الحفريات المتكررة وحلول لمعاناة المواطن
<a href="mailto:[email protected]">Alfaizdr2@yahoo.com</a>
قد يكون أكثر ما نتميز به عمرانياَ وتخطيطياَ في مدننا هو عدم وجود التنسيق والتعاون بين الجهات الخدمية للبنية التحتية (المياه والكهرباء والصرف الصحي والهاتف ومستقبلاَ الغاز) لجمع هذه الخدمات في خندق واحد تسع لها كلها تحت الأرض، ولو على الأقل تحت محاور الطرق الرئيسة. وذلك للتخلص من معاناة المواطنين من موضوع الحفريات المتكررة يومياً في أحيائنا السكنية. والأغرب هو ما تتكبده الدولة من تكاليف مضاعفة لتوصيل الخدمات بهذه الطريقة حيث يتم إعادة الحفر والدفن ثم السفلتة في كل مرة. ومن يسكن الحي أولا يكون الضحية وسيعاني الكثير حيث سيتم الحفر أمام بيته ثلاث أو أربع مرات لكل مبنى جديد في الحي إضافة إلى تحمله تكلفة توصيل الخدمات للقادمين بعده. ناهيك عن الحوادث ووقوع السيارات والأطفال والعجزة في تلك الحفريات. ولماذا لا نلجأ إلى الحل المعروف ومنذ أقدم العصور والمطبق في معظم مدن العالم وهو استعمال قنوات مغلقة أو مجار خرسانية تحت الأرض للخدمات (كلفرتسCulverts )؟ بحيث يكون الصرف الصحي في قاع المجرى وتعلوه أرفف على الجانبين أحدهما لحمل كيابل الكهرباء والهاتف والآخر لمواسير مياه الشرب والمياه المعالجة وغيرها (وتوجد مراجع متخصصة عنها). مع وجود فتحات تفتيش لمسافات متقاربة يمكن النزول منها إذا دعت الحاجة إلى أية توصيلات أو تعديلات أو حتى لو دعت الحاجة المستقبلية إلى تغيير الشبكة كلها أو إضافة شبكة جديدة سواء لخطوط الاتصالات أو الغاز. إن تكلفة هذه المجاري تقل بكثير عن التكلفة التي تتكبدها مجموع الجهات الخدمية التي تقوم بتوصيل هذه الخدمات. كما إنها من المشاريع التي يمكن أن تشتمل على خدمات أكبر من ذلك وبحيث تتسع لمحطات وقطارات أرضيةUnder Ground subway.
وهو حل فاعل إذا وجدت النية الصالحة والهمة للتنسيق بين الجهات الخدمية وخاصة في المناطق الحديثة والتي لم يصلها العمران حالياَ في شمال وشرق المدينة. وما هي المشقة في ذلك حيث إن التكلفة أصبحت على المطورين والذين لا تعتمد مخططاتهم إلا بعد أن يقوموا بتنفيذ الخدمات على حسابهم ثم يحولها ضمن سعر البيع على المواطن؟ وقد تكون تكلفتها أوفر بكثير. فموضوع الحفريات لمتعددة يعتبر إسرافا في أموال الدولة بالإضافة إلى ما يسببه من إزعاج للمواطنين في كل مرة وإهدارا لأوقاتهم ناهيك عن حوادث الوقوع في الحفريات. كما أنها طريقة عقيمة وعفا الزمان عليها. وأكثر من يعاني منها هي مصلحة المياه والتي تعاني الآن من مشكلة تآكل الشبكة القديمة والتي يصعب إمكان الكشف على التسربات التي تعتبر أكبر إسراف وإهدار لأهم موارد الحياة بالإضافة إلى أنها تغرق الأرض تحت المدينة. وكذلك الحال لشبكات الهاتف والكهرباء المتآكلة تحت التربة ويصعب معاينتها وهي مدفونة تحت الأرض. بينما كان بالإمكان تلافي ذلك وبسهولة باتباع نظام القنوات المدفونة.
إن المتابع لعملية الإصلاح الإداري والتغير الحديث في مستوى تقديم الخدمات حالياَ وما نراه من تحمس هذه الجهات الخدمية أخيرا في إيجاد وسائل أفضل لخدمة المواطنين تدل على أن الوقت والوعي قد حان وأن الفرصة مواتية الآن وبعد صدور مكرمة الملك لضخ بلايين للرفع من مستوى الخدمات التحتية.
آمل أن يتم النظر في معانة المواطنين من هذا الأسلوب السيء وتكوين هيئة عليا للتنسيق بين الجهات الخدمية ومحاولة جمع الميزانيات المخصصة للحفريات في ميزانية موحدة ووضع خطة مدروسة لشبكة متكاملة من هذه القنوات ووفق مواصفات قياسية وخاصة في الأحياء الجديدة التي يتم تخطيطها حالياً وقبل فوات الأوان وبحيث يلزم المطورين بالتقيد بوضع هذه المجاري. مما لاشك فيه أن هناك تكلفة على المطور ولكنه يستطيع تحميلها المشتري والذي ليس لديه مانع من زيادة التكلفة للتخلص من كابوس الحفريات.