صفقات استحواذ خليجية في أوروبا وأمريكا بـ 26 مليار دولار
كشف معهد التمويل الدولي ومعهد حوكمة الشركات التابع لمركز دبي المالي العالمي، أن الشركات الخليجية وسعت أنشطتها في الأسواق، حيث أنجزت عمليات استحواذ بنحو 26 مليار دولار في أوروبا وأمريكا الشمالية خلال العام الحالي وحده. وجاء الكشف عن التقرير خلال الاجتماع السنوي لمعهد التمويل الدولي في سنغافورة في إطار استراتيجية تسعى إلى تنسيق وتوحيد معايير حوكمة الشركات في دول الخليج وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.
كما أكد المعهد في تقريره الذي عنونه بـ "حوكمة الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي من منظور المستثمر" أن تصحيح الأسعار الذي شهدته أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي، بدأ يأخذ توجهاً صاعداً نحو تحسين معايير حوكمة الشركات في المنطقة.
وفي مايلي مزيداً من التفاصيل
اعتبر تقرير أصدره معهد التمويل الدولي ومعهد حوكمة الشركات التابع لمركز دبي المالي العالمي، أن تصحيح الأسعار الذي شهدته أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي، بدأ يأخذ توجهاً صاعداً نحو تحسين معايير حوكمة الشركات في المنطقة. وكانت الشركات الخليجية في الأسواق الغربية قد وسعت نشاطها، حيث أنجزت عمليات استحواذ بنحو 26 مليار دولار(تحديدا 25.9 مليار دولار) في المملكة المتحدة، أوروبا، وأمريكا الشمالية خلال العام الحالي وحده.
وجاء الكشف عن التقرير خلال الاجتماع السنوي لمعهد التمويل الدولي في سنغافورة في إطار استراتيجية تسعى إلى تنسيق وتوحيد معايير حوكمة الشركات في دول الخليج وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.
ويعد تقرير "حوكمة الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي من منظور المستثمر" أول دراسة لقياس معايير الحوكمة المتبعة في المنطقة، وهو ثمرة لسلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين في سلطات الأسواق المالية والمصارف المركزية والبورصات، ومديري الصناديق الاستثمارية المحليين، والمحامين والخبراء والمحاسبين والاستشاريين الإداريين المهتمين بحوكمة الشركات في مجلس التعاون.
وأبان الدكتور عمر بن سليمان محافظ مركز دبي المالي العالمي أن نتائج الدراسة ستساعد صناع القرار في دول مجلس التعاون الخليجي على تحديد مجالات الإصلاح الرئيسية ونشر الوعي بمزايا الحوكمة الجيدة بالنسبة للشركات والأسواق.
أما الدكتور ناصر السعيدي المدير التنفيذي لمعهد حوكمة الشركات فقال إن دراسة حوكمة معهد التمويل الدولي تظهر أن حوكمة الشركات في دول الخليج لا تزال في مراحلها الأولى من التطور، مع الإشارة إلى أن تقدماً حقيقياً حصل مع بدء الدول في تعديل القوانين الحالية للشركات وتعزيز آليات المحاسبة وتلبية متطلبات الحوكمة في الشركات. وإدراكاً منهم لحقيقة أن الحوكمة الجيدة تشكل عاملاً أساسياً في ضمان استدامة النمو والتطور في منطقة الخليج، نرى أن صناع القرار بدأوا يمسكون بزمام المبادرة ويلتزمون بتطبيق معايير أكثر أماناً لحوكمة الشركات في دول مجلس التعاون. وأوضح تشارلز دالارا مدير عام معهد التمويل الدولي أنه في الوقت الذي لا تزال فيه ممارسات حوكمة الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي دون المستويات العالمية في عدد من المجالات، إلا أن هناك ما يشبه الإجماع على ضرورة نشر ثقافة أفضل في مجال حقوق المساهمين وإعطاء الأولوية إلى برامج تعزيز حوكمة الشركات.
ويلفت دالارا إلى أن التطورات التي حدثت على صعيد الحوكمة حدثت مدفوعة بأربعة عوامل رئيسية: أن منظمي أسواق المال يستخدمون التصحيح السعري الأخير في أسواق الأوراق المالية الخليجية من أجل "تحديث" إطار عمل حوكمة الشركات. ففي الوقت الذي تدرك فيه السلطات أن تصحيحات الأسعار ليست مرتبطة مباشرة بضعف معايير حوكمة الشركات، كان هناك ضغط من جمهور المستثمرين لكي تتدخل هذه السلطات بسبب تشجيعها لهم سابقاً على المشاركة الواسعة في الإصدارات الأولية العامة. وتم وضع مسودة قوانين لحوكمة الشركات وتطبيقها من قبل سلطات أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث طبقت بورصة مسقط هذه القوانين عام 2003 وتبعتها سوق أبو ظبي للأوراق المالية عام 2006. وفي هذه الأثناء، أعد المنظمون في الإمارات، السعودية، البحرين، قطر، والكويت مسودة قوانين يتوقع أن يتم تطبيقها في عام 2007. العامل الثاني يتمثل في النشاط المتزايد للشركات الخليجية في الأسواق العالمية، ويسهم في تحسين معايير القطاع الخاص وفقاً لأفضل الممارسات العالمية فقد أنجزت الشركات الخليجية عمليات استحواذ بقيمة 25.9 مليار دولار في المملكة المتحدة وأوروبا وأمريكا الشمالية خلال العام الحالي وحده. ومن المتوقع لهذا التوجه أن يستمر مع مواصلة القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي التوسع من خلال الاستحواذ على أصول أجنبية.
ويتمثل العامل الثالث في كون القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي يقدم مساهمة كبيرة في أعقاب التزام المصارف المركزية بتلبية متطلبات "بازل1" و"بازل2"، حيث قامت المصارف المركزية في دول مجلس التعاون الست بتعديل أنظمتها لتتضمن متطلبات حوكمة الشركات، مثل تحقيق الشفافية والإفصاح في البيانات المالية، وإجراء تدقيق على مستوى مجلس الإدارة، وتشكيل لجان التعيينات والتعويضات، وتعزيز إدارة المخاطر.
وآخر العوامل هو أن فتح أسواق المال الخليجية أمام الاستثمارات الأجنبية سيعزز المعايير داخل الشركات المدرجة في أسواق دول مجلس التعاون نتيجة لارتفاع سقف التوقعات من هؤلاء المستثمرين.
ولفت إدوارد بيكر رئيس مجموعة استشارات حقوق المساهمين في معهد التمويل الدولي ومدير الاستثمار التنفيذي للأسواق العالمية الناشئة في "ألايينس بيرنشتاين" إلى أنه تم في تقرير دول مجلس التعاون الخليجي كما هو الحال بالنسبة لجميع تقارير مجموعة استشارات حقوق المساهمين، مراجعة آليات حوكمة الشركات من منظور مستثمرين محترفين في الأسواق العالمية، حيث جرت عملية التقييم وفقاً لقوانين معهد التمويل الدولي الخاصة بحوكمة الشركات.
ويقدم التقرير عدداً من التوصيات التي تضمن لدول مجلس التعاون الخليجي الارتقاء بحوكمة الشركات إلى مستويات جديدة تنسجم مع المعايير المعتمدة في معهد التمويل الدولي منها:
- هناك حاجة إلى المزيد من الالتزام بتطبيق حوكمة أفضل للشركات من قبل السلطات السياسية وكبار المسؤولين الحكوميين المعنيين بتطوير أسواق المال من أجل تفعيل التغيير الحقيقي. ويتعين على المنظمين تنفيذ إصلاحات حوكمة الشركات بشكل عاجل في الشركات الحكومية، التي تعد مساهماً رئيسياً في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. ويمكن تسريع إصلاح قطاع الشركات من خلال مطالبة الموردين وشركات القطاع الخاص بتطبيق معايير جيدة للحوكمة.
- يحتاج المنظمون في دول مجلس التعاون الخليجي إلى التعاون بشكل أوثق لتعزيز أسواق الأسهم في المنطقة. وباستثناء السعودية والكويت، تعد أسواق الأسهم في المنطقة صغيرة وضحلة نسبياً. وبالتالي، فإن تشكيل لجنة خليجية لحوكمة الشركات تضم المنظمين والمشاركين في السوق سيساعد على توحيد المعايير والممارسات والأنظمة وتطبيقها في جميع أسواق الأسهم في المنطقة. وهذا من شأنه الحد من الأخطار السائدة عبر مطالبة الشركات المصدرة للأوراق المالية بالحصول على تصنيف ائتماني، تطبيق إجراءات أكثر صرامة في تحديد أسعار الإصدارات الأولية العامة، تشجيع تطوير قوانين التداول الخاصة بالمطلعين على بواطن الأمور، وتثقيف المستثمرين.
- تشكيل محاكم مختصة لتطبيق قوانين الأوراق المالية، مما يسرع البت في القضايا ذات الصلة بالأوراق المالية والتمويل وتقليص تكاليف المحاكمات.
- تعزيز الشفافية المالية من خلال توحيد قواعد إعداد التقارير المالية، خاصة التقارير السنوية المقدمة للمساهمين.
- فتح سجل للشركات ومطالبتها جميعاً (ابتداء من المؤسسة الفريدة وانتهاء بالشركة المساهمة العامة) بتوفير المعلومات، ما يساعد الشركات غير المدرجة على تطوير ممارسات أفضل لإعداد التقارير المالية.
ويعد التقرير الخطوة الأولى في إطار الجهود المنسقة التي يبذلها "حوكمة" وشركاؤه لتوحيد معايير حوكمة الشركات في منطقة الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا بشكل عام.