صيغة الاستثمار المباشر (10)

صيغة الاستثمار المباشر (10)

يقوم المصرف الإسلامي باستثمار أموال المودعين بنفسه أو عن طريق المتعاملين معه بتمويله لعملياتهم الاستثمارية. فإذا قام المصرف بتمويل مشاريع المتعاملين، فهو في هذه الحالة ربا للمال، والمتعاملون هم المضاربون، ويسمى ذلك استثمارا غير مباشر. وفي حالة قيام المصرف باستثمار الأموال بنفسه فهو في هذه الحالة مضارب والمودعون هم أرباب الأموال، وذلك طبقاً لعقد المضاربة بينهم، ويسمى الاستثمار في هذه الحالة استثماراً مباشراً، فالاستثمار المباشر هو الاستثمار الذي يمتلك بموجبه المصرف الإسلامي المشروع الذي يقوم بتأسيسه وإدارته.
ويجب أن تتوافر لدى المصارف الإسلامية الخبرات والمهارات التي تمكنها من إدارة هذه المشاريع، وفي حالة عدم توافرها يمكن أن يستعين بمن يعاونه في هذا العمل من المتخصصين أو الفنيين أو الخبراء.
ويقوم جهاز الخبراء لدى المصارف الإسلامية بإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع المقترحة، والتأكد من عدم مخالفة النشاط أو المنتجات للشريعة الإسلامية، مع الأخذ في الحسبان العائد وخدمة التنمية الاقتصادية.
وقد أجاز المؤتمر السادس لمجمع البحوث الإسلامية المنعقد في القاهرة سنة 1391هـ آذار (مارس) سنة 1971 الاستثمار المباشر، حيث جاء في البند الثالث الخاص بتوظيف الودائع واستخدام الموارد: "يجوز للبنك إجراء استثمارات مباشرة (يشرف عليها بنفسه) أو استثمارات غير مباشرة، كما يجوز له إنشاء مؤسسات استثمارية يقوم بتمويلها لتتولى نيابة عنه ولحسابه وتحت إشرافه وإدارة مشاريع استثمارية".
وطبقاً لذلك جاء عقد تأسيس بنك دبي الإسلامي سنة 1975م النص صراحة على أن من أغراض البنك القيام بجميع الأعمال المصرفية، المالية والتجارية، أعمال الاستثمار، إنشاء مشاريع التصنيع، التنمية الاقتصادية، والعمران، والمساهمات فيها من الداخل والخارج.
وتأكيداً للصفة الاستثمارية لأحد المصارف الإسلامية وهو المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية (المصرف المتحد حاليا)، جاء في عقد تأسيسه أن غرض الشركة هو مباشرة جميع الخدمات والعمليات المصرفية والمالية والتجارية المصرح بها لبنوك الاستثمار والأعمال، وما تتطلبه أعمال ومشاريع التنمية كافة، ومن هذه الأعمال على سبيل المثال: العمل بشتى الوسائل على إنماء وإنشاء وتنشيط الاستثمار في مختلف قطاعات التنمية، سواء بتأسيس مشاريع جديدة أو بتوسيع وتطوير مشاريع قائمة.
إن قيام المصارف الإسلامية بإنشاء مشاريع الاستثمار، أو الترويج لها أو المشاركة فيها ليس من باب الآمال أو الاختيار، ولكنه من باب المسؤولية الأصلية للمصرف الإسلامي، ودون هذه المسؤولية يصبح المصرف الإسلامي مجرد مؤسسة حلال وليس بالضرورة مؤسسة اقتصادية تدعم النظام الاقتصادي الإسلامي.
فالمصرف الإسلامي بطبيعة تركيبته لا يمكن أن يكون بنكاً تجارياً يتاجر بالأموال، ولكنه بنك استثمار وأعمال هدفه دائماً تنشيط الاستثمار والتنمية، وتنشيط المدخرين الصغار، وتنشيط أصحاب الحرف الصغيرة.
إن الصفة الاستثمارية للمصرف الإسلامي صفة ملازمة له تماما، مع الأخذ في الاعتبار أن إلغاء التعامل بالفائدة من عمليات البنك الإسلامي يجعل الاستثمار المباشر ليس فقط مسألة ضرورية، بل والشغل الشاغل أيضاً لإدارة البنك، ويتوقف عليها وجود البنك من عدمه، ليس فقط لمتطلبات الربحية ولكن أيضاً لمتطلبات السيولة والإمكان للبنك من ناحية وزيادة قدرة المجتمع على تشجيع الاستثمارات المستقبلية.
ولذلك يجب على المصرف الإسلامي تدعيماً للدور الاستثماري التنموي أن يقوم بالتعرف على فرص الاستثمار وتعريف المستثمرين بها والقيام بتحليل المشاريع ودراسة جدواها مع الترويج للمشاريع بعد دراستها وخاصة تلك المشاريع التي تتطابق مع الأولويات الإسلامية.
ولا يقتصر الاستثمار المباشر على إنشاء شركات إنتاجية فقط، وإنما يمكن الاستثمار عن طريق الاتجار المباشر وهو الشراء، سواء قام به الشخص نفسه أو تم لصالحه وذلك بهدف تقليب المال وتحريكه في عملية التجار للحصول على ربح حلال من الفرق بين تكلفة الشراء وسعر البيع ولتحقيق مصلحة أفراد المجتمع بتوفير احتياجاتهم من السلع المختلفة.
لذلك يجب على المصرف الإسلامي القيام بإجراء دراسات لاحتياجات الأسواق من السلع والمنتجات، وخاصة تلك التي يحجم عن تمويلها الأفراد نظراً لطول فترة الاستثمار أو لعائدها غير المجزي على الرغم من أهميتها الاجتماعية والاقتصادية.

خبير في المصرفية الإسلامية
www.bltagi.com

الأكثر قراءة