"ستاندر آند بورز": تصاعد الطلب على التأمين في السوق الخليجية بضغوط 3 عوامل

"ستاندر آند بورز": تصاعد الطلب على التأمين في السوق الخليجية بضغوط 3 عوامل

أظهر تقرير دولي زيادة نمو التأمين الخاص بالأفراد والشركات في منطقة الخليج، بعد أن ظلت تبدو لفترة طويلة تعاني قلة معدلاته مقارنة بالمعدلات العالمية. وأوضح التقرير الذي أصدرته مؤسسة ستاندر آند بورز، تحت عنوان "منطقة الخليج تشهد نموا متسارعا للتأمين مع تصاعد طلب السوق عليها ومنافعها العملية" - حصلت "الاقتصادية" على نسخة منه، أن هناك ثلاثة عوامل أسهمت في تغيير المفاهيم حول التأمين، وعملت على زيادة نموه في المنطقة.
وأبان التقرير أن هذه العوامل هي: تنامي الثروة ما أدى إلى زيادة ملحوظة في الموجودات القابلة للتأمين والنشاطات ذات العلاقة في المنطقة، والتزام السلطات بتشريعات تأمينية أشد قوة، مع الانتشار الواسع للتأمين الإجباري، وبالذات تأمينات السيارات والتأمينات الطبية ما أدى إلى ترسيخ مفاهيم التأمين محلياً. وكذلك التطوير العملي لبديل تأميني إسلامي (معروف عالميا باسم التكافل).
وتتمتع شركات التأمين العاملة في الخليج حالياً بزيادات كبيرة في معدلات أرباح التأمين في أسواق ديناميكية وجذابة للغاية. وتسبب الارتفاع الكبير في أسعار النفط، ورغبة هذه الدول في محاولة تنويع عوامل دفع الاقتصاد، وتقليص الاعتماد على الطاقة، في إيجاد تنمية معتبرة في قطاع البنية التحتية في هذه المنطقة. وأدى ذلك، إضافة إلى توسيع نطاق وقيمة الموجودات المعرضة للمخاطر، إلى زيادة الطلب على الحماية من المخاطر، حيث تجد الشركات المحلية نفسها مهيأة بصورة جيدة لتقديم مثل هذه الخدمات.
وتعاني معدلات النمو التأميني في أسواق الدول المتقدمة من ركود بنسبة نمو تتراوح بين 2 و3 في المائة سنوياً، مقارنة بزيادات كبيرة في معدلات التأمين في دول الخليج، حيث شهدت أسواق هذه المنطقة عام 2005 معدلات تتراوح بين نسبة متدنية نسبياً في البحرين في حدود 5 في المائة سنوياً، إلى 17 في المائة في قطر، وأكثر من 30 في المائة في الإمارات.

تضاعف عدد شركات التأمين خلال عامين
نشرت خدمات التصنيف التابعة لـ "ستاندرد آند بورز" خلال الفترة الأخيرة تصنيفات تتعلق بمتانة القوة المالية لـ 12 شركة تأمين في منطقة الخليج، مقابل أربع شركات في تموز (يوليو) 2004، ودون وجود أي شركات بهذه الدرجة من القوة في عام 2003. وكانت العوامل الدافعة إلى زيادة هذا الاهتمام تتعلق بالتحرك باتجاه تشريعات أشد قوة لقطاع التأمين في دول الخليج، حيث تفرض التشريعات التي تطبقها حكومات المنطقة متطلبات تصنيف تعتبر هي الحد الأدنى للسماح باستخدام إعادة التأمين وتوفير المحافظ الاستثمارية من جانب شركات التأمين. كما أن السبب الثاني الدافع لذلك الاهتمام هو إدراك شركات التأمين المحلية للمنافع الناجمة عن إمكانية تقديم رأي مستقل ونافذ لحملة بوالص التأمين حول جودة الائتمان.
وكان من بين العوامل التي أثرت في زيادة ديناميكية التأمين في المنطقة، وفرة المخاطر التي تتطلب التأمين ما يعكس تركيز اقتصادات المنطقة على الطاقة. وتتمتع الموجودات البحرية والبتروكيماوية المعرضة للمخاطر بقيم فردية عالية، كما أنها كانت على الدوام في حاجة إلى الانتشار بين أعضاء سوق إعادة التأمين الدولية ذات الطاقة الكافية لاستيعاب هذه المخاطر المكثفة. وكان يطلب من شركات التأمين في دول الخليج، وغالباً من خلال "الشركة الوطنية أو التشريع المحلي، تغطية هذه المخاطر بالرغم من عدم قدرتها على تلك التغطية نظراً لصغر حجمها، ولذلك ظلت تلجأ على مدى تاريخها بصورة قوية إلى سوق إعادة التأمين الدولية. وكانت أرباحها تنجم في معظمها عن طريق القيام بدورها كوسيط، بدلاً من كونها جهات حقيقية لقبول مخاطر التأمين وإدارة المطالبات.

زيادة في الاحتفاظ بالمخاطر
حصلت نقلة واسعة في الفلسفة السلبية المتعلقة بالتعهد أو الضمان. ولاحظت "ستاندرد أند بورز" خلال السنوات الثلاث الماضية رغبة حقيقية من جانب شركات التأمين الرائدة في المنطقة في زيادة قدرتها على الاحتفاظ بالمخاطر من خلال زيادة قوة الرسملة، وقبول أفضل للمخاطر وإدارتها، وكذلك عبر الحصول على تصنيف حول قوة مركزها المالي من جانب "ستاندرد أند بورز".
ويعكس هذا التغيير في منهج النشاط العملي كذلك الطلب التأميني المتزايد، وإدراك شركات التأمين المحلية أن نشاطاتها العملية يمكن أن تستفيد من زيادة الاحتفاظ بالمخاطر، والإدارة الأكثر تركيزاً على الزبائن.
وعلى الرغم من أن الأسواق ليست ناضجة فيما يتعلق بمستوى تطورها، إلا أن شركات التأمين تعمل بنشاط على إيجاد فرص لتغطية المزيد من المخاطر الجديدة، وإنشاء أنظمة سيطرة لتحسين إدارة المخاطر التي تتعرض لها شركات التأمين.

تنويع الهياكل التنافسية
تشهد الهياكل التنافسية في المنطقة تغييرات كذلك، في الوقت الذي تبدأ فيه شركات التأمين الرائدة في أن تصبح شركات إقليمية، يتزامن معها تحرك السلطات الإقليمية لتسهيل ذلك.

الرسملة القوية تدعم التصنيفات في المنطقة
وتظهر شركات التأمين الخليجية التي تتلقى تصنيفات "ستاندرد أند بورز" المتعلقة بقوة الموقف المالي، رسملة قوية، ما يؤهلها إلى زيادة قدرتها على دعم النمو السريع في ضمانات المخاطر خلال أفق التصنيفات. وهناك خاصية غير عادية لشركات التأمين الإقليمية تتمثل في قدرتها على تمويل ودعم النمو القوي للنشاطات العملية من خلال موارد محلية، إذ لم تكن هنالك سوى حاجة بسيطة إلى أموال استثمارية إضافية، إضافة إلى قلة الرغبة في الديون. وتظهر معظم الشركات قدرات رأسمالية ممتازة، غير أن جانب الضعف الذي يبرز حين مقارنتها بالشركات الدولية يتعلق بإدارتها لاستثماراتها. وتزيد الرسوم الخاصة بمخاطر الاستثمار، والتركيز والتقلبات، وفقاً للنموذج القائم على المخاطرة الاستثمارية، على 80 من مجموع الرسوم الرأسمالية على النقيض من رسوم الضمان المركزية لتسعير المخاطر التي يصل معدلها إلى 10 في المائة. ومن المفروض عكس هذه النسب في الأسواق الناضجة المتطورة.

التصنيفات مقيدة بمخاطر التقلب
تميل التقلبات المتضمنة في المحافظ الاستثمارية لشركات التأمين الخليجية إلى أن تصبح قيداً على التصنيفات. وأدى انتعاش أسواق الأسهم بين عامي 2002 و2005 إلى اجتذاب أموال شركات التأمين باتجاهها. ويزيد ذلك، إضافة إلى الانعدام النسبي للتنويع، وقلة وجود الأدوات المصنفة التي يستطيع المستثمرون من خلالها توظيف أموالهم في المنطقة، من عوامل المخاطر الرئيسية التي تتعرض لها شركات التأمين في المنطقة. غير أن السيولة في المنطقة قوية بوجود أموال سائلة فورية لمواجهة المطالبات المتوقعة.

مكاسب تاريخية
كانت المكاسب التي حققتها شركات التأمين الخليجية قوية تاريخياً بوجود نسبة 100 في المائة من المعدلات المختلطة (المطالبات والتكاليف والدخل الرئيسي). ورافقت كل ذلك عوائد استثمارية جيدة، وبالتالي تمكين المستثمرين من الحصول على عوائد مرضية. غير أن الانتعاش الذي شهدته أسواق الأسهم خلال السنوات الأخيرة تسبب في تشوهات بارزة في اتجاهات العوائد. واستمر ذلك عام 2006 بعد تصحيحات حادة للغاية في أسواق الأسهم خلال الربع الثاني من العام ما أدى إلى هبوط نتائج النصف الأول من العام. وعلى ذلك فإن العوائد المتحصلة من حيث تقييم السوق للاستثمارات يمكن أن تظهر بصورة أضعف بالنسبة لعام 2006. وباستبعاد التشوهات الناجمة عن أسواق الأسهم، فإن "ستاندرد أند بورز" ترى أن عوائد الضمانات المركزية لشركات التأمين سوف تستمر في نموها، كما أنها تعتبر في صالح تلك الشركات.

ضغوط إدارة المخاطر وحاكمية الشركات
على الرغم من أن الصورة الشاملة لشركات التأمين الخليجية إيجابية، إلا أن هنالك بعض الضغوط على "مجتمع التأمين" لا بد من إدراكها. ولا تزال إدارة المخاطر وحاكمية الشركات ممارسات تتصف بعدم التطور في المنطقة، إضافة إلى أن المتطلبات التشريعية المتزايدة في الوقت الراهن تفرض على الشركات أن تكون أكثر انضباطاً في الأمرين .
ويقصد بـ "مجتمع التأمين" جميع العاملين بهذا القطاع من شركات تأمينية، وسطاء مخاطر من السماسرة والوكلاء، والمستثمرين كما أفاد لـ "الاقتصادية" كيفين ويليس مؤلف التقرير.
وسيظل حجم أسواق التأمين صغيراً بالمقاييس الدولية، وبالتالي يقل الاهتمام بها من قبل كبريات شركات التأمين العالمية. وأكد كيفن عبر البريد الإلكتروني "أن الربحية العالية لهذه الأسواق تزيد من جاذبيتها في نظر الداخلين الجدد". إلا أنه يستطرد "أن شركات التأمين العالمية لديها حضور بالخليج، وهم - أو من المفترض عليهم، أن يكونوا مستعدين لتوسيع أنشطتهم التأمينية في المنطقة".
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي يزيد فيه انفتاح الأسواق استجابة للاتفاقيات التجارية، فإن الضغوط التنافسية من جانب المزودين الجدد يمكن أن تدمر المنافع التي تجنيها شركات التأمين من الوعي المتزايد بأهمية تغطية المخاطر.
وعما إذا كان هناك نقص في التوعية الثقافية للتأمين في السعودية، ومدى منفعة خطوة التأمين الإجباري الذي تقوم به السعودية، أجاب كيفين ويليس "تتوافق هذه الخطوة المتعلقة بالتأمين الإلزامي على المركبات، وكذلك التأمين الطبي مع الإجراءات والممارسات التأمينية الراسخة من الدول المتطورة أو الاقتصادات الغربية الناضجة كبريطانيا على سبيل المثال". وأضاف"أن آلية التأمين - سواء الإجباري أو التطوعي، لن تعمل بشكل مؤثر إذا ما كانت تكلفته السعرية باهظة".
ووصف التقرير طرح التأمين الإلزامي على المركبات، وكذلك التأمين الطبي في السوق السعودية، بالتغيير الأساسي، حيث تحتاج صناعة التأمين إلى النمو بما يواكب عدد السكان الذي يزيد على 20 مليون نسمة. ولا بد أن تصبح هذه السوق قادرة على تلبية الطلب المتزايد على التأمين.

الأكثر قراءة