الأسباب الحقيقية لارتفاع أسعار النفط
<a href="mailto:[email protected]">a@aalhajji.com</a>
ما أسباب ارتفاع اسعار النفط في الفترات الأخيرة؟ هل السبب الرئيس هو زيادة تأزم العلاقات بين إيران والدول الغربية بسبب برنامج إيران النووي كما ادعت وسائل الإعلام؟ ما دور العوامل السياسية في رفع أسعار النفط في الفترات الأخيرة؟
العوامل المتعلقة بقوى السوق
في الوقت الذي ركزت فيه وسائل الإعلام على الأزمة الإيرانية كسبب رئيس لارتفاع أسعار النفط، تجاهلت هذه الوسائل الأسباب الحقيقية وراء هذا الارتفاع. تجاهلت وسائل الإعلام "قوى السوق" وركزت على بعض العوامل السياسية التي لعبت دوراً بسيطاً في رفع أسعار النفط في الفترات الأخيرة. تجاهلت وسائل الإعلام ثلاثة أسباب رئيسة مرتبطة بأساسيات السوق هي:
1- انخفاض إنتاج النفط العالمي في الأسابيع الأخيرة في الوقت الذي استمر فيه الطلب العالمي على النفط في الارتفاع. جاء أغلب الانخفاض من نيجيريا وبحر الشمال، في الوقت الذي لم تتمكن فيه بعض الدول من زيادة إنتاجها بالشكل المتوقع. وهنا لا بد من ذكر حقيقتين مهمتين الأولى أن إنتاج أوبك أقل مما كان عليه في العام الماضي. الثانية أنه لا يمكن الاعتماد على بيانات الإنتاج التي تنشرها أوبك في تقريرها الشهري لأن المنظمة تنشر متوسط بيانات خمس هيئات أخرى. بعبارة أخرى، أوبك لا تعرف إنتاج أعضائها وتعتمد على منظمات غربية تقوم بتقدير إنتاج أعضاء أوبك، وغالباً ماتكون تقديراتها أعلى من الحقيقة.
2- استمرار انخفاض الدولار مقابل اليورو والين الياباني واليوان الصيني. انخفاض الدولار يعني عدم ارتفاع أسعار النفط في كل من أوروبا واليابان والصين بالنسبة نفسها التي ارتفعت فيها في الولايات المتحدة، الأمر الذي لن يجعل ارتفاع الأسعار يؤثر كثيراً على الطلب على النفط في هذه الدول. وكانت بعض الدراسات قد أشارت إلى أن انخفاض الدولار يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط لأنه يؤدي إلى تخفيض إنتاج بعض المناطق، خاصة بحر الشمال، ويؤدي في الوقت نفسه إلى زيادة الطلب على النفط نسبياً في البلاد التي ترتفع عملتها مقابل الدولار.
3- استمرار عمليات مزج البنزين بالإيثانول بدلاً من مادة "م تي بي إي" في الولايات المتحدة، الأمر الذي زاد من الطلب على البنزين. وكانت أغلب الولايات الأمريكية قد أقرت قوانين بيئية تتطلب استخدام الإيثانول في البنزين. وبالرغم من أنه مازال هناك وقت أمام الشركات للقيام بذلك، إلا أن الشركات فضلت تغيير مواصفات مصافيها والقيام بعمليات الاستبدال في وقت مبكر خوفاً من محاكمتها بسبب انسياب مادة إم تي بي إي إلى المياه الجوفية. المشكلة في عملية الاستبدال هذه أن كمية الإيثانول المطلوبة لتخفيض الانبعاثات بكمية معينة أقل من كمية م تي بي إي المطلوبة لتخفيض المستوى نفسه من الانبعاثات، وهذا يعني استهلاك المزيد من البنزين. فمثلاً، إذا كانت نسبة المزيج 90 في المائة بنزين و10 في المائة إم تي بي إي، فإن الوصول إلى الهدف البيئي نفسه يتطلب إضافة 5 في المائة من الإيثانول فقط، الأمر الذي يتطلب مزجها ب 95 في المائة من البنزين. هذا يعني زيادة الطلب على البنزين بشكل مفاجئ بمقدار 5 في المائة، وهذا ما يفسر الانخفاض الكبير في مخزون البنزين في الأسابيع الأخيرة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الزيادة الموسمية في استهلاك البنزين. وقد يقول قائل لماذا لا يتم التعويض عن ذلك بإضافة المزيد من الإيثانول بدلاً من إضافة البنزين. الجواب أن ذلك سيزيد من تفاقم المشكلة لعدة اسباب أهمها عدم توافر هذه الكميات في الولايات المتحدة. وبفرض توافرها، فإن تكلفة إعادة هيكلة المصافي لمزج هذه الكميات سيكلف مليارات الدولارات. بالإضافة إلى ذلك فإن محركات السيارات الحالية قد لا تتلاءم مع هذه النسبة من الإيثانول في البنزين.
العوامل السياسية
لا يمكن لأحد أن ينكر دور العوامل السياسية في رفع أسعار النفط. ويتمثل دور العوامل السياسية في أحد أمرين، إما انخفاض مباشر في الإنتاج كما حصل في نيجيريا منذ الشهر الماضي، أو "احتمال الانخفاض" والذي يشمل احتمال انخفاض صادرات النفط الإيرانية والنيجيرية والفنزويلية والتشادية. هاتان الحالتان، بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية والطبيعية والفنية المؤثرة في الإنتاج تجبر بعض التجار على شراء النفط بأي سعر كان تخوفاً من انخفاض الإمدادات، كما تشجع المضاربين على دخول أسواق النفط وشراء العقود المستقبلية بهدف جني أرباح سريعة، الأمر الذي يزيد من ارتفاع الأسعار.
خلاصة الأمر إن أغلب ارتفاع أسعار النفط في الفترات الأخيرة، والذي بلغ حوالي عشرة دولارات للبرميل، يعود إلى قوى السوق، بينما يعود الجزء الآخر إلى دور التجار والمضاربين بسبب توقعاتهم المتعلقة بانخفاض الإنتاج في المستقبل نتيجة عوامل سياسية على الأغلب. السؤال الآن: هل تتجاوز أسعار النفط 80 دولاراً للبرميل؟