رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


في سوق الأسهم.. بعض الوعي وعيٌ ماحق ( 2من 2 )

<a href="mailto:[email protected]">Abdalaziz3000@hotmail.com</a>

يقول أحد الأطباء إن عددا كبيرا من الكوارث الطبية التي تحدث لبعض المرضى تعود لأنصاف المتعلمين من المرضى الذين يظنون أنهم حازوا علم الأمراض والأدوية، لذا تجدهم يصفون الأدوية لأنفسهم ولغيرهم ظنا منهم أنهم يحسنون صنعا دون علم بالعواقب الوخيمة المترتبة على ذلك، ولو أنهم فعلوا كما فعل من لا يعلم في علم الأمراض والأدوية شيئا لكان خيرا لهم وللآخرين.
أبدأ بهذا لأكمل ما قلناه في المقالة السابقة، حيث أوضحنا أن الاستثمار الفردي المباشر – وأؤكد هنا على كلمة المباشر - الناجح في السوق المالية يتطلب وعيا كاملا بمتطلباته، كما يتطلب وعيا بكيفية تحقيق هذه المتطلبات إضافة إلى إمكانية تحقيقها، وتحقيقها بطبيعة الحال يعتمد على توافر الوقت والقدرات الذهنية والفنية والقدرة على الرصد والمتابعة والتحليل، وهذه كلها أمور تحتاج حسب اعتقادي إلى متخصصين متفرغين لا هواة يعملون بفضلة أوقاتهم.
والأفراد الذين يلجأون للاستثمار المباشر في سوق الأوراق المالية – سوق الأسهم حاليا – ينقسمون إلى قسمين، الأول مستثمرون يقومون بشراء أسهم شركات يتوقعون أن ترتفع قيمتها السوقية على المدى البعيد إضافة على تحقيقها عوائد مالية سنوية مناسبة مقارنة بالعوائد التي يمكن أن تحققها بدائل استثمارية أخرى، والثاني مضاربون يشترون أسهم يتوقعون أن ترتفع أسعارها بعد فترة معينة (ساعة، يوم، أسبوع، شهر) لأسباب متعددة منها ما يتعلق بمعلومات جوهرية تؤثر في سعر هذه الأسهم، ومنها ما هو مجرد توقعات لحركة سعر السهم أو معلومات من مصادر ذات صلة بمضارب السهم أو شائعات قوية.
أما المستثمرون وهم أصل الاستثمار بالأوراق المالية (معظم أسهم الشركات لا يتم تداولها) فقد أثبتت النتائج أنه الأكثر ربحية (من اشترى بعشرة آلاف ريال من أسهم مصرف الراجحي عند طرحه ينعم اليوم بأسهم - بعد التجزئة - بقيمة مليون ريال تحقق له عوائد مالية سنوية كبيرة)، ذلك بأن المستثمر لا يحتاج لإمكانيات وخبرات ومهارات ومتابعة وتحليل بالدرجة التي يحتاج إليها المضارب في السوق المالية.
وعلى كل حال فإن المضاربة في الأسهم حق مشروع لمن يرغب بتنمية أمواله بهذه الوسيلة المتاحة للجميع، ولكن عليه أن يعي أن هذا النوع من الاستثمار يعتبر من الاستثمارات عالية المخاطر التي تحتاج إلى متخصصين متفرغين لتقليل درجة المخاطرة، وبخلاف ذلك فإن درجة المخاطرة تبقى عالية ولا يستبعد المضارب أن يجد نفسه أمام سهم يهوي إلى القاع دون أن يجد من يشتريه، كما حصل في الانهيارات الأخيرة، وهذه قمة الخطورة حيث تصبح الأسهم وهي أصول متداولة يمكن تسييلها بثوان، تصبح أصولا غير متداولة لا يمكن التصرف بها لتراكم العروض وانعدام الطلبات.
وللإخوة الذين يصرون على المضاربة أقول إن هناك عدة متغيرات يجب التعرف عليها، وأولها طبيعة المرحلة التي مر بها السوق، فيما إذا كان استثماري أم مضاربي، وإذا كان مضاربي فمن يقود المضاربة وما هي قواعده، ولأوضح ذلك أشير إلى أن السوق في عام 2003 كان سوق استثماري حيث يشتري المتعاملون أسهم العوائد، أما في عام 2004م فكان سوق مضاربة بقيادة المضاربين المعروفين الذين ينسقون تعاملهم في السيطرة على السوق، لذا فقد كان الناس يشترون الأسهم بناء على توجهات المضاربين لا بناء على توجهات السهم، وفي عام 2005م استمرت المضاربة ولكن بوتيرة أشد بقيادة القروبات والمضاربين معا فأصبح المتعاملون يشترون الأسهم بناء على توجهات القروبات في الدرجة الأولى وكبار المضاربين في الدرجة الثانية، حتى تضاربت المصالح وخرج صناع السوق مبكرا وتحمل المأساة صغار المستثمرين، وفي عام 2006 م توقع الجميع أن يعود السوق إلى الاستثمار، ولكن القروبات كان أشد قدرة على الاستمرار في إطالة أمد المضاربة على حساب الاستثمار مما أدى إلى خروج الكثير من السوق وتجميد محافظهم والاكتفاء بالاكتتابات.
ولقد استطاعت هذه القروبات وبقدرتها على تجنب وسائل الرصد وباستقطاب المضاربين المقامرين من رفع أسهم الخشاش أو شبه الخشاش – كما هو متعارف عليه – إلى أرقام فلكية تجاوزت أسعارها قبل انهيار شباط (فبراير)، فمثلا وصلت قيمة سهم تهامة إلى 229 ريالا مقارنة بأعلى سعر له قبل انهيار شباط (فبراير) وهو 139ريالا دون أخبار جوهرية تؤثر على سعر السهم بهذه الطريقة، بل إن الأمر أدهى من ذلك إذ أعلنت شركة سدافكو عن خسائر فكان أن تم رفعها إلى نسب خيالية وصلت إلى أكثر من 150 في المائة نتيجة لهذه الأخبار المؤلمة.
وبظني أن السوق السعودي بفضل جهود الدولة متمثلة في هيئة السوق المالية والأجهزة ذات الصلة وبفضل زيادة وعي المتعاملين سيتحول إلى سوق استثماري في أوائل عام 2007م بإذن الله، إذ من المتوقع أن يتم طرح المزيد من الأوراق المالية (أسهم، سندات، وحدات صناديق استثمارية ) لامتصاص السيولة (وهي أداة المضاربة) لتحويلها إلى مشاريع ذات قيمة مضافة، إضافة إلى تطوير الهيئة أنظمة الرصد القادرة على رصد المتلاعبين والمتحايلين من القروبات ومن على شاكلتهم وضبطهم ومعاقبتهم ليصبح سوق الأسهم سوقا أكثر نضوجا قادرا على تحقيق الأهداف المهمة التي أنشئ من أجلها.
ختاما أود أن أقول إذا كان هذا حال معرفة متغير واحد، فماذا نحتاج لنحيط علما بالمتغيرات الأخرى كأسعار النفط وعلاقة المؤشر بذلك ارتباطا وانفصالا، ومؤشر السيولة، والأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، وسعر الفائدة، والحالة الاقتصادية المحلية والإقليمية والعالمية، وأسعار صرف العملات الصعبة كالدولار واليورو والين، ووضع أسواق المال المجاورة والعالمية، وغير ذلك من المتغيرات التي لا قبل لنا بها، والتي بطبيعة الحال تدفعنا لاتجاهين لا ثالث لهما إذا رغبنا بتقليل درجة المخاطرة، وهما الاستثمار طويل الأجل بالاستعانة بالمؤسسات الاستشارية المرخص لها، أو الاستثمار غير المباشر من خلال المؤسسات المالية المهنية ذات الخبرات الواسعة والمرخص لها من قبل هيئة السوق المالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي