اكتتابات إعمار الوطن
<a href="mailto:[email protected]">alamiaa@yahoo.com</a>
هناك دلالات مهمة لنتائج الاكتتاب في شركة إعمار مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ذلك الصرح الشامخ الذي سيضيف - بإذن الله - لبنة قوية لنماء وتطور هذا الوطن. تجاوز عدد المكتتبين عشرة ملايين مكتتب، بزيادة قدرها 1.1 مليون مكتتب على اكتتاب شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات (ينساب) أعلى اكتتاب سابق شهدته السوق المالية السعودية. كالعادة ازدحمنا أمام البنوك رغم تسهيل عملية وسائل الاكتتاب الإلكتروني، إلا أن عملية الاكتتاب شهدت أرقاماً قياسيةً جديدة في نسبة المشاركة والدليل أن أرقام الاكتتاب تعكس مدى تطور وعي المواطنين والتدرج الطبيعي للتعامل الحضاري مع التطور الاقتصادي الذي نمر به في هذه المرحلة.
تعتبر هذه الخطوة أيضاً قفزة نوعية للاستثمار في القطاع العقاري الذي يشكل بحمد الله قوة استثمارية ذات أبعاد متعددة لخدمات الإسكان وبناء المجمعات السكنية. مرة أخرى تبرهن السوق السعودية على أنها تتمتع بسيولة عالية, إضافة إلى أنها تظل وليدة مقارنة بالأسواق العالمية الأخرى من ناحية التخطيط الاستثماري. إلا أن هذا لا يكفي، نريد تطوير قطاع الاستثمار العقاري المهم في النواحي التالية:
هناك حاجة ماسة لإيجاد منتجات جديدة للسوق العقارية وتنظيم الآلية التي يتم بها طرح الشركات العقارية بأسلوب جديد مع تطوير آليات العمل في السوق العقارية في السعودية.
رغم أن هناك أكثر من خمس شركات تقريباً في السوق المالية تعمل في القطاع العقاري، إلا أن هذه الشركات لم تستطع تحقيق نجاح يواكب الطفرة العقارية. على سبيل المثال الفائض المالي من اكتتاب الشركات الكبيرة كان بالإمكان الاستفادة منه لتوازن مستوى السيولة المالية العامة. أضف إلى ذلك أن جميع الاستنتاجات تشير إلى الطلب الكبير على العقار في المستقبل.
السوق الاستثمارية في السعودية لا تزال يعاني من قلة المنتجات المبتكرة لتحفيز قطاعاتها. نريد تشجيع الابتكار بما في ذلك إجراء الدراسات المتخصصة في المجال العقاري ضمن قطاعات أخرى.
غالبية المنتجات التي ظهرت أخيرا تمحورت حول المساهمات العقارية وتجميع الأقساط لسلع معينة في قسط واحد، إضافة إلى جملة مبتكرات لا ترتقي لحجم ومكانة هذا القطاع الحيوي. إن مثل هذه المنتجات وقلتها لا تنسجم مع واقع الخبرات العملية والملاءة المالية للشركات الراهنة التي لها باع طويل في الاستثمار العقاري.
مازلنا ننتظر صدور أنظمة الاستثمار العقاري التي تُدْرس حالياً. هناك حاجة للسعي لتكوين منتجات جديدة تخدم السيولة المتوافرة في الاقتصاد الوطني مع تعطش المستثمرين لفتح قنوات استثمارية جديدة.
الاستثمار العقاري يحتاج إلى تنسيق بين الشركات الاستثمارية المختلفة بهدف خلق جو تنافسي يخدم تقديم المنتجات الجديدة. ومع ذلك لا أعتقد أنه سيكون هناك تأثير للفائض المالي الذي حققته "إعمار" على سوق الأسهم التي شهدت ارتفاعاً مؤقتاً ولكنه ملحوظ.
السوق العقارية السعودية مؤهلة لأن تستفيد من تجارب الدول المجاورة والعالمية حيث إن الشركات الاستثمارية في البلاد في وضع تنافسي مشابه لتلك الشركات العالمية إلا أنها تفتقر إلى الأساليب الحديثة في ابتكار المنتجات.
هناك حاجة لتضافر الجهود لخدمة القطاع العقاري، حيث يعتبر أكثر القطاعات للاستثمار باستثناء القطاع النفطي. السيولة موجودة في السوق أصلاً إلا أن هناك تحفظات على إدارتها بسبب الأحداث الإقليمية، ووجود مثل هذا الفائض الذي حققته "إعمار" مثلاً سيعزز من حجم السيولة الموجودة وسيدفع بالسوق إلى مزيد من الإيجابية. هناك حاجة إلى تكوين ثقافة استثمارية عقارية مشابهة للاستثمار النفطي تعرف المستثمرين الأجانب بطبيعة الاستثمار العقاري بهدف الاتجاه نحوه, خاصة مع انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية.
عودة إلى مدينة الملك عبد الله الاقتصادية التي ستشهد تطوير البنية التحتية والتطوير العقاري للمناطق الست في المدينة لتكون بذلك مدينة متكاملة اقتصادية تلبي حاجات البلاد الاقتصادية. الأمران المهمان هنا هما: الجمع بين أهم قناتي استثمار في البلاد السوق المالية والسوق العقارية، والأمر الثاني النتيجة الإيجابية للاكتتاب لأن هذا الوضع يكسب السوق ثقة المستثمرين وهو ما يحتاج إليه المواطن اليوم.