ندرس فرض ضريبة المبيعات

هذا ما صرح به معالي وزير المالية في منتصف شهر شباط (فبراير) المنصرم في عدة صحف، وأضاف معاليه "أنه لا يرى تفاقما في الضغوط التضخمية في المملكة رغم النمو الاقتصادي السريع والإنفاق الحكومي لعائدات النفط القياسية المرتفعة ونما الاقتصاد السعودي بنسبة 6.5 في المائة في عام 2005 الذي شهد تحقيق الدولة فائضا قياسيا في الميزانية بلغ 214 مليار ريال. وأن المملكة لا تدرس فرض ضريبة دخل لجعل العائدات أكثر استدامة، لكنها تدرس مثل الدول الخليجية الأخرى إمكانية فرض ضريبة مبيعات".
إن بحث معالي وزير المالية على إيرادات دائمة لخزانة الدولة هو أحد واجباته حيث إن إيرادات النفط تعتمد على عوامل عالمية متغيرة لا يمكن الاعتماد عليها مع فشلنا في عدم الاستغناء عنها. ونذكر جميعا كيف أن الوزارة حاولت تمرير نظام ضريبة دخل على المواطن السعودي الذي يزيد دخله على ستين ألف ريال سنويا، ونحمد الله أن ولاة الأمر لم يوافقوا على ذلك ووافقوا فقط على تعديل نظام ضريبة الدخل للمستثمر الأجنبي. وكما صرح معاليه فإنه من المحتمل أن يساعد ذلك على تعزيز العائدات بتشجيعه على مزيد من الاستثمارات وتحسين ممارسات تحصيل الضرائب.
إن مقارنة المملكة بدول مجلس التعاون التي تدرس ضريبة مبيعات أمر لا يخصنا وحديث لا معنى له، لأنه عندما نطالب بتطبيق ما يسمح به في دول مجلس التعاون من منافع وحقوق وسياسة تعليم منفتحة على الجامعات العالمية وتأشيرات زيارة يكفي أن يطلبها الفندق للنزيل الراغب في الزيارة إلى آخر التسهيلات العديدة الموجودة والمطبقة في معظم دول مجلس التعاون، نرى الأصوات ترتفع بالمنع والمعارضة لأن دول المجلس محدودة المساحة وقليلة السكان ونحن لنا خصوصيتنا وأمننا واقتصادنا ومصالحنا ووضعنا إلى آخر القائمة المعروفة. وأما إذا كان الموضوع فيه مصيبة على المواطن أو المستثمر فإننا جزء من دول المجلس وندرس كيف نطبق ذلك. إن ضريبة المبيعات تمس جميع فئات المجتمع ونحن لا يخصنا ما يطبق في دول مجلس التعاون ما دمنا ننتقي ما نريد حسب رأي المستشارين. ولا ننسى المكرمة الأخيرة بخفض أسعار الديزل والبنزين، التي تمس جميع فئات الوطن وتكلفة معيشتهم وأثرها الإيجابي على الصناعة والزراعة والنقل وغيرها، ولا أعتقد أن ما يعطيه الملك – حفظه الله – من ناحية تسعى أي جهة لأخذ أكثر منه من ناحية أخرى. فإذا كانت الوزارة تبحث عن مصادر للدخل فعليها أن تدرس فرض ضريبة على أرباح الشركات السعودية والبنوك السعودية وعلى أرباح الأسهم وعلى مبيعات مخططات الأراضي وعلى بيع أملاك الدولة من الأراضي ونطالب بوقف المنح التي تزيد على ألف متر مربع لأي مواطن وأن تعرض البلديات أراضيها في مزادات عامة لبيعها بأعلى سعر بدلا من منحها وتفقد الدولة دخلا محققا. إن المستثمر السعودي يدفع مثل غيره 30 في المائة على أرباحه عندما يستثمر في أسهم السوق الأمريكي فلا أظنه يمانع في دفع 5 في المائة على أرباحه في الأسهم السعودية. إن فرض الضرائب مطبق في جميع دول العالم ولكن مع هذه الضرائب تعطى حقوق لكل دافع ضريبة.
فلو فرضنا مثلا أن الدولة قامت ببرامج لخفض مصاريفها في جميع الاتجاهات وخفضت عدد موظفيها مع رفع رواتب المستمرين في الخدمة على أساس الإنتاجية وتشجيع التقاعد المبكر للتخلص من الفائض الموجود أو إعادة تأهيلهم والالتزام بالتوظيف حسب الحاجة، ثم بعد ذلك أخذت أربعة أخماس دخل النفط وأضافته إلى جميع إيرادات الدولة من رسوم وضرائب وأرباح من مؤسسات عامة وبنوك وبيع أراض وإيرادات جمارك و جوازات ومرور وخلافه، وقارنت ذلك بما تحتاجه من خطة تنمية مستديمة حقيقية مبنية على استراتيجية وطنية موحدة وواضحة تعطي المواطن التعليم المنافس مثل الدول المتقدمة والعناية الصحية والأمنية والاجتماعية والتدريبية وبناء البنية التحتية اللازمة مع التمسك بتوزيع التنمية على جميع مناطق المملكة وتركت لوزارة الاقتصاد والتخطيط اليد العليا في وضع الخطط وتنفيذها، مع تحجيم وزارة المالية في مسؤوليتها وتركيز مجهوداتها في زيادة إيرادات الدولة، عندئذ تستطيع الوزارة أن تقارن بين ما تحتاجه للتنمية المستمرة وما يأتيها من دخل وتستطيع عندئذ أن تدرس فرض ضرائب مختلفة تصاعدية على الغني قبل متوسط الدخل الذي لن يمانع في دفع جزء من دخله ما دام ستصله كل تلك المنافع التي ستزيد من مستواه الاجتماعي وترقى بحياته، ولكن لا معنى لذلك إلا بعد أن يعطى مجلس الشورى والمجالس الأخرى صلاحيات مراقبة الخطط والميزانيات الحكومية والمحلية وكذلك اعتمادها وتعديلها ورفضها وكذلك لهم الحق في فرض الضرائب المناسبة كل حسب منطقته. هذا ما يطبق في معظم دول العالم، فإذا أرادت الوزارة دراسة فرض أي نوع من الضريبة، عليها أن تواكب ذلك بما يترتب عليها من واجبات وإلا فسنستمر في ربط الحزام عند انخفاض دخل النفط وقد نصل لمرحلة عدم دفع الرواتب والحقوق، وسنفرط في الصرف عند ارتفاعه ونسدد منه جزءا من الدين العام وهذا بالتأكيد ما لا تريده الدولة وليست طريقة عملية لإدارة الاقتصاد الوطني .. فماذا نحن فاعلون؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي