رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الطبقة الدنيا في روما القديمة

نذهب إلى السوق فنشتري جهازا أو أداة أو قطعة أثاث أو لعبة لأطفالنا وما إن تستقر في بيوتنا لساعات أحيانا ولأيام إن طال أمدها حتى تتعرض إما للعطل والخلل أو التلف.
أما المستهلكات الأخرى كالعطور وأدوات الزينة والتجميل والأقمشة والملابس والأحذية والحقائب، وما إلى ذلك، فغالبا لا تكون هذه السلع بالجودة التي لمثيلاتها في دول العالم المتقدم.
كذلك هو الحال في الغذاء والدواء، وهذا هو الأسوأ والأخطر.. فلا أنت حاصل على ذات النكهة والطعم والجودة في كثير من المواد الغذائية أو المشروبات المستوردة ومثلها الأدوية فحين تطلب الأثر نفسه والكفاءة نفسها لا تحصل منها على ما عهدته فيها، هذا إذا لم يكن الغذاء والشراب والدواء مما لم يعد صالحا للاستهلاك الآدمي.
السبب الرئيس يكمن في وجود الخط الثاني للإنتاج فلدى مصانع الشركات العالمية استراتيجية للتعامل معنا، نحن بلدان العالم الثالث مبنية على قاعدة الأفضل لهم لأنهم يرون أنفسهم الأفضل, والأقل جودة لنا لأننا الأدنى في نظرهم.
لا يقتصر وجود الخط الثاني للإنتاج على شركات دون غيرها، فحتى الشركات ذات "الماركات" المشهورة التي تدعي أنها لا تحابي ولا تتنازل عن المواصفات، تقول شيئا و يقول الواقع عكسه, وقد تتذرع أحيانا بوجود التقليد لكن بعدما تكون قد هبشت هبشتها من ورائه.
بل إن العولمة وفرت حجة دامغة تراوغ من خلالها الشركات لتبرير التفاوت في منتجها كونه جاء من مصنعها في جزر الواق واق مثلا! وهو عذر أقبح من فعل يثبت التهمة ولا ينفيها.
هذا فصام تسويقي ناجم عن تراث استعماري عنصري لم يتزعزع بعد فما زالوا ينظرون إلينا نظرة دونية لم تشفهم منها الأطروحات الإنسانية التي ملئوا بها الدنيا ضجيجا وإبهارا، من عصر الأنوار إلى مزاعم حقوق الإنسان ونشيد الحرية والديمقراطية التي زفتها للعالم بارجات وصواريخ وقنابل البيت الأبيض.
العولمة جعلت من العالم "بازارا كونيا" وجعلت من منظمة التجارة العالمية "شاه بندر التجار" فأصبحت قدرتنا على صد الهجوم ضد حالات الإغراق أو تدني المواصفات أو التقليد أضعف مما كانت عليه في السابق، فشاه بندر التجار لن يقبل منا الشكاوى والتهم على علاتها.
نعم سيتم استقبال "البلاغ"، لكن حاجب المنظمة القانوني الغليظ يهز في وجوهنا عصا التهديد والوعيد مذكرا محذرا بأننا إذا لم نثبت صحة ما نقول فالعقوبات والغرامات معنويا وماديا باهظة وطبعا الإثبات دونه خرق القتاد.
وهكذا لا سبيل للوقوف ضد ما يقذفه في ديارنا الخط الثاني من فضلات المنتجات إلا من خلال تفعيل أدوار إدارات حماية المستهلك في دولنا وتعزيزها بصلاحيات نافذة ودفعها إلى إقامة تكتلات تجابه بها طوفان فضلات منتجات الدول التي ما زالت تتعامل معنا على أننا الطبقة الدنيا في روما القديمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي