مؤسسو الشركات المطروحة للاكتتاب بين المطرقة والسندان
<a href="mailto:[email protected]">Abdalaziz3000@hotmail.com</a>
يعلم كل ملم بألف باء اقتصاديات السوق أنه في هذا النوع من الاقتصاد يتحمل مجتمع الأعمال مسؤولية تنمية البلاد وتطويرها في المجالات كافة، كما يعلم أن الحكومة في هذا النظام الاقتصادي ما هي إلا جهة تنظيمية وحمائية تتعاون بطريقة أو بأخرى مع مؤسسات المجتمع المدني لتهيئة بيئة استثمارية خصبة وجاذبة لرجال الأعمال ليستثمروا أموالهم في القطاعات الاقتصادية كافة بما يشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والمجتمع، والحكومة لا تألو جهدا في سبيل تحقيق ذلك حيث تصبو لتوطين الرساميل المحلية وجذب الرساميل الأجنبية، وفي ذلك تتنافس حكومات العالم منافسة شديدة.
رجال الأعمال السعوديون يتمتعون بسيولة كبيرة تعاني من شح كبير في القنوات الاستثمارية المحلية مما جعلها غنيمة تهفو لها قلوب الدول المجاورة والبعيدة، نعم غنيمة فكل مال أجنبي يدخل في دورة اقتصادية محلية يعتبر غنيمة لهذا الاقتصاد إذا يساهم مساهمة فاعلة في تنشيط الاقتصاد وتوفير المنتجات والخدمات والفرص الوظيفية، لذا ما انفكت هذه الدول تقدم التسهيلات لرجال الأعمال السعوديين لكي يستثمروا أموالهم في أسواقها وهذا ما نجحوا في تحقيقه، وها نحن نرى مليارات الريالات تهاجر إلى دبي وبيروت ومصر والبحرين لتعمل في القطاعات الاقتصادية، ونحن نتحسر على تلك الأموال وشبابنا يعاني من البطالة وسوقنا المالية تعاني من الضحالة.
يقول أحد رجال الأعمال الذي مازال صابرا ويبذل جهودا كبيرة للتغلب على العقبات الاستثمارية في بلادنا حيث لا يرغب في استثمار أمواله خارج البلاد، يقول حين يتحدث الآخرون معنا نحن معاشر رجال الأعمال عن المميزات تتحدث معنا الجهات المنظمة السعودية عن الشروط، وشتان بين المميزات والشروط، ولكن ماذا نعمل هذا قدرنا وعلينا أن نتصدى لتلك العوائق ونتغلب عليها لننهض ببلادنا أرض أبائنا وأجدادنا ومستقبل أبناؤنا وأحفادنا.
قدمت بهذه المقدمة وإني أرى الكثير من الإخوة الكتاب يقفون في صف المواطن البسيط أمام رجال الأعمال السعوديين، يقفون هذا الموقف الغريب وكأنهم يقولون إن رجل الأعمال ليس مواطنا، وإذا كان مواطنا فهو ليس صالحا بل هو جشع متحلل من القيم والأخلاق في كل الأحوال وكل همه هو استغلال المواطن البسيط لابتلاع أمواله، حتى باتت هذه الصورة البشعة هي الصورة النمطية لرجل الأعمال السعودي وللأسف الشديد.
نعم ساهم بعض الكتاب ـ ودون وعي أو علم حقيقي عميق ـ في تشكيل هذه الصورة البشعة لرجل الأعمال السعودي رغم معاناته الشديدة من الجهات التنظيمية التي لا تحسن في معظم الأحوال سوى وضع العراقيل التي تحتاج لجهود كبيرة ووقت طويل لاجتيازها مما جعل المؤسسات السعودية في وضع تنافسي ضعيف، وكلنا على ثقة بأن المؤسسات السعودية ستعاني معاناة شديدة من المؤسسات الأجنبية المدعومة من حكوماتها وشعوبها دعما كبيرا، وما شركة إعمار عنا ببعيد!!
رجل الأعمال السعودي يقع بين مطرقة الرأي العام الضاغط وغير المنصف أحيانا وبين سندان الجهات التنظيمية التي تغلب الشك على الثقة وتغلب الضوابط على الحوافز، وذلك بفضل من صناع رأي يغلبون العواطف على العقول ومسؤولين نشأوا في رحم ثقافي لا يرى إلا الشوك في الورود الجميلة، فماذا نتوقع أن يفعل رجال الأعمال السعوديون الذين يمثلون الثروة الحقيقية للبلاد بما يملكونه من قدرات فكرية ومالية وتعاونية كبيرة تنهض بالبلاد إذا تم توظيفها التوظيف السليم بتوفير الحوافز والمميزات.
وأكثر ما أثار حفيظتي وأضحكني في الوقت نفسه مطالبة البعض هيئة السوق المالية بأن تعدل المعادلة المقلوبة ( 70 في المائة مؤسسين، 30 في المائة مكتتبين) لأجل خاطر المواطن البسيط ليحصل على أسهم أكثر ليبيعها في السوق الثانوية ليحقق أرباحا سريعة وغير معقولة على حساب الاقتصاد الوطني وعلى حساب الفكر الاقتصادي وعلى حساب مجتمع الأعمال الذي أخذ المبادرة والمخاطرة في تأسيس شركات عائلية أو تضامنية وحولها إلى مساهمة مقفلة ثم إلى مساهمة عامة، أي منطق هذا، أي فكر اقتصادي هذا الذي يطالب حقيقة الأمر في قلب المعادلة وليس تعديلها، يطالب بأن يسلم المؤسسون الذين تحملوا الأمرين في تأسيس وتطوير وإنجاح شركتهم 70 في المائة من أسهمهم إلى عامة المواطنين ويتركوها لمن يريد أن يهيمن عليها من خلال سوق الأسهم ليحول مسارها كيفما يشاء، عجبا !!
أما موضوع علاوة الإصدار، فكم طالب أصحاب هذه الشركات بأن تدرج شركاتهم دون اكتتاب بعد أن اجتازت المدة النظامية بنجاح ليحدد السوق سعرها حسب العرض والطلب (قوى السوق)، خاصة إذا علمنا أن رغبة رجال الأعمال بإدراج شركاتهم نابعة من حرصهم على بناء صورة متميزة لتلك الشركات ولكي تخضع لنظام رقابي صارم يساهم في تنميتها وتطويرها وتأهيلها للحصول على أنواع التمويل كافة التي تمكنها من تحسين موقفها التنافسي في السوق المحلية والعالمية، على عكس ما يتصور البسطاء من الكتاب بأن الهدف من الإدارج هو بهدف بيع 30 في المائة من أسهمها للعامة من المواطنين لتحقيق أرباح غير معقولة في فترة قصيرة على حساب المواطن البسيط .
ختاما أقول ـ والله يعلم أنني لست رجل أعمال أو قريبا لرجل أعمال ـ إن رجال الأعمال هم الثروة الحقيقية لكل بلد وأن علينا شعوبا وحكومات الاهتمام بهم وتحفيزهم وجذبهم للاستثمار داخل البلاد لتطوير المنتجات والخدمات وتوفير الفرص الوظيفية لشبابنا، نعم أيها الإخوة فلدينا من القطاعات التي تعاني من شح المستثمرين مثل قطاعات التعليم والصحة والترفيه والإسكان والمواصلات والزراعة والثروة الحيوانية رغم الفرص الحقيقية في هذه القطاعات ورغم المليارات السعودية التي تعمل خارج البلاد وتنعم بفوائدها الدول الأجنبية، والسبب معروف تشريعات جامدة وشروط معقدة ونظرة عدائية ساهم في تشكيلها كتاب يريدون الخير للمواطن ولكن دون علم عميق.