صاروخ أمريكي لكل طفل

<a href="mailto:[email protected]">alamiaa@yahoo.com</a>

يقول صحافي إسرائيلي "إننا مقتنعون إلى درجة لا تقبل الشك أن حياة الآخرين ليست بالأهمية التي نوليها لحياتنا طالما أن البيت الأبيض ومجلس الشيوخ وصحيفة "نيويورك تايمز" طوع بناننا. ونحن نؤمن بأنه طالما أن لدينا "آيباك" (اللوبي اليهودي في أمريكا) وديمونة (المفاعل النووي) وياد فاشيم (نصب ضحايا المحرقة)، من حقنا أن نبلغ 400 ألف شخص أن أمامهم ثماني ساعات لإخلاء منازلهم ومن حقنا أن نتعامل مع منازلهم بعد انقضاء الساعات الثماني كأهداف عسكرية". لهذه الأسباب تلقي إسرائيل ستة آلاف قذيفة على المناطق والقرى والبلدات الآهلة بالسكان فتقتل جنيناً عمره يوم واحد دون أن تشعر بأي ذنب. هل يمكن أن يكون هناك جريمة أقبح من تلك التي يتبجح فيها الجلاد بقتل الضحية؟ تقتل إسرائيل المدنيين بصواريخ أمريكية ولا حياة لمن تنادي.
ذبحت إسرائيل الأحد الماضي بدم بارد ما لا يقل عن 60 شخصا بينهم 30 طفلا في قرية قانا. وكانت إسرائيل قد قتلت 109 لبنانيين أيضاً في قانا أثناء عملية "عناقيد الغضب" العسكرية عام 1996. لجأ المدنيون إلى مقر تابع للأمم المتحدة هرباً من قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية، إلا أن الطائرات قصفت المبنى بمن فيه من أطفال ونساء. نزح خلال الأسابيع الثلاثة الماضية ما يزيد على نصف مليون لبناني في أوضاع إنسانية بالغة القسوة هربا من نيران وحمم آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية. البيت الأبيض يرسل شحنات إضافية من القنابل الموجهة بأشعة الليزر إلى إسرائيل اسمها – يا للعجب - "أسلحة ذكية" وهى الأسلحة التي أثبت بالتجربة أنها تسبب المزيد من الدمار الشامل بين المدنيين. تقول منظمة حقوق الإنسان Human Rights Watch إن إسرائيل استخدمت قذائف المدفعية العنقودية في المناطق المأهولة في لبنان. في المقابل، تقول عازفة البيانو كوندوليزا رايس إن هذه المجازر أمور طبيعية في الحروب, ثم تخبرنا بأنها تصنع معنا جميلاً بإرسال بطانيات للبنان لحمل المزيد من جثث الموتى من الأطفال والنساء. تفتك إسرائيل بحياة المدنيين بالصواريخ الأمريكية ولا حياة لمن تنادي.
الإعلامية اللبنانية ليال نجيب تستقل تاكسي في محاولة لمقابلة قافلة من القرويين الفارين من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان. تُصاب ليال بشظايا قذيفة سقطت على الطريق فتدخل في إحصائيات الصحافيين الذين قتلوا على يد القوات الإسرائيلية. يقول الإسرائيليون "سواء زاد العرب أو نقصوا واحداً فالأمر سيان"، وتصفق الإدارة الأمريكية بحرارة وهي تشاهد دماء عمر ومحمد وحسين تنزف في سهول وهضاب ووديان لبنان. بعدها بيومين تقصف طائرات حربية إسرائيلية محطات البث التلفزيوني الحكومية والأهلية وأبراج الهواتف والاتصالات في لبنان. تغتال إسرائيل الإعلاميين وتقصف المرافق الإعلامية بصواريخ أمريكية، ولا حياة لمن تنادي.
من يعرف بيروت يتغنى ببحرها الجميل، وها هي شواطئ بيروت تغرق تحت أكبر كارثة بيئية في تاريخها بعدما تسربت إليها أكثر من 15 ألف طن من الزيت من خزان تعرض للقصف الإسرائيلي. وتنتشر البقعة السوداء الناتجة عن تسرب الزيت على طول ثلث الشاطئ اللبناني، أي نحو 70 كيلو مترا من أصل 220 كيلو مترا. الآن يمكن لإسرائيل أن تضيف إنجازاً آخر إلى سيرتها الذاتية، وهو أنها أبادت الحياة الفطرية في أجمل شواطئ بقاع العالم. الهجمات الإسرائيلية على لبنان لا تقتل المدنيين وتدمر البنى التحتية في أقبح عملية بلطجة دولية فحسب, بل تغتصب أيضا البيئة ببحرها وأسماكها وأرزها. تقتل إسرائيل البيئة بصواريخ أمريكية ولا حياة لمن تنادي.
عودة لمذبحة قانا, فقد انتشل عمال الإنقاذ جثث أمهات قتلى ملتصقة بجدران المبنى وهن يحتضن أطفالهن الموتى. قد يُزال هذا المبنى وقد تُرْفَعْ الجثث من تحت الأنقاض ولكن كل حبة رمل تروي قصة استشهاد طفل أو امرأة بصواريخ أمريكية صُنِعَت خصيصاً لقتل الأطفال والنساء. الرسالة المهمة من هذه التجربة هي ذات شقين: الشق الأول هو: هل كانت تلك الصواريخ هي نفسها التي رسم عليها أطفال إسرائيل "رسائل" الكراهية لأطفال لبنان؟ والشق الثاني هو إذا لم تكن الأمم المتحدة حريصة أو قادرة على الدفاع عن جنودها الذين قتلتهم إسرائيل بدم بارد، فهل ستكون قواتها قادرة على حماية اللبنانيين المدنيين في المرحلة المقبلة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي