رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الصحة الإلكترونية: لماذا لا نتبادل الأدوار؟!

<a href="mailto:[email protected]">fah_arab@yahoo.co.uk</a>

لأن الحديث عن الصحة الإلكترونية - كما أسلفت في المقالة السابقة - ذو شجون, فإن مقالة اليوم ستكون سبرا للغور واستعراضا للمحطات المهمة في توجهنا نحو تبني المشروع الذي نحلم به منذ عدة سنوات. في مؤتمر الصحة الإلكترونية الذي عقد قبل شهر حاول كثير من المتحدثين تسليط الضوء على ضرورة الاهتمام بالبنى التحتية وكيفية بدء العمل بهذه المرحلة التي باجتيازها نكون قد قضينا على نصف المشكلة الذي أخر بدايتها الصحيحة, ثم استطرد أهل العلم والمعرفة, والمستثمرون في حلول تقنية المعلومات, بالحديث عن دقائق العمليات التنفيذية العملية, والتطبيقات والبرامج وآليات العمل وتطوير التعامل مع المعلومات, وتأهيل الكوادر الفنية والإدارية, ومساعدة الأطباء والمختصين في الحقل الطبي على الانتقال معهم من مرحلة إلى أخرى لبلوغ الهدف. إلا أن فكرة إنشاء مركز للتطوير تتركز دراساته في كيفية تنفيذ مراحل المشروع والحفاظ على مكتسباته والعمل تحت مظلة مشتركة من القطاعين العام والخاص, لم يصرح بها أحد ولكن - من بعيد - لمح لها. إن من المتوقع أنه عند إنشاء مثل هذا المركز للسير بنا في عصر الرقمنة تحت مظلة معينة سيوفر الوقت والجهد والمال على المديين القريب والبعيد. فالمعروف أن تهيئة مجتمع العاملين في جهة للدخول بهم حقبة تختلف طريقة إدارتها ونوع أدواتها وأساليب العمل فيها عن سابقتها والوصول بهم إلى حد التشبع, سيجعل تسارع التقدم في تلك الحقبة نابعا من أفراد ذلك المجتمع وليس فرضا عليهم. ثم إن أسلوب العمل التوجيهي والقائم على التعاميم سيتبدل إلى مؤسسي منظم ودقيق المتابعة, مما يعوِّد المجتمع السير بخطى محسوبة دائما ويمكن استرجاع تفاصيلها فيما لو تم الحاجة إليها. من شأن تجمع كبير لهدف واحد تحت مظلة مشتركة أن يجمع شتات التجزئة المعلوماتية للوضع الصحي بصفة عامة والمعلومات الصحية لكل مريض ومراجع بصفة خاصة, كما أنه يقلل كم الهدر إن لم يكن يلغيه تماما. لقد صدر في عام 2001 / 2002م تقرير كان في جزئية منه إفادة عن تبعات تجزئة الخدمات الصحية التي تمثلت في صعوبة أو استحالة حصول كثير من الأطباء على معلومات المرضى من بعض المؤسسات الصحية, مما كبد النظام الصحي خسائر بلغت أكثر من 50 مليار دولار في عام واحد, الذي قدرت تكاليف الخدمات الصحية فيه بـ 1.5 تريليون دولار, وتبلغ نسبة الربط الإلكتروني فيه بين القطاعات الصحية المختلفة أكثر من 75 في المائة. من ذلك آرى أن من الأولى أن يتم بناء جسور التعاون العملي بين الجهات المتقدمة في برامج الصحة الإلكترونية مثل (ولا أحصر) الشؤون الصحية برئاسة الحرس الوطني, الخدمات الطبية في وزارة الدفاع والطيران, برنامج مستشفى الملك فيصل التخصصي, برنامج سلطان بن عبد العزيز مع وزارة الصحة ومستشفيات وزارة التعليم العالي. وليكن تبادل الخبرات والكوادر المهنية والإدارية المتميزة هو أول مراحل التعاون. فالفروقات بين القطاعات كبيرة جدا وواسعة ولن يتم إذابة الفوارق إلا بالانفتاح والاندماج الأفقي. المكاسب تكمن في انتشار منسوبي الجهات المختلفة للعمل في جهة أخرى لفترة لا تقل عن ستة أشهر, وفي المقابل إشراف بعض منسوبي هذه الجهات على مشاريع الجهات الأخرى لإتمامها ضمن استراتيجية الجهة نفسها. من ذلك ستتحقق مرونة تبادل المعلومات والمشاركة فيها واكتساب الخبرات ومعرفة ماهية المطلوب تحقيقه والبدء بتنفيذه في أي جهة بسرعة أكبر من المعتاد. هذا لا شك سيطور مفهوم العمل عند كل القطاعات وستعود إيجابياته على وضع المملكة الصحي بأكمله. ولا أستثني من هذه المرحلة دور القطاع الخاص لأن الهدف ربط المرافق الصحية في المملكة وليس لجهة أو قطاع عن آخر. هذا بالطبع سيجعل المملكة محط أنظار الدول العربية والإسلامية على السواء, لضمها أو إنشائها أكبر شبكة صحية في الشرق الأوسط, إن لم يكن على مستوى القارتين الإفريقية والآسيوية.
من ناحية آخرى نتطلع لدعم الاتصالات ممثلة في الوزارة والهيئة وشركات الخدمة. نترقب تسارع تطوير الخدمات الأرضية والفضائية, ورفع القدرات وتحقيق الانتشار الكامل على مستوى القرى والهجر. فاستمرار بناء المستشفيات والمراكز الصحية بمختلف وظائفها وخصائصها دون ربط ذلك بالحلول التقنية سيكون إهدارا ماليا الأولى تجييره وتوظيفه لتحسين الصحة الإنسانية تحت مظلة الصحة الإلكترونية. ففي الدول الصناعية والمتقدمة ومع توفر جميع وسائل المواصلات إلا أنهم يقومون بالتدخل التقني (باستخدام تقنيات الاتصالات المختلفة) لحل مشاكل أكثر من 90 في المائة من الحالات الصحية في الأرياف عن طريق الطب الاتصالي (Telemedicine). هذا يعني ضرورة إعادة جدولة المخصصات المالية حسب أولويات المشاريع سواء على المستوى المركزي أو اللامركزي. والبحث عن المؤهلين في المناطق وإشراكهم في جميع الأنشطة التطويرية ليكون جميع مجتمع القطاع مدنيا كان أم عسكريا متوجهين إلى الهدف نفسه وبالروح المعنوية نفسها ومتبعين لآلية العمل نفسه. فتتحقق جميع إيجابيات المشروع الأساسية مثل اكتمال أداء النظام الصحي (HIS) وترابطه بين جميع القطاعات, وتوحيد السجلات أو ملفات المرضى الطبية الإلكترونية (ePR), وإيقاف تكرار الفحوصات المخبرية والإشعاعية بأنواعها بدعم نظام الـ (PACS), والتقليل من تكرار استصدار الوصفات العلاجية المؤدية إلى الاستخدام الجائر للدواء, وتفادي الوقوع في الأخطاء الطبية (Clinical or Medical Errors) أو تحجيمها إلى أبعد الحدود. أما من ناحية إصدار التقارير الصحية العامة الدورية كانت أم السنوية في مواعيدها فهي أكبر سند لعملية التخطيط والتنفيذ, وتفرض أيضا مصداقية التعامل مع المعلومات وأسلوب تبادلها وسلوك المشرفين عليها مما يوفرها في أوقاتها المحددة ويتوفر لها قدر كبير جدا من أمنها وأمانها.
إن بطء التوجه نحو الصحة الإلكترونية يدلل على تململ البعض في إبداء أهمية التحول إلى البيئة الرقمية, وتغييب آراء البعض, وابتعاد البعض الآخر لسبب أو لآخر مما حول القطاع الصحي في بعض جهاته إلى بيئة طاردة للكفاءات, وحسبي أنه سيظل يعاني من هذه السلبية إلى أن نعي أن هذا المشروع إلزامي ولا خيار فيه ولا بد من تقدير العاملين فيه وظيفيا, والبحث دائما في كيفية إعادة ثقة المستفيد أو المريض بالخدمات الصحية بعد أن فقدناها زمنا طويلا. ومع ذلك ما زلنا لم نسبر الغور بعد!!.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي