مستقبل غامض لبورصات الخليج ومطالب بتعزيز الشفافية
توقع مشاركون في المؤتمر الرابع لأسواق الأسهم الخليجية استمرار الهبوط الذي تشهده أسواق المال في المنطقة ولكن بمعدلات أقل مما حدث في النصف الأول من العام الحالي. وشدد المؤتمر الذي انطلقت أعماله في دبي أمس ويحضره عدد من مديري الهيئات الرقابية في بورصات المنطقة على أهمية تعزيز مبادئ الشفافية وإدخال إصلاحات على هيئات الرقابة بالشكل الذي يسهم في القضاء على مصادر الشائعات.
من جانبه، أكد علي الكمالي المدير التنفيذي لمجموعة داتاماكس رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر أن السلطات النقدية المالية في دول مجلس التعاون أولت اهتماماً متزايداً لتطوير، إصلاح، وتحرير أسواقها المالية انطلاقاً من الدور المهم الذي تلعبه هذه الأسواق في تعزيز النمو الاقتصادي وتنويع القاعدة الإنتاجية. وأوضح أنه رغم التطورات الإيجابية التي شهدتها أسواق الأوراق المالية الخليجية خلال السنوات الأخيرة من النواحي التشريعية، المؤسسية، وترسيخ قواعد نظم العمل فيها ودعمها، إلا أنها ما زالت تعاني من عدد من أوجه القصور التي تحد من قدرتها على القيام بالدور التمويلي والتنموي المنوط بها. ونوه إلى أن من أهم أوجه القصور المذكورة ضعف الأطر التشريعية والتنظيمية المتمثل أساساً في غياب الاستقلال الإداري لبعض الأسواق الخليجية، قلة الصلاحيات المخولة لهذه الأسواق، افتقارها إلى أدوات الرقابة التي تساعدها على إدارة الأوراق المالية وغياب المؤسسات المساندة مثل شركات صانعة الأسواق، مؤسسات الحفاظ والإيداع المركزي، شركات التسوية والمقاصة، وشركات الترويج وضمان الاكتتاب.
وذكر أن أوجه القصور تتضمن أيضاً ضيق الأسواق المالية ومحدوديتها، صغر أحجام الأسواق المالية الخليجية، ضعف الإفصاح، ضعف الانفتاح على الخارج فيها، وضعف أنشطة الوساطة المالية.
وطالب بضرورة أن تتعامل أسواق الأوراق المالية الخليجية مع هذه التحديات وتحوّلها إلى فرص حقيقية للنمو والتطور خلال المرحلة المقبلة، مستفيدة من الجهود التي تبذلها السلطات النقدية المالية لمواصلة سياسات الإصلاح المالي التي تصاحبها مواصلة الإدارات الاقتصادية الخليجية لسياسات الإصلاح الاقتصادي التي تتبناها منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
وبيّن أن التعاون فيما بين هذه الأسواق يبقى حجر الزاوية في عملية دفع النمو في هذه الأسواق وتمكينها من التغلب على التحديات والصعوبات الراهنة والمتوقعة في ظل التوجه الخليجي الرسمي لتعميق مستوى التعاون والتكامل الاقتصادي فيما بين الدول الأعضاء وإمكانية استخدام الوحدة النقدية الخليجية الموحدة.
وقال إن حجم أسواق الأوراق المالية الخليجية من أهم المشاكل التي تواجه هذه الأسواق، إضافة إلى عدم المقامرة للخروج من النطاق الإقليمي، مع ضرورة أن تكون هذه الأسواق مفتوحة، مؤكداً أنه كلما كبرت هذه الأسواق كبرت أحجامها المالية، وبالتالي وجدت اهتماماً من المحافظ العالمية.
وبيّن أنه إذا تعاون الجميع في الربط بين البورصات الخليجية، ربما يؤدي هذا في النهاية إلى إمكانية إقامة هيئة لسوق مالية خليجية موحدة.
وأشار إلى أن المؤتمر بما يدور فيه من مناقشات يترجم تطلعات الدول الأعضاء حول التعرف على واقع الأسواق الخليجية وحجم إمكانياتها ومدى إسهامها في حل المشاكل التمويلية وبالتالي تحقيق الأهداف الإنمائية من خلال محاور متعددة بهدف الوصول إلى جملة من النتائج تعين في حال ترجمتها إلى الواقع العملي على تحقيق الأهداف المنشودة، وعلى جذب ثقة المستثمرين المحليين والإقليميين والعالميين بسوق الأسهم في المنطقة، الأمر الذي يؤدي إلى جعل أسواق الأسهم الخليجية تسير في الطريق الصحيح وقادرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
أما هاني سري رئيس مجلس إدارة هيئة سوق المال المصرية فدعا إلى توقف البنوك عن دعم عمليات المضاربة على أسهم ليست لها قيمة مضيفا، قائلا: إن مستقبل السوق يعاني من الغموض ومن الضبابية الكثيفة، ما يجعل عملية التخمين تتحول إلى تنجيم واضح. وذكر أن القادم قد يكون أسوأ إذا ما اعتبرنا ما حدث ويحدث باستمرار انهيار السوق الأسهم لأن الانهيار يعني سنوات من إعادة الترميم وبناء سوق جديدة. وأضاف إذا ما اتفقنا على أن ما حدث هو تصحيح أو تصحيح قوي جداً، فإن أمامنا فرصة أخاف كثيرا أن تضيع كما ضاعت فرص غيرها إذا لم يتم استغلالها لتطوير السوق، حيث تكون فترة التصحيح هي الفترة المناسبة لذلك التنظيم الذي تحتاج إليه ولكن قبل هذا وذاك علينا أن نتفق على تشخيص ما حدث منذ 26 شباط (فبراير) وهل هو تصحيح، أم تصحيح قوي جدا، أم انهيار؟ ومن ثم المضي في تطوير سوق الأسهم من خلال عدد من الإجراءات على مستويات مختلفة.
وأكد أهمية دور الجهات المنظمة لسوق الأوراق المالية الخليجية، معتبرا أنه دور مهم لمنع وقوع الانهيار وذلك بتنفيذ برامج الإصلاحات الاقتصادية وتطبيق المعايير المنظمة للبورصات الدولية في البورصة بمثل ما انتهت إليه تقارير صندوق النقد الدولي، غير أنه تحفظ بالقول: يظل التخوف قائماً فما زالت آليات العمل الإصلاحي بطيئة بسبب تواضع الجهود المبذولة واختراقها بمعوقات وعقبات سياسية وإيديولوجية دائمة التكرارا.
ووفقا لسري فإن التحليلات أرجعت الهبوط الدراماتيكي لأسوق الأسهم الخليجية إلى عدة أسباب أهمها تأخر إقامة سوق للأوراق المالية، عدم اكتمال البنية الهيكلية والتنظيمية لهذه السوق من بورصات، شركات وساطة، وصناع للسوق، وافتقار التحليل الفني الذي تعتمد عليه غالبية المحللين الماليين للرؤى المستقبلية، بجانب التركيز فقط على نتائج الحدث الفعلي وإغفال مثل هذه التحليلات الفنية عددا من العوامل الاقتصادية كالناتج المحلي الإجمالي أو الدين العام أو معدل البطالة أو التضخم.
كذلك عدم تحقيق الشفافية في هذا القطاع والمتمثلة في عدم ربط السوق بالقوائم المالية للشركات فيما يخص الموازنات المالية والمديونيات ومكرر الربحية بما يجعل المتعاملين والمستثمرين على دراية كاملة بطبيعة الأسهم التي يرغبون في التعامل عليها.
وكشف أن عدم التوافق بين مؤسسة النقد والبنوك يدفع نحو المضاربة ويحفز المستثمرين عليها من خلال إعطائهم التسهيلات المالية للدخول في السوق وهذا أحد أبرز الأسباب التي أسهمت في الانخفاض الحاد في الأسواق، إلى جانب صغر حجم الأسهم المتداولة في السوق مقارنة بحجم السيولة الكبيرة التي وفرتها العائدات النفطية المالية من ناحية والأموال العائدة من الخارج بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر).
من ناحيته، بيّن نادر حبيبي مدير عام "جلوبال أنسيت" الشرق الأوسط أن
دور دول مجلس التعاون الخليجي في تحسين المناخ الاستثماري يتمثل في إزالة معوقات المناخ الاستثماري لسوق الأسهم الخليجية من بيروقراطية وتحكمات الأجهزة الإدارية الحكومية، زيادة الشفافية بما يساعد على زيادة كفاءة وفاعلية هذه الأسواق، العمل على تسهيل إجراءات التمويل المالي للمستثمرين العرب، تحرير سندات الأوراق الاستثمارية، مؤكداً أهمية دور الحكومة في تحقيق الميزة التنافسية للدولة، إذ إن الفكر الاقتصادي الحديث يعني الانتقال نحو السياسات التي تحسن من بيئة الأعمال وتطورها، من خلال إزالة عوائق التجارة والاستثمار وجعل التشريعات الحكومية أكثر فاعلية. وطالب بإعادة النظر في هذه التشريعات والتعاون مع القطاع الخاص لأن إلغاء الاحتكارات الحكومية وإعطاء حرية أكبر للقطاع الخاص عن قطاعات معينة يتم تنفيذه من أجل تشجيع المنافسة ويكون ذلك من خلال إعادة تشكيل وصياغة التشريعات.
وأوضح أنه يجب على حكومات دول مجلس التعاون أيضا ضمان الاستقرار النقدي، السيطرة والتحكم في الموازنة العامة والعمل على تقليل العجز فيها، والإصلاح الضريبي وغيره.
وفق حبيبي، يجب العمل على توفير الأطر السياسية والتشريعية الملائمة، الالتزام بتلبية متطلبات القطاع الخاص إذا ما أرادت دول الخليج فعلا أن تجعل منه المحرك الحقيقي للنمو الاقتصادي.
وأضاف أن سياسة تحرير الاستثمار وتشجيعه، خصوصا الاستثمار الأجنبي المباشر تعد من أهم السياسات التي تعمل على زيادة الميزة التنافسية لدول المنطقة وذلك لما يوفره الاستثمار الأجنبي المباشر من موارد مالية، خبرات إدارية وتسويقية، وتكنولوجية للدولة المستضيفة لهذه الاستثمارات الأمر الذي يمكنها من تحقيق الأهداف طويلة الأمد.
وقال إن استقطاب الاستثمار الأجنبي وتوطينه أو إيجاد مناخ استثماري مشجع يتطلب أن تتسم النظرة إليه بالشمولية المتكاملة للقطاعات المتعلقة بالاستثمار وحركة الرساميل.