ترتيبات لإطلاق مجلس وطني للبذور يشجع على الاستثمار ويحفظ الحقوق الفكرية

ترتيبات لإطلاق مجلس وطني للبذور يشجع على الاستثمار ويحفظ الحقوق الفكرية

تعمل وزارة الزراعة حاليا، على تأسيس مجلس وطني للبذور يعمل كجهاز تشريعي ينظم ويشجع على الاستثمار في مجال إنتاج وتداول البذور والشتلات للمحاصيل الزراعية.
معلوم إنه يجري حالياً العمل على تطوير وإقرار نظام للبذور لدول مجلس التعاون الخليجي ما سوف يسهم في إيجاد القاعدة النظامية المنظمة لعمليات إنتاج وتداول البذور في المملكة. وتوقعت مصادر زراعية أن يساعد إقرار نظام الأصناف النباتية ضمن نظام براءات الاختراع في حفظ حقوق الملكية، ويدعم تسجيل الأصناف النباتية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مما يشجع مربي النبات في المملكة على تطوير أصناف حديثة كما يساعد الشركات الأجنبية على حفظ حقوقها عند إدخال أصناف حديثة للمملكة.
يشار إلى أن البذرة تعتبر الركيزة الأساسية في التكاثر النباتي ويحظى إنتاج البذور عالمياً باهتمام على جميع المستويات لتأمين الحصول على تقاوي محسنة وسليمة من المسببات المرضية وخلية من بذور الحشائش، لذلك نجد أن تنظيم إنتاج وتداول البذور في معظم دول العالم يتم من خلال هيئات حكومية أو منظمات متخصصة في تطوير الأصناف المحسنة ومراقبة إنتاج وتداول البذور, ولكن يتفاوت دور هذه الهيئات حسب نظام الدولة ومدى تطور القطاع الزراعي.
"الاقتصادية" استطلعت رأي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الدوس المستشار في لجنة منتجي البذور أستاذ تربية النبات في جامعة الملك سعود الذي أوضح أن قطاع البذور في المملكة اعتمد خلال العقود الثلاثة الماضية على استيراد البذور المحسنة من مصادر مختلفة في العالم لسد الطلب المتزايد في التوسع الزراعي ولعدم توفر الإمكانيات الفنية و البشرية المطلوبة في إنتاج البذور فقد أشار العديد من الخبراء الذين زاروا المملكة إلى أهمية إنتاج البذور و الحاجة إلى وجود لائحة لاعتماد البذور في المملكة العربية السعودية، كما ذكر الراوي 1994 في دراسة أولية لإمكانية إنتاج البذور المحسنة لمحاصيل الحبوب في الوطن العربي إلى جدوى تكوين شركات متخصصة في إنتاج وتوزيع البذور المحسنة.
وأضاف الدكتور الدوس أن إنتاج البذور في المملكة يعتبر مجالا جديدا للعديد من الشركات و المؤسسات الزراعية حيث ينحصر في إنتاج تقاوي القمح و الشعير و البطاطس بكميات تجارية بينما لا يزال إنتاج بذور المحاصيل الأخرى يتم بصورة بدائية من قبل بعض المزارعين التقليديين، بدء إنتاج التجاري لبذور القمح و الشعير محلياً عام 1412هـ نتيجة لتوجيه من وزارة الزراعة للشركات الزراعية وبعض كبار المزارعين بإنتاج تقاوي القمح والشعير محلياً بدلاً من البذور التي كانت تستورد بكميات ضخمة من الخارج, ولكن عدم إلمام بعض المزارعين بالنواحي الفنية في عملية إنتاج و إكثار البذور أسهم في ظهور تقاوي غير جيدة في أسواق البذور، وانخفاض المحصول نتيجة لانتشار الحشائش و الأمراض وتدهور الصنف المنزرع، ولقد أدركت وزارة الزراعة و المياه حالة الفوضى السائدة في إنتاج تقاوي القمح و الشعير وقامت بوضع شروط ومواصفات لبذور القمح و الشعير المنتجة محلياً وحثت الشركات المنتجة للتقاوي بالتزام هذه التعليمات.
وبين مستشار لجنة منتجي البذور أنه خلال عام 1419هـ تم تكوين لجنة لمنتجي البذور في المملكة تحت إشراف وزارة الزراعة تضم أكبر الشركات الزراعية المنتجة للقمح و بعض كبار المزارعين لتنظيم عملية إنتاج بذور القمح و الشعير، حيث تقوم الوزارة من خلال مفتشين حقليين بمراقبة حقول الإنتاج و محطات معالجة البذور للتأكد من التزام المنتجين بشروط ومواصفات البذور المعتمدة. لافتا النظر إلى أن أكياس البذور المنتجة من قبل أعضاء لجنة منتجي البذور تحمل شعار وزارة الزراعة كتوصية من الوزارة للمزارعين باستخدام البذور المنتجة من قبل تلك الشركات.
وأشار الدكتور الدوس إلى أن لجنة منتجي البذور تعمل منذ إنشائها بالتعاون مع وزارة الزراعة على تنظيم عمليات إنتاج البذور ومراقبة المنتجين وتطبيق معايير إنتاج البذور لضمان جودة البذور المنتجة من قبل جميع الشركات و المؤسسات العاملة في هذا القطاع، وفي هذا السياق قامت اللجنة بإدخال تقاوي أساس جديدة لصنف القمح المزروع "يوكورا روجو" لإنتاج تقاوي مسجلة توزع على الأعضاء لضمان أن تكون جميع التقاوي المنتجة تقاوي معتمدة. كما قامت اللجنة بالتعاقد مع مستشار متخصص يشرف على عمليات إنتاج ومعالجة البذور لدى جميع الشركات و المؤسسات العالمية ضمن اللجنة ويقيم مستوى الأداء ليساعد هذه الشركات على تطوير عمليات الإنتاج وتصحيح جوانب القصور إن وجدت.
أبحاث وجودة مطابقة للمواصفات العالمية:
وحول التعاون مع جهات ومراكز أبحاث أخرى، أكد الدكتور الدوس أن لجنة منتجي البذور تعمل حالياً مع مراكز الأبحاث في المملكة على تطوير عمليات إنتاج البذور للوصول إلى جودة تقاوي مطابقة للمواصفات العالمية، كما يتم حاليا تجربة عدد من الأصناف الحديثة من القمح المنتجة من قبل جامعة الملك سعود و بعض الأصناف المستوردة بهدف اختيار أصناف حديثة أعلى في الإنتاج وذات مواصفات دقيقة ممتازة بحيث يتم في القريب العاجل الوصول إلى عدد من الأصناف التي يمكن زراعتها في المناطق المختلفة في المملكة.

تطوير قطاع إنتاج البذور:
وعن تطوير قطاع إنتاج البذور، بين مستشار لجنة منتجي البذور أن تطوير قطاع إنتاج البذور في المملكة يتطلب تطويرا للأنظمة و اللوائح المنظمة للعمل في هذا القطاع والتي تشكل ركائز أساسية لضمان الاستثمار في هذا المجال، ومن أهم هذه الأنظمة هو تطوير نظام لاعتماد البذور المنتجة محلياً مع تكوين هيئة رقابية مسؤولة عن تطبيق شروط الإنتاج ووضع شروط منظمة لتسجيل وتداول تقاوي الأصناف المستوردة و المحلية.
وفي هذا الخصوص أكد الدكتور الدوس أن وجود نظام لاعتماد البذور يمثل حماية للمزارع من البذور غير المعتمدة وما تحمل من أخطار لانتشار الأمراض والآفات, بينما يشكل بالنسبة للمستثمر نظام للحماية من المنافسة غير الشريفة أما نظام تسجيل الأصناف فهو ينظم عمليات إدخال الأصناف المستوردة وعملية إحلال الأصناف الجديدة عالية المحصول محل الأصناف القديمة, كما يضمن نظام تسجيل الأصناف حقوق الشركات المنتجة للتقاوي ويضمن حقوق الوكلاء المعتمدين للأصناف المستوردة من قيام شركات أخرى بإدخال الصنف نفسه.
وشدد مستشار لجنة منتجي البذور على أن مستقبل الزراعة في المملكة يتطلب وجود قطاع إنتاج تقاوي حيوي وفاعل قادر على توفير الطلب المتوقع على بذور المحاصيل الزراعية, وهذا لا يمكن أن يحدث إذا لم يكن هناك تطوير شامل لمراكز الأبحاث الزراعية في وزارة الزراعة و الجامعات السعودية لكي تعمل كرافد أساسي لنمو وتطور قطاع إنتاج البذور فمراكز الأبحاث الزراعية يجب أن تقوم بدور رئيسي في تطوير واختيار الأصناف المحسنة والمتأقلمة مع البيئة المحلية ما يتطلب تطوير قدرات تلك المراكز البحثية والتقنية لاستحداث برامج محلية لتربية المحاصيل الاقتصادية في المملكة وتدعيم تلك البرامج بتجهيزات فنية وبشرية تضمن نجاحها، رافضا في الوقت نفسه ما يذهب إليه البعض من أن الاستثمار في مجال تطوير وإنتاج البذور في المملكة غير اقتصادي وبعيد المدى، في إشارة إلى أن هذه النظرة تتسم بالعموم و تفتقر إلى كثير من الدقة، حيث إن هنالك العديد من المحاصيل التي يمكن إنتاج بذورها محلياً بصورة اقتصادية من خلال اتفاقيات ثنائية مع شركات تقاوي دولية تقوم بموجبها الشركات المحلية بإنتاج بذور معتمدة في المملكة لأصناف منتجة من قبل الشركة الدولية أو من خلال شراء أمهات.
ونوه الدكتور الدوس بدور وزارة الزراعة وإدراكها أهمية تطوير قطاع التقاوي في المملكة، مشيرا إلى سعيها نحو تأسيس مجلس وطني للبذور يعمل كجهاز تشريعي ينظم ويشجع على الاستثمار في مجال إنتاج وتداول البذور و الشتلات للمحاصيل الزراعية. كما يجري حالياً العمل على تطوير وإقرار نظام للبذور لدول مجلس التعاون الخليجي ما سوف يسهم في إيجاد القاعدة النظامية المنظمة لعمليات إنتاج وتداول البذور في المملكة، كما أن إقرار نظام الأصناف النباتية ضمن نظام براءات الاختراع سوف يسهم في حفظ حقوق الملكية ويساعد على تسجيل الأصناف النباتية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مما يشجع مربي النبات في المملكة على تطوير أصناف حديثة, كما يساعد الشركات الأجنبية على حفظ حقوقها عند إدخال أصناف حديثة للمملكة.
وأردف مستشار لجنة منتجي البذور قوله إن العمل على تطوير قطاع البذور في المملكة ما زال في البدايات, ولكن مستقبل تطور القطاع يبدو واعد في ظل تضافر الجهود من قبل وزارة الزراعة و القطاع الزراعي في إيجاد بذور عالية الجودة ملائمة للظروف المحلية وبأسعار مناسبة للمزارعين.

الأكثر قراءة