إصدار وتطبيق اللوائح المنظمة لتطوير وتنظيم إصدار وتداول الأوارق المالية، حيث عمد هؤلاء إلى تحقيق مصالحهم الضيقة على حساب مصلحة السوق والمتعاملين فيها رغم علمهم بالآثار السلبية الكارثية على أفراد المجتمع والاقتصاد السعودي.
ولا يخفى على أحد أيضا ما أصاب معظم المتعاملين في سوق الأسهم السعودية من خسائر كبيرة مازال يعانيها الكثير من أفراد المجتمع المغلوب على أمرهم نتيجة ما قام به هؤلاء الجشعون من حيل يتضاءل الشيطان أمام صانعيها، حيث قاموا بإيجاد مناخ استثماري شاذ يدعو كل مواطن لبيع ما يملك ليضيفه لما لديه من سيولة نقدية ليدخل بها في هذه السوق عالية المخاطر وهو يحلم بأن يتضاعف رأسماله أضعافا مضاعفة في أيام معدودات، نعم أوجدوا مناخا يجعل المواطن يسير باتجاهم بكل أمواله وهو لا يرى أمامه إلا الأرباح حتى إذا تمكنوا منه "شفطوها" من جيبه كاملة وأخرجوه صفر اليدين يندب حظه العاثر.
بعد انهيارات شباط (فبراير) الحادة توقع الجميع أن تتجه السوق إلى مرحلة النضج باعتبار أن من لم يع بالمعرفة قد وعى بالتجربة, واعتقادا بأن أصحاب اللعبة القذرة سيقفون عند حدهم ويكتفون بما خرجوا من أرباح جنونية على حساب شعب أصيب بجنون الأسهم في تلك الفترة، ولكن الوضع خالف العقل والمنطق مرة أخرى، ورجعت حليمة إلى عادتها القديمة وعادت المضاربات المحمومة إلى أسهم الخشاش حتى تضاعف بعضها أكثر من 16 ضعفا في نحو ستة أشهر دون أي معلومة جوهرية تذكر. وها نحن نرى اليوم سهم "الأسماك" ينحدر بحدة كما صعد بحدة كمثال على ذلك، والكل يعلم أن ذلك بفعل فاعل لا يرغب في مؤمن إلا ولا ذمة.
كلنا يعلم أن وضع ما قبل الانهيار وما بعده لن يرضي عاقلا مسؤولا كان أم مواطنا، فكل عاقل يعرف الأضرار الاقتصادية الكبيرة التي ستلحق باقتصاد بلادنا إذا بقيت سوق الأسهم سوقا مضاربية بحتة تدور فيها المليارات دون أي قيمة مضافة لصالح الاقتصاد الوطني. نعم, فهذه الأموال لا تستثمر فيما هو منتج بل تنقل في مجملها من جيوب معظم المواطنين إلى جيوب القلة من الجشعين ليكون المال دولة بين الأغنياء, وكلنا يعرف الآثار السلبية لذلك.
خادم الحرمين الشريفين ــ أيده الله ــ وجه بإعادة الاستقرار لسوق الأسهم وبناء الثقة بين جميع المتعاملين في السوق وهيئة سوق المال, فكان أن قامت هيئة السوق المالية برئاسة الدكتور عبد الرحمن التويجري, ببذل كل الجهود للارتقاء بالسوق المالية السعودية إلى مصاف الأسواق المالية النموذجية التي تليق بالاقتصاد السعودي المتنامي, وكذلك حماية السوق من الغش والتدليس، فقامت بالترخيص للكثير من الشركات المالية لتلعب دورها في استقرار السوق، كما قامت بإصدار المزيد من اللوائح التنظيمية كلائحة حوكمة الشركات، كما قامت بتنظيم الاكتتابات بهدف تنظيم حركة السيولة وتعميق سوق الأسهم، كما قامت بإطلاق حملة توعوية في مناطق المملكة كافة بهدف رفع درجة الوعي لدى المتعاملين بسوق الأسهم.
ولكن كل ذلك وإن كان مهما وذا أثر كبير في تحويل السوق المالية السعودية من مصاف الأسواق الناشئة إلى مصاف الأسواق الناضجة إلا أنه لم يوقف أو يحد من هيمنة الجشعين على سوق الأسهم ودرجة تلاعبهم بصغار المستثمرين الذين مازال الطمع يداعب عواطفهم وأحلام الثراء لا تفارق نواظرهم رغم ما يرونه من مآس هنا وهناك, حيث فقد الكثير ممن يعرفونهم أموالهم في تلك السوق الخطرة في رمشة عين.
ما الحل إذا؟ وإلى أين تتجه سوق الأسهم السعودية؟ هنا جدلية كبيرة تتجلى بوضوح في منتديات الأسهم حيث يعتقد البعض أن على هيئة السوق المالية وأجهزة الدولة الأخرى ذات الصلة بمراقبة الشركات وحركة الأموال, أن تترك الأمر للعرض والطلب وإن كانا مصطنعين, وكل عقله في رأسه ويعرف خلاصه، وهذا في ظني لا يمت إلى الحل بصلة, فهذه رغبات لا حلول، نعم, فما هي إلا رغبات الجشعين الذين يريدون الدرعا ترعى دون رقيب أو حسيب .
البعض الآخر يقول إن قرار الاستثمار في سوقنا لم يحن أوانه بعد!! رغم أن السوق توشك أن تكون استثمارية، والسبب الرئيسي أن سوقنا مازالت سوق مضاربة فقط تتنقل فيها السيولة من سهم إلى آخر دون استقرار في أي سهم كان لأنها لا تبحث عن عوائد السهم بقدر ما تعمل على تحقيق ربح بتحريكه الى أسفل وإلى أعلى بذكاء لشفط أموال الضعفاء، وهذا البعض يعتقد أن "القروبات" مازالت كثيرة العدد والعدة، فبعد أن كان هامور أو اثنان يتنقلان لرفع الأسهم أصبح عدة هوامير مجتمعين مكونين "قروبا" لتحقيق أرباح خيالية، فـ "القروب" هو السبيل الوحيد لذلك حيث يستطيعون مضاعفة أرباحهم أكثر من قبل حتى بتنا نسمع توصيات بتدبيلة أو تدبلتين بالسهم الفلاني بعد أن كنا نسمع بنسبة أو نسبتين فقط قبل انهيار شباط (فبراير). وخلاصة الأمر إن هذا البعض يعتقد أن السوق مازالت تعاني من مشكلتين تحولان دون تحولها إلى سوق استثمارية, وهما أن السوق مازالت سوق مضاربة وسيولة متنقلة وسوق "قروبات" ظالمة.
فئة أخرى ترى أن مرحلة المضاربة بدأت في الاحتضار لصالح مرحلة الاستثمار لعدة أسباب، أولها ارتفاع قدرة هيئة السوق المالية الرقابية حيث من المتوقع أن تنتهي شركة أومكس السويدية خلال الأشهر السبعة المقبلة من تحديث وترقية أنظمة تداول التقنية لتحقيق المزيد من الرقابة الفورية لعمليات التداول مما سيسهم في زيادة درجة الشفافية في سوق الأسهم. وثانيها تصريح الهيئة لعدد من شركات الوساطة التي سيكون منفذا للتداول بدلا من البنوك ذات المصالح المتضاربة. وثالثها أن الهيئة جعلت فترة التداول موحدة في وقت غير الوقت المتعارف عليه لا صباحا ولا عصرا للحد من المضاربات غير المبررة. ورابعها أن الهيئة تسارع حاليا بنزول شركات للسوق عبر الاكتتابات المتوالية لتثبيت السيولة والحد من تنقلها, إضافة إلى تعميق السوق بشكل يجعلها تستعصي على السيطرة لا من قبل "القروبات" ولا من قبل كبار الهوامير الجشعة. ونتيجة لكل ذلك سينصرف الناس عن المضاربة ليعودوا إلى أعمالهم السابقة وعندها ستعود السوق سوقا استثمارية حقيقية تلعب دورها الحقيقي المهم والحيوي في دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام.
وأضيف أن السوق دون أدنى شك, كما نراها, فإنها تتجه إلى الوضع الاستثماري خاصة إذا أدركنا أن الهيئة تبذل قصارى جهودها لتفعيل الأوراق المالية الأخرى التي لا شك أنها ستسهم في توجيه السيولة إلى الجادين من رجال الأعمال ليستثمروها في تنمية جميع القطاعات الاقتصادية، فالهيئة تحث الخطا لتفعيل سوق السندات حيث طرحت سندات وصكوك "سابك" التي تمت تغطيتها بالكامل في فترة وجيزة رغم ضخامة مبلغها، كما أن الهيئة قامت بطرح اللوائح الخاصة بصناديق الاستثمار للعموم لأخذ مرئياتهم ومعرفة آرائهم حولها لدراستها لاعتماد هذه اللوائح بصيغة نهائية, وكل ذلك لا شك سيسهم في توطين السيولة والحد من تنقلها في مضاربات مضرة وغير ذي فائدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي