أسواق النفط تترقب رد إيران على الحوافز الدولية لوقف برنامجها النووي
ستعود الأسواق مع بدء العمل اليوم الإثنين إلى التركيز مجددا على الملف الجيوستراتيجي, إذ ستقدم إيران ردها الرسمي على حزمة الحوافز والإغراءات التي قدمتها له مجموعة الست، كما أن الانفجار الذي شهده خط للأنابيب ينقل الغاز الإيراني إلى تركيا سينقل الهم الأمني إلى ساحة جديدة هي تركيا بكل ثقلها فيما يتعلق بخطوط الأنابيب التي تنقل نفط العديد من البلدان المصدرة إلى الأسواق العالمية.
الأسبوع الماضي الذي شهد تراجعا في الأسعار وصل إلى ما دون 70 دولارا للبرميل لفترة قصيرة ولأول مرة منذ شهرين إثر بدء سريان الهدنة بين إسرائيل وحزب الله، عاد ليرتفع بقرابة دولارين وتحديدا 1.80 عند اختتام التعامل الجمعة الماضي ليقفل الخام من نوع ويست تكساس الأمريكي الحلو عند 71.14 دولار للبرميل، والشيء نفسه مع خام برنت الذي شهد تراجعا الخميس الماضي بقرابة دولار ونصف دولار، لكن التصريحات الإيرانية المتشددة التي صدرت يومها دفعت الأسعار إلى الصعود إلى أعلى مرة أخرى.
فيوم غد الثلاثاء يفترض أن تعلن طهران عن ردها الرسمي على المقترحات المتضمنة مجموعة من الحوافز والمكافآت تقدمت بها مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى جانب ألمانيا. وهذا التاريخ هو الذي حددته طهران لنفسها بعد تمنعها من التقيد بأي تاريخ مسبق اقترحته المجموعة, خاصة الولايات المتحدة, التي ترى أن العرض الذي قدم في يونيو (حزيران) الماضي لا يحتاج إلى كل هذا الوقت, وبالتالي فإن تصرفات إيران إنما تصب في خانة التلاعب لكسب الوقت، الأمر الذي دفعها إلى الذهاب إلى مجلس الأمن لإصدار قرار جديد ينذر إيران بالتوقف عن برنامج تخصيب اليورانيوم ويعطيها مهلة لذلك حتى الحادي والثلاثين من الشهر الجاري.
على أن فترة الأسابيع القليلة الماضية شهدت اشتعال الحرب بين إسرائيل وحزب الله المدعوم إيرانيا. إحدى نتائج هذه الحرب أنها من ناحية أسهمت في تحويل الأنظار عن موضوع الملف الإيراني إلى قضية آنية أكثر خطورة وهي الحرب، لكنها في الوقت ذاته دفعت الدول الغربية خاصة، إلى إعطاء موضوع الملف النووي الإيراني أهمية إضافية.
فحرب الشهر بين إسرائيل وحزب الله جعلت إيران لاعبا أساسيا فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، وبالمخاوف الغربية من إيران ووصف بعضهم لها بالدولة الإرهابية، يضيف إلى التجاذب الحاصل بخصوص مشروعها النووي. أما إيران فإنها من جانبها رأت في حرب لبنان القصيرة داعيا أكيدا للمضي قدما في برنامجها النووي حماية لها وتأكيدا لوجودها على الساحة مهما كلفها الأمر، الأمر الذي ينذر بمواجهة مفتوحة ستطول الساحة النفطية.
وعلى الساحة ذاتها شهدت عطلة نهاية الأسبوع الانفجار الذي لحق بخط للأنابيب ينقل الغاز الإيراني إلى تركيا، وهي عملية يعتقد أن وراءها حزب العمال الكردي الذي هدد من قبل باستئناف عملياته في مسعى للضغط على تركيا للالتفات إلى مطالبه بمزيد من السلطات للأكراد. أهمية هذا الانفجار أنه يمثل عودة إلى العنف مرة أخرى ويستهدف خطا للأنابيب، علما أن تركيا أصبحت معبرا لخطوط الأنابيب وآخرها ذلك الذي بدأ العمل أخيرا لنقل النفط من منطقة بحر قزوين المغلقة إلى الأسواق العالمية ودون المرور عبر روسيا، وهو الطريق الأقصر وذلك لأسباب جيوسيتراتيجية ضغطت واشنطن بشأنها.
وإذا كان العاملان الأمني والجيوستراتيجي سيستمران مؤثرين في وضع الأسعار، فإن وضع الإمدادات لا يتوقع له أن يشهد تغيرا يذكر. فرئيس منظمة "أوبك" الحالي النيجيري أدموند دوكورو صرح أن المنظمة لن تخفض إنتاجها فيما تبقى من العام, كما أنها لن تقوم بمراجعة الحصص الإنتاجية للدول الأعضاء خلال هذه الفترة.
هذا الوضع سيسهم في موازنة العاملين الجيوستراتيجي والأمني إلى حد ما، وكان وضع الإمدادات هو الذي أسهم في التراجع الذي شهدته الأسعار الأسبوع الماضي وبصورة جزئية خاصة بعد أن نشرت الأرقام الخاصة بالمخزونات الأمريكية التي أوضحت أنها حققت تراجعا طفيفا بانخفاض 1.6 مليون برميل بالنسبة إلى مخزونات النفط الخام، لكنها تظل في أعلى معدل لها منذ عام 1999.
وفي هذا المناخ جاءت تصريحات دون فوليتي كبير المسؤولين التنفيذيين لشركة وود سايد الأسترالية، وهي أكبر شركة نفط خاصة في البلاد, أنه يتوقع للأسعار أن تتراجع إلى مستوى معقول ربما في حدود 40 دولارا للبرميل، لكنه لا يتوقع حدوث ذلك خلال ما تبقى من عام أو العام المقبل، وهو ما يلخص الرؤية العامة إلى وضع الأسعار على الساحة النفطية إلى حد كبير.
<p align="center"><img title="" height="167" alt="" src="/picarchive/3-9-1-23.jpg" width="481"></p>