رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


استقالة التنفيذيين في بعض الشركات المساهمة.. هل هي بداية إصلاح لأوضاعها؟

حسب المعلومات المالية للشركات، هناك نحو أكثر من 30 شركة مساهمة من أصل 81 شركة مساهمة في سوق الأسهم تعتبر متعثرة ولم تحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها، إلا أهداف ومصالح أشخاص استفادوا وما زال البعض يستفيد منها. ومن مبُكيات القدر أن بعض ما ورد من أخبار الشركات أن بعض التنفيذيين يحصلون على مكافآت سنوية، رغم أن الشركة لم تحقق أرباحاً منذ تأسيسها، ومع ذلك يتم دفع مكافآت إنجاز أيضا منذ تأسيسها (شين وقوي عين). ولو كشفنا الغطاء بشكل أكثر، لأصبنا بالدوار من رائحة الفساد المنتشرة أو بالأحرى المعشعشة في بعض تلك الشركات. ونحن لا نتحدث عن شركات خاصة فهي ملك أصحابها وليفعلوا فيها ما يشاءون، ولكننا نتحدث عن شركات مساهمة يتم تداول أسهمها في سوق أصبحت سوق كل مواطن ومواطنة وكذلك لكل المقيمين متى ما قرروا الدخول، وقريبا للمستثمرين الأجانب سواء أفراد أو مؤسسات مالية.
إذاً نحن نتحدث عن نسبة 40 في المائة من شركات السوق السعودي متعثرة،أو ولنكن أكثر دقة تحتاج إلى إعادة هيكلة واضحة، لأنه من ناحية الجدوى الاقتصادية أنا مقتنع تماما أن جميع الشركات الموجودة في السوق، وحسب الأهداف المعلنة على الأقل والمكتوبة في عقد التأسيس، هي مجدية ويمكن أن تحقق مئات الملايين أرباحاً سنوية، بل إن البعض منها يعيش حالة احتكار ومع ذلك هي متعثرة وفاشلة منذ سنوات. وأيضا السوق لا تزال تستوعب أضعاف العدد الحالي من الشركات، حيث إنها سوق واسعة ومستويات الطلب في زيادة مستمرة نتيجة النمو الكبير في عدد السكان ونمو الاقتصاد السعودي الذي يرتبط يوما بعد يوم بالاقتصاديات العالمية.
وقد سمعنا أو قرأنا عن استقالة عدد من رؤساء مجالس الإدارات، وقريبا سوف نسمع عن استقالة المديرين التنفيذيين لبعض الشركات، وهو أمر محمود، بل مطلوب حتى للشركات الناجحة، فهو تجديد للدماء. وأيضا مهما بلغت عبقرية الشخص، أعتقد أن فرصة أو بالكثير فرصتين في عمل ما كافية له حتى يمكن أن يعطي ما لديه من أفكار وإنجاز في مستوى تنفيذي عال، فما بالك بشركات خيمت عليها بعض العناصر لعدد طويل من السنوات والبعض تعدى العقود دون إنجاز يذكر، إلا الحصول على مكافآت سنوية وسفريات متكررة وكذلك مكافآت ما يعرف بالراحة والاستجمام Rest & Refreshment، وتوظيف عقود من الباطن على حساب مصلحة الشركة ولصالح شركات أخرى. وهنا أنا لا أذيع سراً، ولكني فقد أرفع الصوت الذي كان خافتا لزمن. وأتمنى أن يكون هناك ومن خلال حوكمة الشركات زمن وآلية واضحة للمحاسبة في تحقيق أو عدم تحقيق الأهداف التي من أجلها تم تعيين رئيس مجلس إدارة شركة أو مدير تنفيذي.
لن أفرط في التفاؤل وأطلب محاسبة بعض التنفيذيين أو مسؤولي مجالس الإدارات والزج بِمن يثبت عليه الإفساد والفساد في غياهب السجون كما هو حال الأمم التي تطبق الأنظمة. وتجربة أمريكا مع أكبر شركة للطاقة (إنرون) خير دليل، فهذا أمر بعيد المنال، ودونه سماوات سبع وأرضين، ولكن لنعمل ومن خلال حملة الأسهم الذين هم أصحاب القرار في إبقاء أو عزل بعض المسؤولين في مجالس الإدارات أو التنفيذيين في الشركات من خلال الجمعيات العمومية على نفض غبار الكثير من الشركات المساهمة. وهي أمور لا تحتاج إلى كثير دلائل على وجود المشكلة وموجدها، ولكنه بعض من الاهتمام من قبل المساهمين. وهي لا تكلف الكثير اجتماع واحد أو اثنين في العام يتم التحضير له جيدا من مجموعة صغيرة من المساهمين كفيل بإحراج وكشف المستور لبعض مجالس الإدارة. وكذلك تفعيل دور المراجع الداخلي والمحاسب القانوني الذين وبكل أسف عليهم دور ومسؤولية كبيرة في كشف الحقائق ولا يقتصر دورهم على ذكرها للمقربين.
وأؤكد أنه في قادم الأيام فإن العديد من مسؤولي الشركات ومجالس إدارتها، إما أن يذهبوا طواعية أو أن يدفعوا للمغادرة النهائية. وقد لوحظ أنه خلال الفترة التي أعقبت التصحيح القوي أو الانهيار كما يحلوا للبعض تسميته، أقول لوحظ أن هناك عدداً كبيراً من المستثمرين الأذكياء الذين استغلوا فرصة التراجع في أسعار الشركات كلها وسيطروا على عدد كبير من أسهمها بأسعار رخصيه جداً بهدف الاستثمار في شركات معينة وتطوير استراتيجيات جديدة لها. وقد قلنا هذا في تلك الأيام وبالذات لصغار المستثمرين ألا يفرطوا في أسهمهم بأسعار بخسة، ولكنهم لم يسمعوا ولن يسمعوا إلا من جعلهم مدمنين على المضاربة عن طريق الإشاعات التي رجعت كما كانت قبل 25 شباط (فبراير) 2006 بكل أسف. وهو الأمر الذي شاهدنا أوله مع تجربة شركة المواشي الأخيرة وسيطرة مجموعة جديدة من رجال الأعمال الذين يبدو أن لهم رؤية معينة سوف يحاولون تنفيذها، ونتمنى لهم التوفيق، وسنشاهد تجارب مماثلة في القريب، إن شاء الله.
وهذا أيضا ينطبق على الشركات الناجحة، فتجربة "الاتصالات السعودية" بمغادرة خالد الملحم وكذلك رئيس مجلس الإدارة عبد العزيز الراشد وكلهم مشهود لهم بالتفوق في أعمالها والنجاح، وقد حققوا نتائج باهرة للشركة، وغادروها مرفوعي الرأس، والآن يتولها مجلس إدارة جديد وإدارة تنفيذية جديدة نتمنى لها أيضا التوفيق. وهذا خالد الملحم يتسلم مهمة جديدة تزيد تعقيدا مما أنجزه في "الاتصالات السعودية"، وهو أكبر دليل على أن الناجح سيتلوه نجاح والفشل لا يورث إلا الفشل. وبالتالي يجب أن نجعل اقتصادنا في حالة حراك وتغير ونمو في جميع جوانبه، بما في ذلك الأشخاص الذين يديرونه على مختلف المستويات التنفيذية والمالية والإدارية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي