هل لدينا بيل جيتس حكومي؟

<a href="mailto:[email protected]">albadr@albadr.ws</a>

والخبر هنا يتحدث عن أغنى رجل في العالم يترك مقاعد إدارة أكبر شركات البرمجيات مع استمراره كرئيس لمجلس إدارة الشركة ليتفرغ للأعمال الخيرية التي أسسها بنفسه ووضع فيها ثلث ثروته، وهو قد أعلن أن الدافع الرئيسي هو رغبته في تخصيص مزيد من الوقت لقضايا قرر مواجهتها عبر مؤسسته الخيرية، وقد يكون هناك فائدة أكبر للشركة بضخ فكر جديد في الإدارة العليا ليكمل مسيرة النجاح التي بدأها جيتس بنفسه وحمل رايتها خلال السنوات العشرين الماضية بشكل يفيد العمل نفسه، خصوصا ونحن نعلم عن الضغوط التي تتعرض لها "مايكروسوفت" في كثير من دول بتهمة مكافحة الاحتكار، وكذلك بطء النمو في مبيعات الشركة خلال العام الماضي، حيث سجلت 8 في المائة فقط، وذلك للمرة الأولى منذ تأسيسها. وقد يكون التنحي يحمل مستقبلا أفضل لشركته، وكذلك مستقبل أفضل لجميع موظفي الشركة، بحيث يكون قرار التنحي حافزا لهم للعمل بجد أكبر، نظرا لاتساع فرص الوصول إلى القمة. وفي النهاية تعود الفائدة على الشركة وعلى أرباحها وموقعها في السوق، وهو الهدف الذي كان وما زال جيتس ينشده.

ويمثل قرار بيل جيتس ثوره على مستوى عمل القطاع الخاص وهو القطاع الذي نعلم أن مؤسسي الأعمال يتابعون أعمالهم حتى آخر لحظة في حياتهم، لدرجة أن بعضهم يتابع التفاصيل اليومية بشكل دقيق، مما يحتم توحد التوجه والنظر بعين واحد قد تجلب الضرر لأي عمل كان، خصوصا فيما يخص العصاميين الذين بنوا أعمالهم من العدم، وضحوا بشبابهم من أجل تطويره والارتقاء به، ومع ذلك فعلها بيل جيتس، وهو الذي ارتبط اسمه بالتقنية بشكل عام و"مايكروسوفت" بشكل خاص.

أقول إن هذا التوجه من بيل جيتس وما يحمله من صعوبة في اتخاذ مثل ذلك القرار، يحمل الكثير من الدروس التي يجب أن تنتشر بين الجميع، خصوصا ونحن نرى التراكم الكبير في إدارات الدوائر الحكومية لدينا لموظفين ما زلوا يمارسون العمل نفسه الذي عملوه خلال عقود من الزمن، خصوصا فيما يخص المناصب القيادية، التي يتبوأها رجال ندين لهم بالشكر على ما قدموه خلال عقود من الزمن لخدمة الوزارات والإدارات الحكومية التي تقلبوا بين مناصبها، ولكن الرحيل أنفع للجميع وسنشكرهم أكثر وأكثر إذا أفسحوا المجال لجيل جديد يحمل الفكر الإداري المعاصر، وينقلنا من جيل البيروقراطية إلى جيل الاحترافية في جميع أمور العمل، لجيل يخدم التوجه العام للمملكة، وهي تعيش أزهى فتراتها الاقتصادية وتملك جميع الموارد لدفع عجلة النمو بشكل أسرع ومنظم بشكل أفضل وباستيعاب أكبر للتوجه العام، وللحاجة التي يفرضها النظام العالمي المتغير.
نعم نحن بحاجة إلى أن نرى بيل جيتس حكومي في مناصب قيادية يتركوك منصبه للمصلحة العامة، وهي في آخر المطاف تصب في مصلحة الوطن. كم أتمنى أن أرى بعض القيادات تتنازل عن تلك الكراسي لتنقل خبراتها إلى جيل جديد يدرس خلف مقاعد الجامعات ليكون الكسب مزدوجا، بل أكثر عندما نكون استفدنا من جيل خدم العمل الحكومي وجيل جديد يستفيد من التجارب السابقة لأولئك الرواد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي