الحوكمة الاقتصادية وكفاءة إدارة الفوائض أهم التحديات الخليجية
طالب صندوق النقد الدولي دول الخليج بتحسين أساليب الحوكمة الاقتصادية لديها والكفاءة في إدارة الفوائض المالية من ارتفاع أسعار النفط، مشددا على ضرورة الاحتفاظ بجزء منها للأجيال القادمة.
وأكد صندوق النقد الدولي في تقرير حديث أن التنمية في دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تحديات تتجاوز في طبيعتها الجوانب المالية، الاقتصادية، والتقنية لتشمل أيضا المسائل المتعلقة بكفاءة إدارة وحوكمة الاقتصاد.
وأضاف التقرير أنه يجب توافر ثلاثة شروط لجعل الاستثمار الخاص يتجاوب بقوة مع كفاءة إدارة وحوكمة الاقتصاد وهي: استقرار الاقتصاد الكلي، مرونة أسعار الصرف، ونظام حوكمة خاص بالشركات يضمن توفير مناخ موات للاستثمار ويخضع لتنظيمات فعالة تعزز التنافسية. أما إصلاحات أسواق العمل فتشكل عنصرا ضروريا من عناصر إصلاح السياسات، لكنها لا تكفي وحدها لمواجهة العقبات بوجه العمالة. فالظروف الاقتصادية والسياسية والتفهم الدقيق لمشاكل أسواق العمل في كل دولة كفيلة بتحديد أولويات الإصلاح. وتشير الدراسات التجريبية إلى أن إصلاحات أسواق العمل قد تنعكس إيجابيا على صعيد العمالة والاقتصاد الكلي، وتسهم في معظم الحالات في رفع معدلات العمالة والاستثمارات الخاصة ونمو الناتج على المدى الطويل.
وفي مايلي مزيداً من التفاصيل
أكد صندوق النقد الدولي أن التنمية في دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تحديات تتجاوز في طبيعتها الجوانب المالية، الاقتصادية، والتقنية لتشمل أيضا المسائل المتعلقة بكفاءة إدارة وحوكمة الاقتصاد. وأوضح في تقرير له أن هذه التنمية تتميز بتحديات خاصة أيضاً مثل كفاءة إدارة العوائد المالية على المدى البعيد، كاشفا أن الثغرات القائمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة تعكس هوة مستمرة في هذه التحديات بين المنطقة والدول الأخرى الأفضل أداء، ما يمكن اعتبار أن العقبات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها المنطقة متعلقة بكفاءة الإدارة بشكل عام، حيث تتطلب هذه العمل على تدعيم الدوافع، الآليات، والقدرات لتعزيز المساءلة، تضمينية المؤسسات العامة، وتوسيع نطاق المشاركة في اتخاذ القرارات.
وبيّن التقرير أن مبادئ الحوكمة تنطوي أيضا على جعل كل المداولات بشأن القوانين والتشريعات علنية لتوفير حد أقصى من الشفافية. كذلك تعزيز المساءلة الداخلية ووضع مؤشرات لقياس نسبة التقدم الذي قد تحققه هذه الإصلاحات والمساواة أمام القانون، وحرية وسائل الإعلام والحد من القيود المفروضة على المجتمع المدني، وأن تكون الخدمات الاجتماعية أكثر مراعاة للمساواة، ووضع حد للقوانين والتنظيمات التمييزية. كذلك لا بد من تكميل هذه الإجراءات كافة بأجهزة رقابة قوية تضمن معاملة المسؤولين للمواطنين بالتساوي، وبخاصة استقلالية السلطات القضائية والتشريعية، وإيجاد هيئات رقابية مستقلة كالوسيط فيما يتعلق بالتنفيذ وهو بدوره يتطلب إصلاح الإدارة العامة، وتطوير الميزانيات الحكومية بجعلها تتمحور حول الأداء، وتدعيم قدرة الموظفين على تقديم الخدمات وتحسين قدرات السلطات المحلية وضمان استقلالية الأجهزة التنظيمية.
وأضاف التقرير أنه يجب توافر ثلاثة شروط لجعل الاستثمار الخاص يتجاوب بقوة مع كفاءة إدارة وحوكمة الاقتصاد وهي: استقرار الاقتصاد الكلي، مرونة أسعار الصرف، ونظام حوكمة خاص بالشركات يضمن توفير مناخ موات للاستثمار ويخضع لتنظيمات فعالة تعزز التنافسية. أما إصلاحات أسواق العمل فتشكل عنصرا ضروريا من عناصر إصلاح السياسات، لكنها لا تكفي وحدها لمواجهة العقبات بوجه العمالة. فالظروف الاقتصادية والسياسية والتفهم الدقيق لمشاكل أسواق العمل في كل دولة كفيلة بتحديد أولويات الإصلاح. وتشير الدراسات التجريبية إلى أن إصلاحات أسواق العمل قد تنعكس إيجابيا على صعيد العمالة والاقتصاد الكلي، وتسهم في معظم الحالات في رفع معدلات العمالة والاستثمارات الخاصة ونمو الناتج على المدى الطويل.
ويشير التقرير إلى تفاوت تجربة الدول العربية في هذا المجال وتمايز دول التعاون في التحديات التي تواجهها.فعلى سبيل المثال نفذت الدول العربية القليلة الموارد الغنية باليد العاملة مثل مصر، الأردن، لبنان، المغرب، وتونس أول الشروط المسبقة لحفز تجاوب فعال للاستثمارات وهو استقرار الاقتصاد الكلي.
ومع أن أسعار الصرف الفعلية في الدول القليلة الموارد- باستثناء لبنان - تتوافق مع أسعار الصرف الأساسية بنسبة كبيرة، يجب أن تكون إدارة أسعار الصرف مرنة لإنجاح الإصلاحات التجارية. وباستثناء كل من مصر وتونس، فإن أسعار الصرف في الدول الفقيرة الموارد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تخضع لأنظمة غير مرنة نسبياً.
لكن في نهاية المطاف، يبقى عدم توافر الشرط الأساسي الثالث - أي نظام للحوكمة للشركات يضمن مناخا استثماريا مواتياً- لزيادة الاستثمار الخاص يمثل التحدي الأكبر في الدول الفقيرة بالموارد، مما يضعف الأثر المحتمل للاتفاقيات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي والشركاء الآخرين. أما تحسين مناخ الأعمال فسيؤدي إلى تعزيز آليات التفاعل بين الشركات والحكومات في مجالات تلعب فيها الحكومة دور المنظم أو مقدم الخدمات، كما سيضمن تطبيقا فعالا وعادلا للقوانين والتنظيمات.
وتحتاج معظم الدول أيضاً إلى إصلاح الأنظمة التنظيمية لجعلها أكثر قابلية للتنافس ولتتيح المشاركة الخاصة في القطاعات كافة ولتعزيز القدرة التنظيمية عبر الإفادة من أفضل الممارسات الدولية لضمان التنافسية وأمانة الأنظمة المالية. وتمثل الشركات المتوسطة والصغرى هدفا محددا لتلك الجهود، حيث أهمية تقليص الحواجز أمام دخول الأسواق وتشجيع تطبيق العقود وحماية حقوق الملكية. أما إصلاح وتنمية الخدمات المالية، وخصوصا النظام المصرفي، فهو شأن آخر ذو أهمية.
إلا أن مهمة الاقتصادات الغنية بالموارد وباليد العاملة مثل الجزائر واليمن أكثر تعقيدا لجهة تحقيق الانتقال إلى نظام اقتصادي موجه للسوق، إذ سمح ريع النفط الهائل بتأسيس شركات كبيرة في القطاع العام تحميها الحواجز التجارية وتدعمها المساعدات الحكومية الكثيفة. ونتجت عن هذا الريع أسعار للصرف مقيمة بأكثر من قيمتها الفعلية. أما تقلب أسعار النفط فانتقل إلى بقية قطاعات الاقتصاد من خلال سياسات مالية دورية. وبالتالي، مع أن ظروفها الأولية شبيهة إجمالا بظروف الدول الفقيرة الموارد، تتطلب الدول الغنية بالنفط واليد العاملة إصلاحات سياسية أكثر حدة وأوسع نطاقاً.
وقد تستفيد خدمات البنية التحتية الأساسية مثل إنتاج الكهرباء وتوزيعها التي يحتكرها قطاع عام غير فعال من إلغاء القيود التنظيمية ومن التنافسية. وعلى الغرار نفسه، يبقى القطاع المالي بمعظمه بين يدي القطاع العام الذي يتحكم بـ 95 في المائة من موجودات المصارف. وهنا تدعو الحاجة إلى تحسينات جذرية في المناخ التنظيمي للقطاع العام واجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. مثلاً، مازالت دول كثيرة تتكل على تحديد الأسعار وتنظيمها وهذا أمر يجب التوقف عنه للسماح لإشارات الأسعار الناتجة عن التحرير الداخلي والخارجي بلعب دورها.
أما بالنسبة للاقتصادات الغنية بالموارد والفقيرة باليد العاملة - وكما هو الحال في دول مجلس التعاون – فإنها مطالبة بتخفيف اتكالها على قطاع الشركات العامة غير الفعالة وعلى إدارة عائدات النفط بصورة فعالة على المدى البعيد. فقطاع الشركات العامة كبير جداً في الدول التي تتميز بوفرة الموارد وتستورد اليد العاملة. كما أن معظم الصناعات غير النفطية الكبرى في هذه الدول في يد القطاع العام وتتكل على الدعم الحكومي، بما فيه القروض المتدنية التكلفة. أما سياسات تأميم العمالة التي اعتمدتها دول كثيرة أخيراً فقد تعرقل توسع القطاع الخاص إن لم تحدد أهدافها بحذر.
وقد تنتج عن الريع النفطي الكبير فرص كبيرة إلا أنه قد يؤدي إلى عوائق أمام الإصلاحات أيضاً. ففي الأمد القصير تخفف عائدات النفط من هموم خسارة العائدات المترتبة من إصلاحات التجارة. أما تخفيض دعم الطاقة المحلي فقد يسمح بتحقيق توفيرات كبيرة في الموازنة. لكن على مر الوقت ينبغي على تلك الدول أن تعزز عوائدها غير النفطية عبر أنظمة ضريبية ذات قاعدة وسيطة، فضلا عن وسائل أخرى. وبصورة عامة على تلك الدول أن تحسن إدارتها لتقلبات أسعار النفط والموارد النفطية. أما الهدف من إدارة التقلبات على المدى القصير فهو حماية نفقات الحكومة من مكاسب النقط أو خسائره، وتطبيق قواعد مالية واضحة للتوفير و/أو الإفادة من الموارد لأجل تأسيس صندوق مؤقت للاستقرار, فضلاً عن أهداف تحقيق الاستقرار، على هذه الدول أن تفكر في توفير جزء من ريع النفط للأجيال المقبلة كجزء من استراتيجية إدارية طويلة الأمد للموارد النفطية.