مستثمرو إسبانيا يتطلعون جنوبا مع تحسن الروابط مع المغرب
يحفز تحسن الروابط السياسية بين إسبانيا والمغرب المستثمرين الإسبان على تبني نظرة جديدة إلى جارتهم في شمال إفريقيا، حيث تقدم مشاريع السياحة والعقارات عوائد أفضل من الفرص المتاحة لهم في الوطن.
ولا يفصل بين البرين الإسباني والمغربي إلا 14 كيلومترا من المياه، لكن فرنسا القوة الاستعمارية سابقا مازالت تستأثر بأكبر نصيب من الاستثمارات في داخل المغرب ومنها أكبر عملية تخصيص حتى الآن وهي لشركة اتصالات المغرب. والآن يقول الإسبان إن الأمور بدأت تتغير.
وقال إنريك فردجير بويج مستشار الاقتصاد والتجارة الإسباني في الرباط "من حيث الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم فإن هدفنا هو تخطي فرنسا بوصفها أكبر مستثمر أجنبي في المغرب، إنه اتجاه طبيعي بالنظر إلى تقاربنا المكاني وكوننا يكمل بعضنا بعضا".
وحققت شركات التنمية العقارية أرباحا طائلة على مدى سنين من ازدهار
عقاري أذكته أسعار فائدة منخفضة خلفت مناطق من الساحل الإسباني تكتظ بالشقق السكنية ومنازل العطلات.
ومع تقلص الفرص الاستثمارية في الداخل الآن، فإن كثيرين يتطلعون إلى المغرب الذي يوجد فيه مئات الكيلومترات من الشواطئ المهجورة ويريد أن يجتذب عشرة ملايين زائر بحلول 2010 صعودا من ستة ملايين زائر العام الماضي.
وقال تاج الدين الحسيني وهو أستاذ جامعي مغربي في القانون والاقتصاد الدولي "بالنسبة إلى الإسبان فإن إمكانيات البناء والإنشاء بلغت مداها، لكن المغرب مازال أرضا بكرا".
وفي حزيران (يونيو) أعلنت شركة الإنشاء الإسبانية فاديسا عن خطط لإقامة مجمع سكني وسياحي بتكلفة 300 مليون يورو (383 مليون دولار) في مدينة مراكش. وقال بويج إن هذا المشروع سيتبعه المزيد.
وأضاف أن البعض مهتم بمشروع عقاري تكلفته مليارا دولار قرب نهر بور قرق في الرباط وتوسعة كبيرة للميناء ومنطقة للتجارة الحرة مزمع إنشاؤها في مدينة طنجة الشمالية.
ويتطلع منتجو الغذاء الإسبان الذين يعتمدون بالفعل على الأيدي العاملة من بين
آلاف المهاجرين المغاربة إلى فرص نقل بعض إنتاجهم إلى المغرب، حيث يمكنهم تأجير أرض من خلال إقامة شراكة مع مزارعين مغاربة.
وبيّن الحسيني "قيمة هذا ستكون عالية جدا للمزارعين الإسبان لأن الحد الأدنى للأجور في المغرب يقل كثيرا عن نظيره في إسبانيا".
وبالنظر إلى أن حدوده الشرقية مع الجزائر مغلقة والصحراء في جنوبه والمحيط في غربه فإن المغرب يعتمد اعتمادا كبيرا على إسبانيا كطريق للتجارة.
غير أن محللين يقولون إن هذه العلاقة ليست مستغلة كما ينبغي وإن النمو
الاقتصادي القوي في إسبانيا في السنوات الأخيرة وسع شقة الثراء بينها وبين المغرب الذي يقل فيه متوسط دخل الفرد 15 مرة عن الإسباني العادي.
ويحجم كثير من الشركات الإسبانية عن إقامة وجود لها في المغرب تثبطها عن ذلك حالة عدم اليقين بشان حقوق الملكية الفكرية والقيود على ملكية الأراضي ونظام قضائي مبهم وغير شفاف وسيل لا ينقطع من التغطية الإعلامية السلبية عن المغرب.
وذكر بويج "هناك سوء تفاهم متبادل وحينما تقرأ الصحافة الإسبانية فإن 99 في المائة من الأنباء عن المغرب سيئ".
وفي الأعوام العشرة حتى عام 2005 أسهمت إسبانيا بنسبة 18 في المائة من الاستثمار الأجنبي المباشر في المغرب، بينما كان نصيب فرنسا أكثر من الثلث. وبلغت قيمة صادرات إسبانيا إلى المغرب إجمالا 2.23 مليار يورو العام الماضي صعودا من 2.17 مليار يورو عام 2004.
ومهما يكن من أمر فإن بويج أشار إلى أن الأرقام الرسمية لا تتضمن التدفقات
الكبيرة من السلع الاستهلاكية التي تجد طريقها إلى المغرب بطريق غير مشروع وكثير منها من خلال جيبي سبتة ومليلة في شمال المغرب.
وأوضح "إذا تم تضمين الأرقام الخاصة بالسلع المهربة في الإحصاءات الرسمية فإننا قد نصبح أكبر مصدر للمغرب".
وعانت العلاقات بين مدريد والرباط من سنوات من التوترات بشأن حقوق الصيد، الهجرة غير المشروعة، والادعاءات المتعارضة بشان سبتة ومليلة غير أن المد تحول بعد الانتخابات الإسبانية عام 2004، حينما أطاح الاشتراكيون بالحكومة المحافظة لرئيس الوزراء خوسيه ماريا أزنار التي كانت تعتبر متشددة في الشؤون المغربية.
وقررت مدريد والرباط زيادة التعاون بينهما لمكافحة الهجرة غير المشروعة
ومواجهة الجماعات الإسلامية المتشددة عبر الحدود التي يلقى عليها اللوم في التفجيرات الانتحارية في الدار البيضاء ومدريد.
وأزيلت نقطة شائكة أخرى في وقت سابق من هذا العام، حينما سمح اتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي للزوارق الإسبانية بالعودة إلى المياه الغنية قبالة سواحل المغرب.