رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الأسهم ... وعكة أو احتضار؟

<a href="mailto:[email protected]">mjadeed@hotmail.com</a>

مازال أداء سوق الأسهم السعودية متباينا منذ قرابة ستة أشهر. فتارة، يتحسن الأداء، وتزداد الجاذبية، وتكبر الثقة، ويصعد المؤشر، وتتجدد الآمال بالعودة إلى مستويات ما قبل 26 شباط (فبراير) الماضي. وتارة، يحدث عكس ذلك تماماً!
لم يكن أداء سوق الأسهم السعودية بمعزل عن أداء عدد من الأسواق المالية الناشئة خلال الأشهر الستة الماضية. حيث تباين أداؤها، بنسب متفاوتة، وأزمنة متعاقبة. من سوق هونج كونج، وصولا إلى سوق سيئول، مرورا بأسواق بومباي، دبي، الدوحة، وانتهاء بأسواق موسكو، ومكسيكو سيتي.
ما العامل المشترك بين أداء الأسواق المالية الناشئة؟ وما طبيعة سيولتها؟ وماذا عن التوجه خلال الفترة المقبلة؟ وما العلاقة مع الأسواق المالية المتقدمة؟
حاول مجموعة من المستثمرين، والاقتصاديين الدوليين الإجابة عن هذه التساؤلات عندما اجتمعوا تحت مظلة جمعية خريجي كلية وارتون للأعمال في جامعة بنسلفانيا الأمريكية في منتداها الثاني لهذا العام مطلع شهر حزيران (يونيو) الماضي في مدينة إسطنبول التركية. ناقش المنتدى شؤون التمويل، والاستثمار في أسواق الشرق الأوسط.
عقد المنتدى الثاني بعد انعقاد المنتدى الأول في مدينة بومباي الهندية مطلع العام الحالي، والذي ناقش فرص الاستثمار في أسواق الشرق الأدنى. كما عقد المنتدى أيضا قبل انعقاد المنتدى الثالث في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية مطلع آب (أغسطس) الجاري، والذي اختتم ليلة البارحة وناقش شؤون التمويل في أسواق أمريكا اللاتينية.
وعلى الرغم من مرور أكثر من شهرين على انعقاد المنتدى الثاني، إلا أن استمرار تباين أداء الكثير من الأسواق المالية الناشئة، يستأنس العرض السريع، لما خلص إليه المنتدى من وجهات نظر حول ما حدث، ويحدث لأسواق الشرق الأوسط.
أهمية المنتدى بمكان، كونه، أولاً، ناقش أداء أسواق الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية، وتوجه سيولتها خلال الفترة المقبلة. وثانيا، كون المنتدى ضم مجموعة من المستثمرين، والاقتصاديين الدوليين ذوي العلاقة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة في أسواق الشرق الأوسط.
وثالثا، كون كلية وارتون للأعمال في جامعة بنسلفانيا الأمريكية تعد من المؤسسات الأكاديمية المرموقة على مستوى العالم، والتي غالبا ما يتبوأ خريجوها مراكز قيادية في مؤسسات اقتصادية مؤثرة في الاقتصاد العالمي.
ترأس حلقة النقاش البروفيسور بولنت كوليكن محافظ البنك المركزي التركي، خلال فترة بداية التسعينيات الميلادية، وأستاذ الاستثمار والتمويل الحالي في كلية وارتون للأعمال في جامعة بنسلفانيا الأمريكية.
وشارك في حلقة النقاش خمسة من المستثمرين، والاقتصاديين الدوليين، المتنوعة مجالات أعمال مؤسساتهم التي يترأسون مجالس إداراتها بين مجالات استثمارية، ومصرفية، ومالية نشطة في أسواق الشرق الأوسط.
خلص المتناقشون إلى أمرين مهمين ذات علاقة مباشرة بأداء الأسواق الناشئة خلال الفترة الماضية. الأمر الأول طبيعة السيولة الأجنبية المباشرة المستثمرة في الأسواق الناشئة. والأمر الثاني، آلية تفاعل أسواق المال الناشئة مع هذه السيولة.
تتميز السيولة الأجنبية المباشرة المستثمرة في الأسواق الناشئة بأنها تعتمد، بشكل أساسي، على معدل العائد على الاستثمارات. حيث يعتبر توقع تحقيق قرابة معدل 25 في المائة سنويا، معدلا مناسبا للمضي في قرار الاستثمار في سوق ناشئة معينة، عوضا عن أسواق ناشئة أخرى.
كما تتميز هذه السيولة بخواص أخرى منها أنها استثمارات قصيرة الأجل، وتشكل جزءا من استثمارات قائمة في الأسواق المتقدمة، ولا تنظر إلى طبيعة الشركات المستثمرة بها في السوق الناشئة، وفيها من المرونة ما يمكنها من مغادرة السوق الناشئة مع ظهور بوادر أي تحد اقتصادي، أو سياسي، أو اجتماعي، أو جميعها معا، يمكن أن يحول دون تحقيق الهدف الأساسي ضمن الفترة الزمنية المحددة.
تتفاعل هذه السيولة عند دخولها في السوق الناشئة مع عدة عوامل، وتسهم في تحسن أداء سوقها المالية، وزيادة جاذبيتها، ونموها على المدى القصير. خلص المتناقشون إلى أن أهم هذه العوامل استمرار التدفق السريع للسيولة المحلية، ذات الطبيعة الاستثمارية طويلة الأجل، إلى السوق المالية المحلية بسبب نمو الاقتصاد المحلي، وتواضع فرصه الاستثمارية.
يسهم تدفق كلتا السيولتين، الأجنبية، والمحلية، في إحداث طفرة نوعية في السوق المالية المحلية. تسعى السوق المالية بعد ذلك إلى استدامة طفرتها عن طريق زيادة درجة الانفتاح على أسواق المال المتقدمة، وتدويل شرائح المستثمرين، وزيادة فرص تمويل شركاتها المدرجة.
ومع ظهور بوادر أي تحد اقتصادي، أو سياسي، أو اجتماعي، أو جميعها معا، تخرج هذه السيولة من السوق الناشئة بشكل سريع، مستفيدة من خاصيتها المرنة، ومحدثة تراجعا في أداء سوقها المالية. تتباين حدة تأثر أداء الأسواق المالية الناشئة بخروج السيولة، بين تصحيح وانهيار، بسبب تباين حجم هذه السيولة إلى حجم السيولة الإجمالية داخل السوق المالية، بين متوسطة وكبيرة، وتباين وجهتها، بين التدوير في السوق المحلية والدولية.
خلص المتناقشون إلى أهمية توجيه الاستثمارات الأجنبية المباشرة للاستثمار في السوق الناشئة، بشكل مباشر، ومن ثم في سوقها المالية، بشكل غير مباشر. الداعم الرئيسي في هذا التوجه هو توطين الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتسهم في تنمية الاقتصاد المحلي على المدى البعيد، وزيادة القيود عند محاولة الخروج مع ظهور بوادر أي تحد اقتصادي، أو سياسي، أو اجتماعي، أو جميعها معا.
كما خلص المتناقشون أيضا إلى أهمية التنسيق البيني بين الأسواق المالية الناشئة والمتقدمة بما يحقق أقصى درجات الاستدامة الممكنة. فالأسواق المالية الناشئة في نهاية المطاف جزء لا يتجزأ من منظومة الأسواق المالية، تؤثر وتتأثر بعضها ببعض، بدرجة تشخّص فيها حالتها عند تباين أدائها بوعكة، أو احتضار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي