منتجو النفط يتعايشون مع الدولار الضعيف
"إنني لا أحتاج إلى مجلس الاحتياط الفيدرالي ليخبرني أن الحياة أصبحت أغلى وأنني أنفقت 90 دولارا لشراء كتابين فقط!" هكذا أبلغت ليندا دود صحيفة "واشنطون بوست" وهي تتهيأ لمغادرة مكتبة جامعة جورجتاون. أسعار الكتب حققت ارتفاعا بنسبة 6.2 في المائة خلال عام، وهي بذلك تنضم إلى قائمة متنامية من السلع والخدمات التي حققت أسعارها ارتفاعا وبلغت أعلى معدل لها خلال 15 عاما الماضية رغم جهود مجلس الاحتياط الفيدرالي في وقف هذا التصاعد.
يوم الأربعاء الماضي أصدرت وزارة العمل الأمريكية تقريرا متضمنا إحصائيات تشير إلى نمو في حجم التضخم للشهر الماضي. فمعدل الأسعار الخاص بالمستهلك بلغ في تموز (يوليو) الماضي 0.4 في المائة، وهو ضعف ما كان عليه في حزيران (يونيو). وزادت نسبة التضخم إلى 4.1 في المائة في فترة 12 شهرا انتهت في تموز (يوليو)، مقابل 3.4 في المائة لكل العام الماضي، الأمر الذي يضع نسبة التضخم حتى الآن في حدود 4.8 في المائة، هي الأعلى منذ العام 1991.
أحد أسباب هذه الزيادة أسعار النفط المتصاعدة التي بلغت أعلى معدل لها عندما بيع البرميل من خام ويست تكساس المتوسط بسعر 77.03 في 14من تموز (يوليو) وذلك بعد اشتعال الحرب بين إسرائيل وحزب الله إثر خطف الجنديين الإسرائيليين، وتجاوز سعر الجالون ثلاثة دولارات في بعض الأحيان.
مجلس الاحتياط اتجه خلال العامين الماضيين إلى القيام بسلسلة متدرجة من الزيادات في معدلات أسعار الفائدة بهدف محاصرة وحش التضخم والقضاء عليه فيما بعد، لكن بعد اجتماعه هذا الشهر قرر وقف مسلسل الزيادات هذه وذلك حتى يتمكن الاقتصاد من هضم المعدلات الراهنة للزيادات التي تمت فعلا.
تاريخيا ظلت هناك مطاردة مستمرة بين التضخم وأسعار النفط تدخل الجميع في دائرة مفرغة. أسعار النفط تتهم أنها أحد كبار المتسببين في بعث غول التضخم الذي يلتهم الدخول، لأن سعر برميل النفط يدخل في عناصر عديدة في العملية الاقتصادية، لينتهي الأمر إلى تقليل القيمة الشرائية للبرميل. وبما أن الغالبية من الدول المنتجة تعتمد على عائداتها من النفط، فإنها تتأثر ذاتها وتجد أن تلك العائدات لا تلبي احتياجاتها فتلجأ إلى زيادة لسعر البرميل، إذا تيسر لها ذلك، لتفاجأ باستمرار المعضلة خاصة مع استمرار ضعف الدولار تجاه العملات الأخرى.
فترة السبعينيات شكلت نموذجا جيدا لهذه الحالة، دفعت بالدول المنتجة في منظمة أوبك إلى تجريب بعض الخيارات مثل تكوين سلة من العملات يتم على أساسها تسعير برميل النفط، لكن الخطوة بتعقيداتها لم تشكل بديلا مناسبا للدولار، الذي ظل عملة تجارة النفط الرئيسية بسبب حجم الاقتصاد الأمريكي الضخم واتساع نطاق استخدامه عالميا، فعادت إلى استخدام الدولار والتعايش مع معضلاته كما هو الوضع الآن.