"أوقاف صالح الراجحي": مصنع متقدم للتمور وخطة لتطوير شبكة الري وفتح منافذ للبيع وإنشاء ثلاجات تبريد وتخزين
تمثل أوقاف صالح عبد العزيز الراجحي الخيرية ثقلا ليس على مستوى المملكة، بل على مستوى العالم، واكتسبت الأوقاف هذه المكانة من خلال دخولها موسوعة جينيس وذلك لتملكها أكبر مشروع نخيل في العالم والذي يحتوي على أكثر من 200 ألف نخلة.
عبد السلام الرجحي أمين عام أوقاف صالح الراجحي يعرض أبرز تفاصيل الأوقاف ومحتواها، وتحدث في هذا الحوار عن أهداف الأوقاف وأبرز الخطط الاستراتيجية والتطويرية له. هنا التفاصيل:
في البدء.. لماذا اتجهت إدارة الأوقاف إلى الاستثمارات الكبيرة في مجال زراعة التمور تحديدا؟
لا شك أن هذا الاتجاه يأتي امتداداً لاتجاه والدنا الشيخ صالح بن عبد العزيز الراجحي – شفاه الله وعافاه - حيث أوقف جزءا مهما من الأصول المملوكة له في المجال الزراعي، كما أن نظرتنا الاستثمارية تأتي تنفيذاً لرغبته، حيث أوصى أن يُستثمر منها جزء وتنفق أرباحه في المجال الخيري، وجـزء من التمور يوزع خيرياً، وهذا الاستثمار كله نابع مما اختص الله عز وجل به التمر من الفضائل الكثيرة المعروفة لدى الجميع. كما أن والدنا الشيخ صالح الراجحي نشأ وترعرع في بيئة نجدية تعتمد أساساً على الفلاحة مصدر دخل لها قبل التحول إلى التجارة، لذلك نشأ وفي قلبه حب مزارع نخيل التمور فنهض باستثماراته في هذا المجال حتى حقق أرقاماً عالمية.
هل لكم أن تسلطوا الضوء على المشاريع الزراعية الخـاصة بإدارة الأوقاف؟
تتكون المشاريع الزراعية الخاصة بإدارة الأوقاف من ثلاثة مشاريع وهي: مشروع الباطن المسمى مزرعة سمحاء، مشروع ضرماء، ومشروع الحائر، ومشروع الباطن هو أكبر مشروع نخيل وقد سُجِل كأكبر مزرعة نخيل في العالم وذلك في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ويضم 200 ألف نخلة ويقع المشروع في جنوب شرق بريدة في القصيم ويتميز المشروع بتنوعه في إنتاج أجود التمور والفسائل، وهذا الإنجاز العالمي يسجل لما تعيشه بلادنا الغالية من نهضة زراعية بمقاييس عالمية ومشروع ضرماء وهو يقع في محافظة ضرماء في منطقة الرياض ويضم المشروع 50 ألف نخلة من مختلف أصناف النخيل خاصة التي تلائم أجواء منطقة الرياض ومشروع الحائر وهو من أقدم المشاريع الزراعية على مستوى منطقة الرياض وهو مزار لأهل منطقة الرياض في السابق.
أشرتم إلى حصولكم على شهادة موسوعة جينيس للأرقام القياسية كيف تم ذلك؟
تم بفضل الله تسجيل مشروع الباطن في موسوعة جينيس للمعلومات العامة والأرقام القياسية كأكبر مشروع نخيل في العالم في شهر أيار (مايو) 2005 م، حيث إنه يحتوي على 200.0000 نخلة في موقع واحد ولمالك واحد وهو إدارة الأوقاف ولاتساع مساحته والبالغة 5466 هكتارا في أرض زراعية في منطقة القصيم ولاحتوائه على 47 بئرا، كما أنه يضم شبكة ري حديثة، بالإضافة إلى تعدد وتنوع أصنـاف النخيل فيه والبالغ عـددها 45 صنفاً، وكذلك انتظام جميع مساحات الغرس طولياً وعرضياً 10في 10 أمتار وغيره من المعايير والمتطلبات للحصول على هذه الشهادة وقد أتبعنا أفضل الطرق الحديثة في الإنتاج وحماية المحاصيل.
ما الطرق الحديثة المتبعة في الإنتاج وحماية المحاصيل الزراعية؟
يتم استخدام البرامج الزراعية الحديثة لخدمة النخيل في المشروع على مدار العام وذلك لتوضيح برامج ومنهج العمل الذي يتم على أساسه تحديد المدة اللازمة لتنفيذ كل برنامج، ومتى يبدأ العمل فيه ومتى ينتهي العمل منه؟ ومتطلبات تنفيذ البرامج من قوى عاملة ومعدات أو أسمدة أو مبيدات وهنالك ثمانية برامج للزراعة التطبيقية لخدمة شجرة النخيل على مدى العام تبدأ بالتقليم والتعشيب والتحويض، الوقاية والمكافحة لآفات النخيل والتمور ( نوع الرش وتوقيته )، الري، الاحتياجات الغذائية للنخيل ( نوع السماد وتوقيته )، غرس الفسائل، التلقيح وخف الثمار، تعديل وتسنيد وتكميم العذوق وأخيراً الحصاد والفـرز ومراقبة الجودة. ويأتي ذلك بهدف تطوير الإنتاج كماً ونوعاً مما يحقق أهداف الخطة الزراعية ومن الطرق الحديثة التي استخدمت الاعتماد على بدائل المبيدات الكيماوية والأسمدة المعدنية في الزراعة والتحول التدريجي من الزراعات التقليدية إلى الزراعات النظيفة.
كم يقدر حجم الإنتاج الحالي من التمور في مشاريع إدارة الأوقاف؟
يبلغ إنتاج مشروع الباطن 3400 طن تقريباً وسوف يبلغ حجم إنتاجه من التمور 14 ألف طن بعد إثمار جميع النخيل إن شاء الله.
ويبلغ إنتاج مشروع ضرماء 1200 طن تقريباً وسوف يبلغ حجم الإنتاج من التمور أربعة آلاف طن بعد إثمار جميع النخيل في المشروع إن شاء الله.
ما واقع زراعة النخيل وإنتاج التمور في المملكة ومنطقة القصيم خصوصاً؟
إن إنتاج المملكة من التمور يقدر بنحو 970.488 ألف طن وإن أعداد النخيل في المملكة 23 مليون نخلة تقريباً منها أكثر من 17 مليون نخلة مثمرة وقدرت المساحة المزروعة بالنخيل بنحو 43.176 ألف هكتار للعام 2005م. ومن المتوقع أن يتجاوز إنتاج التمور في المملكة المليون طن سنوياً خلال العام الحالي 2006 م، كما أن حجم صادرات المملكة العربية السعودية من التمور 49.102 ألف طن وهذا يمثل 5 في المائة من إجمالي إنتاج الممـلكة من التمور للعام 2005م، ووصـل معدل الاسـتهلاك المحـلي للتمـور إلى 847793 طنا للعام 2005 م.كما أن منطقة القصيم تعد الأبرز في إنتاج التمور من خلال مساحة الزراعة للنخيل والتي تمثل 22 في المائة، وبتسليط الضوء أكثر على منطقة القصيم نجد أنها تعد منطقة تشتهر فيها زراعة النخيل نظراً لطبيعتها الجغرافية التي تساعد على إنتاج أفضل أنواع التمور في المملكة، بالإضافة إلى المنتجات الأخرى من الخضروات والحبوب. وتمثل المساحة المحصولية للتمور داخل المملكة 12 في المائة لمنطقة القصيم، ويأتي إنتاج التمور في المرتبة الثانية بمساحة تبلغ 34.711 ألف هكتار بنسبة 15 في المائة من المساحة المحصولية الإجمالية لمنطقة القصيم بعد إنتاج القمح.
نأمل إعطاءنا فكرة عن البرنامج الخيري لتوزيع التمور؟
البرنامج الخيري لتوزيع التمور يعد واحداً من البرامج الخيرية الثابتة التي تقوم بها إدارة الأوقاف انطلاقاً من إدراكها لاحتياجات الأسر الفقيرة والمحتاجة في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية ولكون التمور أحد الأركان الأساسية للمائدة السعودية وسيصل مجموع ما تقدمه إدارة الأوقاف في البرنامج الخيري لتوزيع التمور الذي دأبت على تنفيذه منذ تأسيسها نحو إلى 7.600 ألف طن تقريباً من التمور بتكلفة إجمالية قدرها 28.5 مليون ريال تقريباً، واستفاد منها على مدى السنوات الماضية عشرات الآلاف من الأسر الفقيرة والمحتاجة في مختلف المناطق والمحافظات والقرى والهجر بالإضافة إلى التمور التي توزع على زوار الحرمين الشريفين من المعتمرين والحجاج خاصة خلال شهر رمضان وموسم الحج، كما أن إدارة الأوقاف تتولى إتمام جميع المراحل الخاصة بالتوزيع بدءاً من جني التمور إلى كنزها ثم تغليفها وإيصالها إلى كل الجمعيات والمؤسسات على امتداد المملكة مستخدمة في ذلك أحدث الأجهزة والأساليب العملية، والحمد لله أن يسر لإدارة الأوقاف ما يعينها على تقديم خدماتها الدعوية والخيرية والاجتماعية والإنمائية في ظل ما تنعم به بلادنا من أمن وأمان واستقرار، سائلاً الله عز وجل أن يتقبل ذلك من والدنا الموقف الشيخ صالح بن عبد العزيز الراجحي والعاملين في هذا الصرح الخيري.
ما الأهداف التي تسعى الإدارة الزراعية إلى تحقيقها؟
تسعى الإدارة الزراعية إلى تحقيق الأهداف التي أسسها ورسمها الموقف والدنا الشيخ صالح بن عبد العزيز الراجحي - جزاه الله خيراً - ومنها استثمار التقنية الحديثة وتوظيف وتطبيق الإدارة الحديثة لتنفيذ هذه الأهداف، تطوير المشاريع الزراعية ورعايتها، المحافظة على البيئة والتعاون العلمي والعملي مع المؤسسات الحكومية والأهلية ذات العلاقة وتبادل الخبرات معهم للوصول إلى أعلى إنتاجية وأجود نوعية من التمور لتغطية أكبر شريحة من الفقراء والمحتاجين.
ما الاستراتيجية الموضوعة لتحقيق ذلك؟
تم إعداد استراتيجية لتحقيق رؤية وأهداف إدارة الأوقاف على أربعة محاور رئيسة وهي التقنية الزراعية من خلال توفير مستلزمات الإنتاج وشبكة الري الحديثة بشكلٍ دائمٍ ومستمر، والتصنيع والإنتاج وهي على ثلاث مراحل بداية بالتصنيع الأولي للتمور ومنها التمور المكنوزة والعجائن ومشتقاتها، ومروراً بالصناعة التحويلية ومنتجاتها على سبيل المثال الدبس والخل والفركتوز وسكر التمر السائل والكحول الطبي والخميرة، وأخيراً بالصناعات الاستهلاكية ومنتـجاتها صناعة مشـروبات التمـر والحلويات ومربيـات التمور وقمر الدين والمعـمول والبسكويت.
التسويق والتوزيع وذلك بإيجاد فريق تسويقي متكامل وذي خبرة ومهارة عالية في تسويق المواد الغذائية وخاصة التمور وفتح منافذ للبيع في مختلف مناطق المملكة إن شاء الله، إضافة إلى الاشتراك في المهرجانات المحلية والإقليمية والدولية الخاصة بالتمور. المحور الأخير والرابع البحث والتطوير فيما يتعلق بإنشاء مشاتل لغرس الفسائل وتوفيرها على مدار العام وإعداد الأبحاث في كل ما يتعلق بالنخيل والتمور والمنتجات الثانوية لهما.
ما أهم الإنجازات الأخرى التي تحققت لهذه المشاريع؟
قمنا بحمد الله بزراعة 2535 هكتاراً في ثلاثة مشـاريع زراعية في حـدود 252085 نخلة منتجة وكذلك التسجيل في المنظمة الأوروبية للزراعة العضوية (الإيكوسيرت) لعـدد 27.000 نخلة بنسبة 13 في المائة من عدد النخيل في مشروع الباطن وأعددنا ثماني ورقات علمية عن مشاكل النخيل والتمور حكّمت ونشرت في المؤتمرات العالمية، بالإضافة إلى تطوير تطبيق برنامج الزراعة النظيفة، وتطوير برنامج لإنتاج أجود أنواع الفسائل، إدخال أجهزة حديثة من جهاز استخلاص حبوب اللقاح وإدخال الخلايا الشمسية بمشاريع الإدارة لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية لإنارة المصائد لجذب الحشرات، وتصميم بعض الآلات ومنها ماكينة 2000 لفرز التمور والعمل مستمر للحصول على براءة الاختراع للآلات، إدخال التلقيح الميكانيكي في المشاريع الزراعية، تطوير القائمين على العمل بمشاركتهم في المؤتمرات المحلية والعالمية، وإنشاء مكتبة علمية في الإدارة تضم جميع ما يتعلق بالنخيل والتمور ومقاومة الآفات والزراعات العضوية لزيادة المعرفة لمشرفي المشاريع والمراحل.
ما الخطط المستقبلية الإنتاجية والتسويقية لهذه المشاريع الزراعية؟
تم الشروع في إعداد خطة مستقبلية تشمل عشر سنوات قادمة والبداية الفعلية لتنفيذ هذه الخطة في مطلع عام 1428هـ إن شاء الله وتستمر إلى العام 1438 هـ بإذن الله، وتتركز هذه الخطة في زيادة معدلات الإنتاج من التمور وما يقابلها من ارتفاع في حجم المبيعات وذلك بزيادة أعداد النخيل المثمر لتصل إلى 252085 نخلة وتكون حصيلة الإنتاج من التمور 18524 طنا، وقد تمت دراسة كافة احتياجات الخطة من عوامل استراتيجية سواء كان للإنتاج من خلال توفير القوى العاملة اللازمة ومستلزمات الإنتاج وتطوير شبكة الري، وفتح منافذ للبيع وإنشاء ثلاجات تبريد إضافية وتخزين التمور وإنشاء مصنع متقدم للتمور ويأتي الهدف من الخطة للنهوض بالمشاريع الزراعية نحو الأفضل والتي من خلالها نسهم في دعم القطاع الزراعي والخيري داخل بلدنا المعطاء حتى تعم الفائدة على أكبر عدد ممكن من الفقراء والمحتاجين، إضافة إلى زوار الحرمين الشريفين والمعتمرين والحجاج من شتى بقاع العالم ولاسيما في موسمي (الحج - وشهر رمضان المبارك) ليحصلوا على تمور متنوعة وبجودة عالية وخالية من أي آثار من متبقيات المبيدات وبالتالي نكون قد حققنا هدف الوالد الشيخ صالح بن عبد العزيز الراجحي، سائلين الله أن يتقبل من الموقف ومنا ومنكم صالح الأعمال.