المرجعية العلمية لا تقاس بكبر السن وإنما بتحقق أمرين مهمين

المرجعية العلمية لا تقاس بكبر السن وإنما بتحقق أمرين مهمين

أكد الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء, أن المرجعية العلمية لا تقاس بكبر السن للعالم وإنما الأمر راجع إلى تحقق أمرين أحدهما رجاحة العقل والأمر الثاني التحصيل العلمي الذي من شأنه أن يكون العقل ذا استنارة من حيث القدرة على التبصر والتدبر, ووجود المرجعية أمر مهم ومطلوب, ولذلك نرى في بلادنا أن ولي الأمر, حفظه الله, لم يجعل الأمر فوضى بل عين جهة شرعية ذات ثقة وأمانة جعلها مرجعية للعلماء وقد زاولت هذه الجهة مسؤوليتها وكان لمزاولتها أثر كبير في سبيل التفاف العلماء حول انفسهم وحول مرجعيتهم والحمد لله والأمر ميسر ومنتظم, وليس هناك ما يقال إن المرجعية ضائعة بسبب تقاربهم في السن, فالمسألة رجاحة العقل وتحصيل علمي وكل ذلك متيسر في مرجعيتنا وفي مجموعة كبيرة من علمائنا, ولا شك أن هذا يدعو إلى الالتفاف وتوحيد الكلمة, وقال إنه وإذا وجد من يتناول العلماء ويسيء لهم فقد وجد من تناول سيد العلماء وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال عنه الجاهلون (ساحر وكذاب ومجنون وأن ما يتلوه ما هو إلا أساطير الأولين وأنه ... إلخ) وآذوه أذية بالغة بألسنتهم وامتدت أيديهم إليه ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم قدوة العلماء في الصبر والمرابطة والمصابرة, والواقع أن أهل الخير هم في الواقع لا يلتفتون إلى هؤلاء وفي الأمر نفسه لهم تعلق بالغ بعلمائهم فهم الذين ينيرون لهم السبل ويبينون لهم ما كان منكرا والمسالك السليمة والمسالك الملتوية فيتوجهون نحو توجهاتهم, وإذا وجد أجناس أخرى تستهزئ وتستهتر وتسخر مما يقوله العلماء فهؤلاء أمرهم إلى الله الذي سيحاسب كل إنسان على كل صغيرة وكبيرة وستجزى كل نفس بما كسبت فنسأل الله للجميع التوفيق. وأكد فضيلته أن هناك فرقا بين التيسير في الفتوى والذي معناه التجاوز في النصوص الشرعية وهذا لا يمكن أن يقوم به المفتي الذي يخاف الله, بينما هو كما قالت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثما) فنعوذ بالله أن القول بشيء مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم في نص من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وأوضح فضيلته أن الداعية إلى الله لابد أن يتصف بصفات معينة حتى يحقق النجاح في دعوته, ومن هذه الصفات أن يكون ذا علم وبصيرة وأن يكون قدوة لغيره فيما يدعو إليه يقول الله تعالى : (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) ويقول سبحانه أيضا (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) فلا يدعو الداعية إلى أمر ثم يرتكب ما يخالفه, وأن يكون ليناً في أسلوب دعوته ولا يكون غليظ القول لأن ذلك أبلغ إلى قلوب الناس, ولو تمعنا إلى كيفية انتشار الإسلام في بعض الدول الآسيوية الجنوبية (إندونيسيا وماليزيا والهند) وغيرها لوجدنا أنه انتشر عن طريق التجار المسلمين الذين وجدوا في تلك المناطق وكانوا قدوة حسنة في تعاملهم, فتأثر الناس بهذا الخلق, وعند ما سألوا عن سبب معاملتهم اتضح لهم أنه خلق الإسلام, فكان ذلك سبباً في دخولهم في دين الإسلام ودعا كل مسلم إلى عدم الانتقاص من إخوانه وأن من حقه إقامة الدعوى على من يقدر سواء كان الظلم والتعدي على سبيل الخطأ أو سبه العمد وتعمد القصد أو كان على سبيل العمد نفسه, والشارع الحكيم قد هيأ عقوبة لكل معتد سواء كان اعتداؤه على سبيل الخطأ أو الجهل أو كان اعتداؤه على سبيل العمد وتعمد القصد, فلا شك أن من انتقص له حق إقامة دعوى وله حق المطالبة بحقه, والمحاكم ولله الحمد فيها من القضاة أهل للنظر في تحقيق الحق وإبطال الباطل أو التوصل بالحكم إلى ما فيه أسباب الحصول على مقصري القضاء والفصل في الخصومة وإيصال الحق لطالبه ومن هو مستحق له .وتناول الحديث عن أن الإنترنت كوسيلة إعلامية حديثة, فقال لها جانبان جانب إيجابي وجانب سلبي .. أما الجانب الإيجابي فهو ما يتعلق بالإسلام من الناحية التوجيهية والدعوية وتوعية المسلمين إلى ما يجب عليهم أن يتجهوا به نحو دينهم ونحو مقتضيات هذا الدين من حيث الارتباط برب العالمين ومن حيث الارتباط بحسن المعاملة فيما يتعلق بالمرء مع أهله وبالمرء مع أسرته وأولاده ومجتمعه ثم بعد ذلك كله مع محيطه الإسلامي حيث إن الإسلام ينظر إلى المسلمين كبنيان واحد يشد بعضه بعضا فهم إخوة ومسؤولون عن تحقيق أسباب التضامن والتعاون والتواد والتراحم فيما بينهم وفي الأمر نفسه رد كل شبهة أو ضلالة من شأنها أن تزعزع هذه الهوية الإسلامية .. فلا شك أن هذا الجانب حينما يعنى العناية التامة في مواقع الإنترنت سيكون له أثر كبير في سبيل الدعوة إلى الله وفي سبيل التوجيه وفي سبيل تبصير المسلمين إلى ما يجب عليهم نحو جميع متعلقات حياتهم.
أما الجانب الآخر فهو الجانب السلبي وهو ما يتعلق بجوانب الإضلال والتضليل والتشبيه وبث أسباب الزعزعة الفكرية من حيث المعتقد ومن حيث الإخلال بمكارم الأخلاق فهو في الواقع أبواب مفتوحة نحو الرذيلة ونحو الفاحشة ونحو الإجرام ونحو التعامل بما تقتضيه, حيث إن الحلال ما تم وتوصل إليه والحرام ما حرم منه المرء ولم يستطع الحصول عليه ولا شيء غير ذلك, وجميع وسائل التحسين والتحقير وعوامل الكسب والاتفاق وعوامل الحرية الفردية والجماعية في الجانب السلبي فيما يتعلق بمواقع الإنترنت لا شك أنها خطر وخطر حيث إنه مسؤول عن أن يكون مثالاً في أخلاقه ومعتقده ومنهجه ومسالكه نحو جميع متطلبات شؤون الحياة, وبناء على هذا, ففي الواقع أننا إذا علمنا بأن أي وسيلة إعلامية الخير فيها مفتوح على أوسع أبوابه والشر فيها مفتوح على أوسع أبوابه إذا علمنا هذا وعلمنا أننا نستطيع أن نحصل على الخير من جوانب أخرى غير مواقع الإنترنت وإننا ونحن نتجه إلى مواقع الإنترنت في خطر من أن ندخل المداخل التي توصل الضلال, والإضلال والانحراف والبعد عن المسالك الشرعية ولا شك أننا في هذا نستطيع أن نقول: إن البعد عن مواقع الإنترنت سواء كانت هذه المواقع مواقع خير أو مواقع شر أمر لا بد منه فإن رد المفاسد مقدم على جلب المصالح .. ورسول الله, صلى الله عليه وسلم, يقول: "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه, ألا وأن لكل ملك حمى ألا وأن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة متى صلحت صلح الجسد ومتى فسدت فسد الجسد كله", وعليه أرى أن العصمة والبعد عن الزلل والضلال والتشبيه والوقوع بالغمز واللمز لا قيمة له ولا قيمة لآرائهم, فالعلماء متجهون إن شاء الله تعالى إلى ما فيه مرضاة الله سبحانه وتعالى من حيث الدعوة والتبصير والبيان والتوضيح وتعليم المسلمين ما يجب عليهم في أمور دينهم وفي أمور دنياهم.

الأكثر قراءة