رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


تخطيط محكم لمستقبل السياحة السعودية

<a href="mailto:[email protected]">amsultan@hotmail.com</a>

سعدت كثيرا بطلب الزميل رئيس التحرير مني إدارة اللقاء الذي أجرته جريدة "الاقتصادية" بين أمين عام الهيئة العليا للسياحة الأمير سلطان بن سلمان وكُتابها بحضور عدد من مستثمري القطاع السياحي، تحدث خلاله سموه بحماس لافت وبرؤية واضحة جلية عن مستقبل هذا القطاع وما يحمله من إمكانات تؤهله لأن يصبح واحدا من أهم القطاعات المسهمة في تحقيق سياسة تنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية الشاملة في مختلف مناطق السعودية. ولا تمتلك وأنت تستمع لحديثه إلا أن تصل إلى قناعة أكيدة أن هذه المهمة تستغرق جل وقت هذا الرجل وتفكيره، وأنه ينظر إلى هذه المهمة الشاقة كرسالة يلزم تأديتها بكفاءة ومهنية عاليتين، وأن عمل الهيئة يُدار وفق خطط استراتيجية محكمة جدا, لا يجد الارتجال والعشوائية إليها أي طريق.
التطوير الكبير الذي يشهده القطاع الحكومي في السعودية الممثل في إنشاء العديد من الهيئات والأجهزة الحكومية الجديدة، وبرنامج التخصيص الذي يستهدف قطاعا واسعا من الأجهزة الحكومية القائمة، عملية تحتاج لكي تنجح وتحقق أهدافها إلى كفاءات إدارية متميزة تتولى زمامها، فهي مهام غير عادية لا يديرها من يفتقر إلى قوة دفع ذاتية وقدرة على العمل على جبهات متعددة وفي الاتجاهات كافة، ووفق استراتيجيات محددة وخطط عمل تكتيكية تنفذ وفق برامج زمنية ملزمة، وتحتاج إلى تولد قناعة راسخة لدى موظفي الجهاز بأنهم ليسوا مطالبين ببذل جهد أكبر من الجهد الذي يبذله رئيس الجهاز نفسه، عندما يرون جديته وحرصه على الالتزام بالجداول الزمنية المحددة لكل مهمة، ما يخلق بيئة عمل عالية الكفاءة مستقطبة للعناصر المتحمسة المتميزة طاردة للعناصر متدنية الأداء الفاقدة للحماس الذي يتطلبه إنجاز هذه المهام الشاقة، وهي البيئة التي من الواضح أن سلطان بن سلمان قد نجح في خلقها في هيئة السياحة بكل اقتدار.
وإنشاء جهاز إداري جديد أو إدارة جهاز يتعرض لتحولات كبيرة في وضعه النظامي وطريقة أدائه واجباته، مهمة في غاية الصعوبة وتتطلب قدرات إدارية لديها القدرة على التخطيط الاستراتيجي والتمييز بين المهم والأهم وما يمكن تأجيله وما لا يحتمل التأجيل وتحديد الأولويات بدقة، لضمان تناغم الجهود واتساقها الفكري والزمني حتى لا تعوق عملية الإنشاء والتطوير. وهي عملية تحتاج إلى قدر كبير من الفكر الاستراتيجي والإبداع والقدرات الشخصية والتخطيط والتطوير واتخاذ القرارات وعلاج المشاكل أكبر بكثير من حاجتها للمعرفة الفنية الدقيقة، وتفوق بالأهمية بمراحل كون من توكل إليه هذه المهمة من المتخصصين في مجال عمل الجهاز. والقادرون على إدارة جهاز قائم يتصف عمله بالرتابة وتكامل هياكله الإدارية هم كثر، أما من يملكون القدرة على إنشاء جهاز جديد بكفاءة تبرر وجوده وإقرار إنشائه فهم قليل جدا.
لذا فالإدارة أقرب منها للفن من أن تكون علما أو مهنة تكتسب، وقليلون هم من يحققون نجاحا متميزا ويستطيعون أن يبحروا بأقل قدر من التكاليف وبأعلى مستوى من الكفاءة. والتجربة الفريدة التي مر بها سمو أمين عام الهيئة وتحدث بلمحات سريعة عنها في هذا اللقاء، أجدها ثرية جدا وتستحق بجدارة أن تسجل ليستفيد منها آخرون هم في أمس الحاجة للاطلاع عليها في غمرة التحولات التي يشهدها اقتصادنا الوطني، وهي حاضرة في ذهن سموه بكامل تفاصيلها حاليا، لكن قد تتبخر مع مرور الأيام.
وقبل الختام أود أن أكرر اقتراحا سبق لي عرضه في مقال لي في "الاقتصادية" في أيلول (سبتمبر) الماضي، اقترحت فيه تبني الهيئة العليا للسياحة إنشاء شركات مساهمة تطرح في اكتتابات عامة تتولى إنشاء مدن سياحية في مواقع مختارة في السعودية، وهي الفكرة ذاتها التي تم تطبيقها لاحقا من قبل الهيئة العامة للاستثمار في مشروع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في رابغ، بحيث تتولى كل شركة إقامة مدينة سياحية بكامل مرافقها تديرها وتشغلها مباشرة أو من خلال شركات متخصصة، ويقتصر دور الدولة على منح أرض المشروع وإيصال الخدمات العامة إليها, ما يخلق فرص توظيف حقيقية مجدية للسيولة الضخمة المتاحة في اقتصادنا الوطني، الذي تسببت محدودية الفرص المتاحة أمامها في تضخيم سوق الأسهم المحلية بصورة حادة أدت لاحقا إلى انهيارها بتكاليف باهظة. كما سيسهم في إنشاء مرافق سياحية عالية المستوى، وفق أفق استثمار طويل المدى لا يبحث عن الربح السريع فقط، وهي الصفة الملازمة لمعظم مشاريع القطاع الخاص السياحية حاليا، تتوافر بموجبه مرافق سياحية محققة لتطلعات السائح السعودي، الذي دائما ما وجد تدني مستوى المرافق السياحية المحلية وتكلفتها الباهظة سببا رئيسا في دفعه للسياحة الخارجية. واقترحت أن تقام أول مدينة من هذا النوع على السواحل الشمالية الغربية من المملكة، لاتصافها باعتدال جوها معظم العام وجمال شواطئها، وقربها أيضا من وجهات سياحية مشهورة عالميا في دول مجاورة ما قد يشجع حتى على إنجاح السياحة الأجنبية في السعودية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي