الحصار الإسرائيلي يقضي على قدرة لبنان على الإنتاج والتصدير
يرى مسؤولون في القطاع الخاص أن الحصار الجوي والبحري الذي لا تزال إسرائيل تفرضه على لبنان لم يكبد القطاعات الإنتاجية خسائر بملايين
الدولارات فحسب، بل يقضي تدريجيا على قدرة البلاد على الإنتاج والتصدير في المستقبل.
ودمرت إسرائيل أكثر من 600 كيلومتر من الطرق و77 جسرا ما يعوق بشكل شبه كامل حتى الآن حركة الاستيراد والتصدير البرية، ليأتي الحصار الجوي خصوصا البحري فيقوم بتضييق الخناق على مختلف القطاعات الإنتاجية ويثير المخاوف بشان مستقبلها.
فبعد أن كان لبنان يتوقع قدوم 1.6 مليون زائر عام 2006، تقدر الخسائر على مستوى عائدات القطاع السياحي وعائدات الخدمات المتفرعة منه "بنحو ملياري دولار"، بحسب غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان.
ويقول رئيس الغرفة غازي قريطم إن "فرص عودة السياح على الأقل في المستقبل القريب شبه معدومة" ولا سيما مع تأكيد الدولة العبرية أنها ستبقي على حصارها الجوي والبحري حتى وضع آلية للحؤول دون وصول السلاح إلى حزب الله.
أما المزارعون والصناعيون، فهم في الوقت ذاته غير قادرين على تصدير إنتاجهم وعاجزين عن استيراد المواد الأولية الضرورية لتأمين إنتاج الأشهر المقبلة. ويسجل القطاع الصناعي خسائر يومية تقدر بنحو 30 مليون دولار، في حين تتكبد الزراعة خسائر تراوح بين 1.5 ومليوني دولار يوميا، بحسب قريطم الذي يستند إلى أرقام النقابات القطاعية المختلفة.
وهذا الفرق عائد إلى أن العديد من المصانع دمرت أو تضررت بشكل كبير جراء القصف الإسرائيلي، بحيث يقدر حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت الصناعية بنحو 250 مليون دولار.
يضاف إلى ذلك أن الطاقة الإنتاجية للكثير من المصانع "لا تتعدى حاليا 20 في المائة" بحسب قريطم، بسبب خسارتها اليد العاملة والخلل في التزويد بالطاقة نتيجة الحصار.
وكانت إسرائيل قد فرضت مع بدء هجومها العسكري على لبنان في 12 تموز (يوليو) حصارا جويا وبحريا على لبنان بعد أن أغارت على المطارات والموانئ اللبنانية. ولم ترفع حصارها رغم دخول قرار دولي بوقف المعارك حيز التنفيذ في 14 تموز (يوليو).
وأعلن رئيس تجمع شركات النفط في لبنان بهيج أبو حمزة أمس، أن إسرائيل تمنع ثلاث بواخر محملة بالمحروقات من الوصول إلى لبنان، في إشارة إلى استمرار الحصار البحري.
وبالنسبة إلى الزراعة، فهناك "خسارة إجمالية تقدر بـ 120 مليون دولار"، من بينها خسارة صادرات بنحو 25 مليون دولار خلال الشهر الذي جرت فيه الحرب، وفق ألبير نصر كبير الخبراء الاقتصاديين في غرفة التجارة.
ويقول نصر إن هذه الخسارة هي أولا على مستوى الإنتاج بسبب الأضرار التي لحقت بالحقول، وثانيا على مستوى التصدير، ولا سيما بعد تعرض بعض المنشآت الزراعية الحيوية للقصف مثل مركز توضيب للمنتوجات الزراعية عند الحدود اللبنانية ـ السورية.
لكن الحصار يقضي أيضا تدريجيا على القدرة المستقبلية على الإنتاج. فالحصار يمنع استيراد البذور، السماد، والمواد الضرورية الأخرى وهو أمر كارثي على هذا القطاع القائم على المواسم.
والى جانب تأثير هذا الوضع في المزارعين والصناعيين، فإن الحصار يضر بشكل كبير بالمرافق الحيوية مثل مرفأ بيروت، الذي يمر به 85 إلى 90 في المائة من البضاعة المستوردة، الذي خسر خلال هذا الشهر عائدات بنحو سبعة ملايين دولار وذلك استنادا إلى الأرقام الشهرية التي يحققها المرفأ عادة.
ويقول إيلي زخور رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت إنه مع نشوب الحرب ومنع إسرائيل البواخر التي كانت قادمة إلى لبنان من الرسو في مرفأ بيروت، "اضطرت هذه السفن إلى تفريغ نحو 18 ألف حاوية في مرافئ تركيا، اليونان، مالطا، سورية، وقبرص وهي لا تزال عالقة هناك".
أما على مستوى النقل الجوي، فمن غير الوارد الحديث عن حركة تجارية.
وكانت وزارة الاقتصاد تتوقع زيادة حجم الصادرات السنوية بما يراوح بين 35 و40 في المائة مقارنة بعام 2005، خصوصا أن حجم الصادرات التي تم تسجيلها في الأشهر الستة الأولى من عام 2006 (1.3 مليار دولار) كان قريبا من حجم الصادرات لمجمل عام 2005 (1.88 مليار دولار)، بحسب غرفة التجارة.