"وال مارت" .. أكبر شركة في العالم وأكثرها تعرضا للنقد

"وال مارت" .. أكبر شركة في العالم وأكثرها تعرضا للنقد

يقدم الكتاب استعراضا مدويا لقوة الإمبراطورية التي أنشأها سام والتون، وتسللها ـ ليس فقط عبر المساحات الجغرافية للولايات المتحدة ـ وإنما أيضا امتدت قوتها لتتسلل عبر وعي الأمريكيين لتصير جزءا لا يتجزأ من الثقافة الأمريكية المعاصرة.

تعد ظاهرة مؤسسة "وال مارت" مثالا اقتصاديا نموذجيا للعديد من المظاهر السلبية في الاقتصاد الأمريكي، كما يؤكد هذا الكتاب. الكاتب المخضرم جون ديكر قام بمجهود كبير في تخليص وتحليل الشكاوى التقليدية ضد "وال مارت"، شارحا بالتفصيل تلك الموضوعات المرتبطة بالأجور الفقيرة والحوافز الضئيلة وسياسيات القضاء على متاجر التجزئة الصغيرة والاعتماد المتزايد على نظام الاستئجار الخارجي.
يقدم الكتاب استعراضا قويا لأكبر شركة في العالم وأكثرها تعرضا للنقد. يكشف الكتاب أنه بينما توفر "وال مارت" للمستهلكين أرخص الأسعار للسلع، كما توفر الكثير من فرص العمل والوظائف في سوق العمل، حيث توظف "وال مارت" واحدا من كل 115 عاملا أمريكيا، إلا أنها في الوقت ذاته تساعد على انتشار ثقافة عدم الاكتفاء. فلم يحدث أن حظيت إحدى الشركات من قبل بمثل تلك الدرجات من التبجيل والرفض.
كثيرا تتعرض شركة "وال مارت" للهجوم، فمعارضوها يرون أنها تعد مثالا واضحا لمساوئ الرأسمالية، إذ يصفها الكثيرون بأنها القوة الاقتصادية المدمرة الكبرى في الولايات المتحدة وخارجها. فحيثما أنشأت لها فروعا جديدة تضطر باقي المتاجر إلى الإغلاق وتقل أجور العاملين المحليين في المنطقة وتنتهك حقوق العاملين به. وفي مواجهة الحملات الموجهة ضدها، تقوم "وال مارت" حاليا بشن حملة دعائية مضادة تركز فيها على أن الشركة توفر الكثير من فرص العمل والكثير من المزايا لموظفيها.
وتبلغ شركة "وال مارت" من القوة الاقتصادية أنها إذا ما كانت دولة فستكون واحدة من أقوى 20 نظاما اقتصاديا في العالم. تقدم "وال مارت" نموذجا غير مسبوق وقوة لا يمكن كبحها في النظام الرأسمالي، حيث تبلغ مبيعاتها السنوية نحو 260 مليار دولار، ويصل متوسط أجور العاملين بها إلى ثمانية دولارات في الساعة.
يقدم الكتاب استعراضا مدويا لقوة الإمبراطورية التي أنشأها سام والتون وتسللها ليس فقط عبر المساحات الجغرافية للولايات المتحدة، وإنما أيضا امتدت قوتها لتتسلل عبر وعي الأمريكيين لتصير جزءا لا يتجزأ من الثقافة الأمريكية المعاصرة.
بعد استبعاد كل ما يتعلق بالدعاية والسياسة، يكشف الكتاب قصة أمريكية وعالمية لا يوجد فيها خطوط فاصلة بين الأخيار والأشرار. تلك القصة يمكن أن تكون هي ذاتها القصة المعقدة المتشابكة للولايات المتحدة نفسها: معارك ضارية بين التقدم الاقتصادي ومستوى المعيشة، بين الحفاظ على الهوية المحلية والاندماج لتحقيق التجانس العالمي، وبين الأسعار الرخيصة وكرامة العامل الأمريكي. تجمع كل هذه المعارك لتكون حربا شاملة تحاول تعريف مظاهر العصر الحديث.
وبالرغم من حدة الحملات ضدها، إلا أن الكتاب يؤكد أن شركة "وال مارت" ستكون هي الرابحة في هذه المعارك. فقد شاركت ممارسات العمل الخاصة بالشركة في تشكيل الثقافة الأمريكية بما فيها خطط الدولة الاجتماعية والسياسية والصناعية.

الأكثر قراءة