السارق يقع في كمين
ليس غريبا أن نسمع عن سرقة قام بها شخص أو أشخاص، فقد اعتدنا على سماع ذلك في وقتنا الحاضر وعلى مدى التاريخ حتى في عهد النبوة سرقت المخزومية فأمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بقطع يدها وقال، عليه أفضل الصلاة والتسليم، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها مخاطبا الوجهاء الذين أرادوا الشفاعة لها مطالبين النبي، صلى الله عليه وسلم، بالعفو عنها، ولكن مما يؤلم أكثر عندما تكون السرقات في بيوت الله وللأسف الشديد أن ضعاف النفوس من لصوص المال لا يتورعون عن استغلال بيوت الله وممارسة السرقة فيها. وقد تحدثت في مقال سابق عن السرقة أثناء الجنائز وتلك أبشع جريمة سرقة تتم في ظل أحزان الناس وانشغالهم بالمشاركة في تشييع الجنازة، ويصدر ذلك من قلوب قاسية لا يوجد لديهم خوف ولا وازع ديني، فالمؤمن لا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ونشعر بالحزن ونحن نسمع عن هذه الحالات التي نتجت عن الإهمال الأسري المبكر بالأبناء حتى نشأوا على طريق الانحراف، وأصبحوا خطرا على مجتمعهم، ولعل ما جعلني أتناول هذا الموضوع هو تخصص بعض اللصوص في سرقة الناس في المسجد وكان ضحاياه الكثيرون من مرتادي المسجد، بل وصلت به البجاحة أن يدخل على النساء في مصلاهم ويسرق منهم بعض المبالغ، ويذكر لي أحد المصلين وهو الأخ فيصل الصاعدي من مكة المكرمة أحد الذين اعتادوا على الصلاة في مسجد ابن حسن في مكة المكرمة أنهم سعوا إلى التخلص من شره أكثر من مرة فلم يفلحوا لأنه يستغل الوقت الذي تبدأ فيه الصلاة لبدء سرقته، ولذلك قرروا أن يخصصوا له بعض المصلين لمراقبته والقبض عليه وتسليمه للجهات المختصة بعد أن انتشر شره، فقد عملوا له كمينا وتم جلب كرتون مسجل من الماركات التي تدر ذهبا على أمثاله وأخرجوا المسجل ووضعوا له حجارة لإغرائه وهو ما كان متوقعا له وراقبه بعض جماعة المسجد حتى الموعد المعتاد له بعد البدء في الصلاة حيث دخل المسجد منتشيا إلى المسجد وما أن اقترب من المسجل لأخذه حتى جاء الشباب للقبض عليه وتسليمه للدوريات الأمنية والذهاب معه إلى مركز الشرطة حيث قدموا دعوة ضده من السابق وتم تجديدها وقد أكملت الجهات المختصة اللازم تجاهه، وارتاح المصلون من شره بعد معاناة كبيرة كما يقول محدثي، ولا أدري إلى متى يحرص أمثال هذا الشاب على السرقة وهو في كامل صحته وبإمكانه وأمثاله من العمل ولن يجد صعوبة في الحصول على قوت يومه بالعمل الحلال بدلا من السرقة وكسب أموال ليس فيها بركة ولا يدري أين تذهب، وهذا ما أكده السارق عندما سأله أحد المصلين عن الأموال المسروقة وهل تبقى معه قال: إني لا أدري أين تذهب الأموال، وهذا الذي يجعلني أكرر السرقة، وعموما فإن بلادنا ولله الحمد تنعم بالخيرات، فيها سبل العيش المتنوعة ويمكن لكل شخص ليس لديه عمل أن يبذل جهوده وسيحصل على العمل المناسب. وأذكر أن أحد الشباب كان يبحث عن عمل ويرفض بعض الأعمال التي تعرض عليه، وكان يشتكي من عدم وجود دخل ويطلب مساعدة وتهيأت له فرصة عمل فأقنعته بها، وهي وإن كانت ليست وظيفة مناسبة له، لكنها تكفيه مد يده لوالديه، وقد حدثته أخيرا وهو في سعادة بالغة في عمله أسأل الله له التوفيق. وذكر صديق لي أنه تم استقدام عامل وقال: له كفيله انزل السوق وابحث عن عمل مناسب نزاول عملنا فيه فذهب الأخ وبعد أسبوعين قال له: كل عمل تعمل فيه يمكنك الكسب فيه بتوفيق الله فبلدكم كل الأعمال فيها مطلوبة، ولذلك نصيحتي لكل شاب أن يستثمر طاقاته فيما يفيد وألا يضيع الأوقات من عمره بل يستعين بالله ويعزم وسيجد الطريق الموصل إلى النجاح، فقط عليه ألا يحتقر أي عمل سهل يمكن أن يقوم به حتى يحصل على ما هو أفضل منه، أسأل الله التوفيق لكل شبابنا وأن يبعدهم عن الانحراف وارتكاب المحرمات إنه سميع مجيب الدعاء.