صندوق النقد: أسعار النفط تزيد الشرق الأوسط ثراء.. والاقتصاد اللبناني يهوي
أكد صندوق النقد الدولي أمس الخميس، أن ارتفاع أسعار النفط سيزيد الشرق الأوسط ثراء، بل إن الصادرات غير النفطية ستشهد نموا صحيا أيضا باستثناء لبنان الذي توقع الصندوق أن يشهد انكماشا بنسبة 3.5 في المائة خلال 2006.
وتوقع الصندوق في تقرير توقعاته الاقتصادية العالمية أن ينكمش الاقتصاد اللبناني هذا العام لأسباب على رأسها الحرب التي شنتها إسرائيل على حزب الله. وقال التقرير "في لبنان عرقل الغموض السياسي النمو في السنة الأخيرة ومن المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بقدر كبير في 2006 نتيجة للقتال الأخير".
وحصلت بيروت على وعود بمساعدات تبلغ مليارات الدولارات وخاصة من الدول العربية الغنية للمساعدة في إعادة البناء بعد الحرب التي استمرت 34 يوما وقدرت الخسائر التي ألحقتها بالبنية الأساسية بنحو 3.6 مليار دولار.
وعدّل الصندوق في تقريره نصف السنوي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2006 بالزيادة إلى 5.1 في المائة من 4.9 في المائة في توقعاته السابقة الصادرة في نيسان (أبريل) الماضي. وتوقع الصندوق كذلك نموا بمعدل 4.9 في المائة في عام 2007 مقارنة بـ 4.7 في المائة في تقديرات (أبريل).
في الوقت نفسه حذر الصندوق من وجود أخطار تهدد الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب منها تزايد الضغوط التضخمية في الاقتصادات العالمية الكبرى وارتفاع أسعار النفط العالمية وأسواق المال التي تعاني من شح في التعاملات.
وأشار تقرير الصندوق الذي يحمل عنوان "مستقبل الاقتصاد العالمي" والذي صدر متزامنا مع اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في سنغافورة التي بدأت الأربعاء وتستمر عشرة أيام في هذا الصدد، إلى التباطؤ المفاجئ في سوق العقارات في الولايات المتحدة والشكوك التي تحيط بآفاق نمو اقتصادات الدول المتقدمة الأخرى والشكوك حول قدرة الاقتصادات الناهضة على مواجهة التحديات العالمية المتنامية التي تواجهها.
وأعرب التقرير عن القلق بسبب التفاوتات والاختلالات في التوازن الاقتصادي على المستوى العالمي في الوقت الذي تزايدت فيه الضغوط الحمائية بعد انهيار محادثات التجارة العالمية في تموز (يوليو). ورغم كل هذه المخاوف قال صندوق النقد الدولي إن الاقتصاد العالمي سيشهد أكثر أربع سنوات نموا منذ مطلع السبعينيات.
واستندت النظرة المتفائلة لصندوق النقد الدولي إلى نجاح صناع القرار النقدي في الدول الكبرى في احتواء الضغوط التضخمية من خلال زيادة طفيفة في أسعار الفائدة.
والمعروف أن التضخم هو أشد أعداء النمو الاقتصادي حيث يدفع البنوك المركزية إلى زيادة أسعار الفائدة وهو ما يعني زيادة تكلفة الحصول على التمويل اللازم للمشاريع الاقتصادية الجديدة وكذلك تمويل الإنفاق الاستهلاكي وهو ما يكبح جماح النمو.
وتوقع الصندوق نمو اقتصاد الولايات المتحدة خلال العام الحالي بنسبة 3.4 في المائة قبل أن يتباطأ معدل النمو إلى 2.9 في المائة العام المقبل. أما بالنسبة لنمو اقتصادات دول منطقة اليورو التي تضم 12 دولة من دول الاتحاد الاوروبي وعددها 25 دولة، فقال صندوق النقد إنه يتوقع نموها خلال العام الحالي بمعدل 2.4 في المائة وهو أعلى معدل لها منذ ست سنوات قبل أن يتباطأ معدل النمو في عام 2007 إلى 2 في المائة.
ومن المتوقع نمو الاقتصاد الياباني الذي عانى من الركود لمدة تزيد على عشر سنوات بمعدل 2.7 في المائة خلال العام الحالي بفضل انتعاش الإنفاق الاستهلاكي . ولكن معدل نمو الاقتصاد الياباني سيتراجع خلال العام المقبل إلى 2.1 في المائة.
وقدم صندوق النقد الدولي صورة أشد تفاؤلا بشأن مستقبل اقتصادات الدول النامية والناشئة حيث يتوقع نمو اقتصادات هذه الدول بمعدل 7.3 في المائة خلال العام الحالي قبل أن يتراجع قليلا خلال عام 2007 ليصل إلى 7.2 في المائة. وكان الصندوق قد أكد قدرة الاقتصادات الآسيوية على مواصلة نموها القوي خلال العامين الحالي والمقبل.
وذكر الصندوق أن احتمالات تجاوز معدل نمو الاقتصاد الصيني التوقعات خلال الفترة المقبلة ستزيد معدل النمو في باقي اقتصادات المنطقة وبخاصة تايلاند، سنغافورة، الفلبين، إندونيسيا، كوريا الجنوبية، وهونج كونج.
في المقابل فإن الأخطار تظل كامنة في حالة تجاوز نمو الاستثمارات الحدود الآمنة في الصين وتأثير ذلك في الاقتصاد الإقليمي. وكذلك هناك خطر ارتفاع أسعار النفط والإجراءات الحمائية التي تفرضها الدول المتقدمة على تجارتها الخارجية بعد انهيار جولة محادثات الدوحة لتحرير التجارة العالمية.
وكانت منظمة التجارة العالمية قد أعلنت في تموز (يوليو) الماضي تعليق محادثات تحرير التجارة العالمية بعد وصولها إلى طريق مسدود بسبب الخلافات بين الدول النامية والدول المتقدمة بشأن تحرير تجارة المنتجات الزراعية. كما حذر تقرير صندوق النقد الدولي من احتمال تفشي وباء إنفلونزا الطيور القاتل بين البشر وتأثيرات ذلك السلبية في الاقتصادين العالمي والآسيوي.