البنك الدولي يحذير الدول الفقيرة من الإفراط في الاقتراض
حذر وزراء المالية في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، الدول الفقيرة التي تم شطب ديونها من الإفراط في الاقتراض من جديد حتى لا تسقط مرة أخرى في براثن أزمة الديون.
ويشعر وزراء بالقلق لظهور نوع جديد من الحكومات الدائنة - وبصفة
خاصة الصين - تقدم القروض بشروط تجارية لدول فقيرة استفادت من شطب ديون قديمة بعشرات المليارات من الدولارات.
وقالت لجنة التنمية في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في بيان "حذرنا من الإفراط في الاقتراض بعد تخفيف الأعباء لأن ذلك قد
يؤدي إلى عودة ظهور أزمة الدين".
في الوقت نفسه، تبنى وزراء مالية الدول الأعضاء في البنك الدولي أمس، استراتيجية مثيرة للجدل لمواجهة الفساد في البلدان النامية، لكنهم قالوا إنهم سيراقبون عن كثب كيفية تنفيذها.
وكانت قضية محاربة الفساد وتشجيع الحكم الرشيد في الدول النامية قد تصدرت جدول أعمال لجنة إعداد سياسات التنمية في صندوق النقد والبنك الدوليين التي اجتمعت أمس في إطار الاجتماعات السنوية للمؤسستين الدوليتين التي تستضيفها سنغافورة حاليا.
وقال بول وولفويتز رئيس البنك الدولي للجنة التنمية التي بدأت اجتماعاتها أمس، قبل بدء الاجتماعات الرسمية لصندوق النقد والبنك الدوليين اليوم، إن جهود تشجيع الإدارة في الدول النامية ودعمها عنصر أساسي في محاربة الفقر في هذه الدول. يذكر أن الاجتماعات غير الرسمية للوفود المشاركة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين بدأت الأربعاء الماضي، في حين تبدأ الاجتماعات الرسمية للمؤسستين اليوم.
وأضاف وولفويتز أن الالتزام بمعايير الشفافية والمحاسبة أمر ضروري من أجل ضمان حسن إنفاق الأموال مما يؤدي إلى زيادة النمو الاقتصادي.
وكان البنك الدولي في ظل رئيسه الحالي وولفويتز الذي كان نائبا لوزير الدفاع الأمريكي قبل انتقاله إلى البنك الدولي العام الماضي قد أوقف تقديم مساعدات اقتصادية إلى دول إفريقية وآسيوية بقيمة مليار دولار بدعوى وجود ممارسات فساد في تلك الدول تحول دون تحقيق الهدف من هذه المساعدات وهو خفض معدلات الفقر بين شعوب تلك الدول الفقيرة
واستأنف البنك تقديم الجزء الأكبر من هذه المساعدات بعد أن تعهدت الدول المتلقية للمساعدات بتبني سياسات صارمة لمكافحة الفساد.
وأوضح مسؤولون في البنك الدولي أن الفساد في الدول النامية أدى إلى
ضياع مساعدات مالية وقروض بقيمة تصل إلى تريليون دولار خلال السنوات الماضية دون أن يستفيد الفقراء في تلك الدول الفقيرة من تلك القروض والمساعدات الدولية. في الوقت نفسه وجه عدد من الدول الإفريقية انتقادات عنيفة إلى البنك الدولي بدعوى تبنيه معايير صارمة بشأن تقديم المساعدات لهذه الدول التي تقول إنه لا يجب معاقبة الشعوب بسبب فساد الحكومات.
وكانت بريطانيا أيضا قد هددت بوقف تقديم 50 مليون جنيه استرليني من مساهمتها في ميزانية البنك الدولي احتجاجا على بعض الشروط الاقتصادية المثيرة للجدل التي يحاول البنك ربطها بمساعداته للدول النامية.
ولكن وولفويتز قال أمام لجنة سياسة التنمية أمس إن البنك الدولي لن يتخلى عن الفقراء في العالم لمجرد أن مؤسساتهم وحكوماتهم ضعيفة. وأضاف أن التخلي عن الفقراء في هذه الحالة يعني "أنهم سيعاقبون مرتين". وأشار إلى ضرورة قيام الجهات المانحة بالبحث عن قنوات بديلة لتقديم المساعدات إلى الفقراء في الدول النامية بعيدا عن المؤسسات الحاكمة الفاسدة أو الضعيفة.
وذكر وولفويتز أنه مصر على أن تتجه المساعدات الاقتصادية إلى "أبطال الإصلاح" في مختلف أنحاء العالم في إشارة إلى أكثر الدول النامية التزاما بتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
يذكر أن معارضي سياسات البنك الدولي سواء كدول أو منظمات تتهم بول وولفويتز باستغلال المساعدات الاقتصادية التي يقدمها البنك للدول النامية من أجل تنفيذ أهداف سياسية تتعلق بالخطط الأمريكية.
يذكر أن اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين تعقد في سنغافورة حاليا في ظل إجراءات أمنية صارمة لمنع مناهضي العولمة ومعارضي صندوق النقد والبنك الدوليين من تنظيم مظاهراتهم الاحتجاجية المعتادة.
من ناحية أخرى، انتقدت أكثر الدول فقرا أمس الثغرات التي تشوب
المبادرة الدولية التي أدت هذه السنة إلى تخفيف ديونها لدى البنك وصندوق النقد الدوليين.
وقال علي الأمين زين وزير خارجية النيجر في سنغافورة على هامش الاجتماع السنوي لهاتين المنظمتين الدوليتين "حتى لو تم إلغاء كامل الديون، فإن هذه الدول بحاجة إلى موارد إضافية لتمويل تنميتها".
والوزير النيجري هو رئيس مجموعة وزراء مال أكثر الدول مديونية، وهي في غالبيتها إفريقية ومستفيدة من المبادرة المذكورة.
وكانت المنظمتان، إضافة إلى البنك الإفريقي للتنمية، قد قررتا العام الماضي
إلغاء ديون قدرها 50 مليار دولار مترتبة على نحو 40 دولة فقيرة وترزح تحت عبء دين كبير.
وفُرضت على هذه الدول شروط صارمة في ما يتعلق بالطريقة التي يمكن لها أن تنفق الأموال التي تم توفيرها من هذه العملية.
وفي محصلة سنة كاملة من اتباع سياسة تخفيف الديون، أشار الوزراء إلى العديد من الثغرات، ولا سيما عدم الحصول على الموارد الإضافية التي يفترض أن تشجع على التنمية، والمعايير الصارمة المفروضة للحصول على مزيد من تخفيف للديون. وأوضح كوادوو ويريندو وزير المال في غانا "إذا أردتم حقا الحد من دوامة الفقر، يجب إيجاد مال للكهرباء والبنى التحتية والمدارس وعلينا بالتالي الاقتراض مجددا".
وأشار على سبيل المثال إلى أنه حتى لو حصلت بلاده من المؤسسات المالية الثلاث على تخفيف قدره أربعة مليارات دولار، فإنه بالنسبة إلى البنك الدولي، تمتد عملية التخفيف إلى 40 سنة، ما يعني أنه في عام 2006، ستوفر العملية على البلاد 28 مليون دولار فقط.
وانتقد الوزراء قرار البنك الدولي تحديد كانون الأول (ديسمبر) 2003 آخر تاريخ ليكون للبلد الحق في المطالبة بالتخفيف، علما أن المبادرة لم تدخل حيز التنفيذ إلا في الأول من تموز (يوليو) 2006، ما يعني كل الديون المتراكمة بين هذين التاريخين لن تؤخذ بالاعتبار في هذا التخفيف.
كما انتقدوا أيضا عدم إعلان بنك التنمية الأمريكي مشاركته في المبادرة.