رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل من الممكن دعم وتخصيص الأمن للمواطنين؟

<a href="mailto:[email protected]">Alfaizdr2@yahoo.com</a>

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة سرقات المنازل والمقتنيات وبشكل لا يطاق، لدرجة أن الاستهتار وصل إلى سرقة مراكز الشرط نفسها والمحاكم، والتسلط على عائلاتنا حتى في سياراتهم الخاصة. فالنساء لا يستطعن الخروج من صالات الأفراح أو الزيارات العائلية ليلاَ بسبب مطاردة المعاكسين الذين أصبح لديهم الجرأة مع (أخوياهم) لتوقيف سيارات العائلة وإنزالهم منها .. فأين الأمن؟
إن مدننا تنمو وتتضاعف سكانياَ بينما جهاز الأمن لا يشفيك، وهو بالكاد نفس حجمه وكفاءته منذ عقود. ولم يتطور مع مستجدات العصر ومشاكل النمو والتي أهمها الجريمة. لقد سبق أن كتبت في هذا الموضوع وأن الإرهاب هو صناعة الإنسان وإفرازات تضخم المدن والعالم المحيط بنا الذي تشوبه الحساسيات والحسد والحقد والتخلف الحضاري. وأنه سيستمر معنا شئنا أم أبينا. كما أشرت إلى أن وسائله وصوره متعددة ومتجددة ومتشرذمة ولن يتمكن أحد من تجنبها. وإن انتهت الفئة الضالة فستأتينا الفئة المهلوسة ثم المجرمة ثم المرتدة أو الشيطانية أو عصابات المافيا للمخدرات والبغي. لذلك فإنه يجب علينا تقوية الأمن والمحافظة عليه ومحاولة تخصيص الجزء الذي يمس المواطن عن طريق شركات مساهمة وبذلك يتفرغ رجال الأمن لحماية الدولة. وأن يعطى المواطن حقه في الدفاع عن النفس لمن يقتحم بيته دون حق. فهل من المعقول أن يقتص ممن اقتحم بيته أو عرضه ويسجن ويعاقب بالقتل وينجو المجرم الحرامي. فأين الرادع القانوني حيث إنه مع كثرة السرقات لم نسمع عن قطع الأيدي. أو السجن والتشهير للتمشي مع منظمة حقوق الإنسان. فمن أمن العقاب أساء الأدب.
يجب أن نتجاوب مع هذه الأحداث سواء الحالية أو المستقبلية وهو جزء مرتبط بالإرهاب الذي قد لا يكون موجها للدولة مثل تفجيرات الفئة الضالة وإنما إرهاب موجه للمواطنين وأمنهم في بيوتهم. فالدولة تحارب الإرهاب فتضع الاحتياطات الأمنية ونقاط التفتيش والكتل الخرسانية التي أصبحت تضيق وتقفل الشوارع والميادين مشوهة مظهر المدينة وكأننا في ورشة حرب. وكل منا يؤمن بأهمية ذلك وأنه لمصلحة الجميع. ولكن ألا يستحق المواطن أن نعطيه بعض الأمن.
ومن هذا المنطلق وكتقييم للوضع الحالي لأجهزة الأمن فإن الحل هو في الخصخصة والسماح للشركات المساهمة أن تتدخل في موضوع حماية المواطنين عن طريق شركات لجميع أنواع الأمن سواء شركات تلبية نداء الإسعاف أو الإنذار وشركات الحراسة للأحياء، وأن يتم إشراك بعض المتقاعدين في نظام المراقبة والأمن للأحياء مثل نظام العسة السابق. وكذلك محاولة دعمها مالياَ وخاصة الشركات المنتشرة حالياَ لبيع وتركيب أجهزة الإنذار وكاميرات المراقبة.
وكذلك محاولة إشراك سكان الحي وأبنائهم لوضع برامج مراقبة الأحياء Program Neighborhood Watch.
كما أننا مطالبون بتسخير الأبحاث عن مشاكلنا الأمنية ومصادرها ومسبباتها وكيفية التخلص منها. إن زيادة الجريمة والأحداث الإرهابية وما سيستجد نذير يؤكد ما سبقتنا إليه تجارب غيرنا أن نمو المدن فوق طاقاتها أو ما تملكه من مقومات يعتبر من أكبر وأبرز المشاكل التي تواجه المدن الكبرى في العالم. وهذه الظاهرة معروفة وليست جديدة بل إنها أحد قواعد علم الاجتماع التي أكدها هبراماس أحد أكبر علماء الاجتماع في ألمانيا ومنذ أكثر من مائتي سنة نظريته عن المجتمع الصغير عندما يتحول إلى مجتمع كبير وكيف أن الأخلاقيات والضوابط تتغير وتكثر الانعزالية والأمراض الاجتماعية والنفسية والشذوذ. لذلك فإن الإرهاب ظاهرة ستبقى لتعيش معنا شئنا أم أبينا. بل ستتغير صوره لتصل إلى مرحلة مافيا الجرائم وعصابات السرقات والمخدرات ثم السياسات.
ولعل هذه الأحداث تكون شاهداً بأننا إذا كنا عاجزين عن السيطرة عليها الآن فماذا ستكون حالتنا بعد التضخم والنمو الفاحش الذي حتماَ سيفقد الدولة عملية السيطرة على الجريمة كما أنه يؤدي إلى تفكك المجتمع وكثرة الفساد الاجتماعي وقلة فرص العيش وتفشي البطالة والجريمة إلى حدود لا تمكن رجال الأمن من السيطرة على مجريات الأمور والأمثلة والتجارب على ذلك دولياً كثيرة. والخلاصة التي نأخذها من تجارب الدول التي سبقتنا أن هذه الأحداث لا تنتهي بهذه السهولة وأن النمو السكاني المتزايد تنمو معه نسب كبيرة من الشواذ الاجتماعية والنفسية والتي تؤدي إلى أمراض نفسية واجتماعية وشذوذ وهوس فكري كثير. فلو انتهت أعمال الإرهاب التي نعيشها الآن فلن تنتهي الأحداث الإرهابية المستقبلية التي تولدها مشاكل النمو السكاني الكبير فوق طاقة المدينة.
هناك علاقة وثيقة بين تضخم المدن وزيادة معدلات وأنواع الجريمة لدرجة لا تمكن من السيطرة على الأمن. كما أن هناك علاقة أكبر بين تخطيط المدن وإمكانية الحد من وقوع الجريمة والأعمال الإرهابية وذلك بالرجوع للتخطيط الإسلامي للأحياء حيث كان المجتمع الإسلامي منذ بزوغ فجر الإسلام يقوم على مبدأ التآخي والتكافل ومراعاة حقوق الجار ووضع مبادئ التخطيط وتصور تآلف المسلمين داخل الحي السكني ووضع المسجد الجامع نواةً للحي متوسطاً بين المنازل ثم الساحة المحيطة به حيث يجتمع المسلمون بعد الصلاة لمناقشة أمور دينهم ودنياهم وأن تحيط بتلك الساحة بعض الأنشطة التجارية والثقافية وهو ما ينادي به علماء التخطيط وما يسمى مركز الحي وقد شرع الإسلام مبادئ بسيطة لتخطيط الحي فحث على احترام حرمة الغير وخص بذلك الجار وأوصى به وشرع وجود العسة, وتخطيط الأحياء بطريقة تقلل من المنافذ حيث إن ذلك يساعد على عملية السيطرة ومحاصرة الأحياء بسهولة وقلل من دخول الغرباء للحي.
ولتجنب الإرهاب فإنه يجب محاولة اختيار المواقع للمباني المهمة في مناطق واسعة وبحيث يمكن تجميعها في منطقة واحدة ليسهل عمل سور خارجي أمني واحد لها بجميع احتياطات الأمن من بوابات وحراسة. وأن يتم من الآن الحد من تضخم المدن الكبرى في المملكة والتحول إلى المدن التخصصية وفق حجم وحدود ملائمة للنمو تتناسب مع مقوماتها ولا تتعداها, وذلك بخلخلة القاعدة الاقتصادية للمدينة بنقل بعض الاقتصاديات التي تنمو عليها الخدمات.
محاربة الجريمة والإرهاب معضلة لا يمكن الهرب منها في عصرنا هذا فهي وإن قضي عليها داخلياَ فستبقى مخاطر الإرهاب الخارجي ومن يحقدون علينا من أشقائنا أو جيراننا والذين يغسلون عقول بعض أبنائنا ويوجهونهم علينا والذي نحن دائماَ عرضة له ومحسودون على ما حبانا الله به. ولذلك فإن الاحتياطات الشكلية لن تفلح وحدها في محاربة الجريمة والإرهاب.

مهندس ومخطط حضري

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي