حاكموا البنوك فهم أيضاً السبب

<a href="mailto:[email protected]">albadr@albadr.ws</a>

إن الهبوط الكبير لسوق الأسهم خلال الفترة الماضية وعلى ما جلبه من مصائب وكوارث اجتماعية ونفسية واقتصادية فإنه رغم كل هذا، فتح الباب واسعا لطرح جميع المشكلات والتراكمات التي بناها السوق منذ انطلاق شرارته الكبرى منذ أكثر من ثلاث سنوات.
تلك المشكلات التي طرحت على استحياء في فترات ماضية كان يغطيها الارتفاع الكبير الذي جناه السوق لدرجة أعمت الكثير عن مشكلات رئيسية ومغالطات كثيرة لم تكن لتحدث في أي سوق آخر في ظروفه الطبيعية. هذه المغالطات التي كما ذكرنا أخفاها الربح الكبير الذي كان يحققه المتداولون لدرجة وصل معها مستوى العدالة والشفافية إلى مرحلة خطرة أتت تراكماتها لتقصم ظهر البعير خلال الشهرين الماضيين.
ولعل من أكثر المشكلات والتناقضات التي عايشناها خلال التاريخ الحديث لسوق الأسهم هو المستوى المتهالك للقطاع البنكي كخدمة وليس كربحية, فمستوى ربحية البنوك ارتفع إلى أرقام كبيرة لم يشهدها أي قطاع بنكي في المنطقة وعلى مستوى نمو لم تشهده الكثير من البنوك حول العالم. ولا عجب فأنت تكسب وغيرك يخسر ولكن عندما يكون غيرك هو اقتصاد المملكة العربية السعودية فهذا أمر لا يمكن أن يمر مرور الكرام.
خصوصا وهناك بنوك أعلنت بشكل صريح أن ارتفاع أرباحها يعود بالمقام الأول إلى العملات التي تغتصبها من حسابات العملاء المغلوبين على أمرهم، وكأن تلك البنوك قد أمنت العقوبة فأساءت الأدب.
كنت قد ذكرت في مقام سابق أن البنوك المحلية حققت وما زالت تحقق الكثير في ظل الطلب المتزايد على الخدمات البنكية وقلة المصارف الموجودة التي لا تتناسب مع حجم الاقتصاد واتساعه، وكذلك ذكرنا أن بنوك احتكار القلة لدينا في نمو متزايد من ناحية قوائمها المالية مع بقاء خدماتها في مستويات ثابتة طوال الفترة الماضية، هذا إن لم تكن قد تراجعت من جراء الطلب المتزايد من العملاء وهو ما يبرره نمو أرباح القطاع البنكي بنسبة 55 في المائة في عام 2005، وقبلها بنسبة 36 في المائة عام 2004. هذا النمو والربحية هما نتاج عمليات كثيرة للمتداولين في سوق الأسهم والذين خسروا بعض الفرص بسبب كسل أنظمة البنوك عن الإيفاء بالحد الأدنى من متطلبات العملاء الذين تعالت أصواتهم بالتذمر من التعامل البنكي بجميع أوجهه, هؤلاء المتداولون الذين ضخوا أكثر من ستة مليارات ريال كعمولات خلال عام 2005 فقط.
كل هذا ولم نسمع عن أي إجراء اتخذ ضد أو مع تلك البنوك حتى وإن كان للاستهلاك الإعلامي!! فخلال الفترة الماضية شهدنا إيقافا لأسهم ولمضاربين وسمعنا عن عقوبات وغرامات. ولكن لم يكن القطاع البنكي طرفا في تلك المعادلة على الرغم من أن القطاع البنكي بصفته الوسيط الاحتكاري لعمليات التداول هو حلقة الوصل الرئيسية في السوق بخلاف كونه لاعبا مهما في السوق عن طريق صناديقه الاستثمارية، ومع ذلك بقي ذلك القطاع خارج دائرة الضوء.
وهنا احتمالان لا ثالث لهما لتفسير خروج القطاع البنكي من دائرة الضوء فيما يحدث في السوق, الأول، هو أن تكون بنوكنا على قدر غير مسبوق على المستوى العالمي في الدقة والانضباط والدرجة الأولى من خدمة العملاء بشكل يجعلها تقف بعيدا عن مرمى الاتهامات والشبهات. وهذا الاحتمال هو رفعة لبلد يملك مثل هذا الامتياز وفخر لنا جميعا بهذا التميز.
الاحتمال الثاني هو أنها فعلا ليست في مستوى الطموح والآمال وأن هناك خللا كبيرا في أدائها ولكنها أي البنوك أكبر من العقوبات وأرفع من الغرامات، بل أسمى حتى من التحقيق. وإن كانت كذلك فلعمري تلك هي القاصمة. وإن كان هناك تحقيق وعقوبات غير معلنة فالمصيبة أعظم.
إن محتوى هذا الطرح هو مكون أساسي من مكونات العدالة التي ينشدها الجميع وجزء لا يتجزأ من مبدأ الشفافية التي يتغنى بها البعض ومع الأسف لا نراها على أرض الواقع، خصوصا والموضوع يمس الجميع على جميع الأصعدة في بلد الاقتصاد الأقوى في المنطقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي