الصناعة النفطية الأمريكية تحصد الإعفاءات بموجب القانون
قارب الوقت منتصف الليل والإجهاد بدا واضحا على الجميع. الكل لديه رغبة عارمة في وقف النقاش المستمر حول بعض الإعفاءات للشركات النفطية التي ستعمل في منطقة خليج المكسيك.
حسم النائب الجمهوري عن تكساس جو بارتون الأمر بقوله إنه ليست هناك تكلفة على دافع الضرائب، وأجيز القرار. لكن في شباط (فبراير) الماضي اتضح أن هناك تكلفة، بل هي تكلفة باهظة ستكلف الخزانة العامة نحو سبعة مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، كما أعلنت إدارة الرئيس جورج بوش، بل يمكن للمبلغ أن يرتفع أربعة أضعاف إلى 28 مليار دولار فيما إذا نجحت القضية التي رفعتها شركة كير ماجي للتنقيب عن النفط والغاز، مطالبة فيها بإزالة بعض القيود عن الإعفاءات التي يفترض أن تتمتع بها الشركات.
مزيج من الغموض والأداء البيروقراطي المتواضع مع الضغوط المتواصلة للوبي الصناعة النفطية أدى إلى أن يصبح قرار لم يلتفت إليه أحد محورا لنقاشات تشريعية وجد طريقه إلى وسائل الإعلام، التي بدأت تخصص له حيزا كبيرا في تغطيتها وتعليقاتها.
وفي واقع الأمر فإن للقرار تاريخا طويلا يعود إلى أيام الرئيس جورج بوش الأب. ففي ذلك الوقت كانت أسعار النفط متواضعة وتقل عن 16 دولارا للبرميل، الأمر الذي دفع بالعديد من الشركات الكبرى، أمثال "إكسون" و"شل"، إلى البحث عن فرص استثمارية في الخارج.
إدارة بوش قامت بوضع خطوط عريضة لإحداث مزايا ضريبية وإعفاءات للشركات التي تنشط في منطقة خليج المكسيك بحثا عن النفط والغاز، ومنذ ذلك الحين اجتهدت الصناعة النفطية للعمل عبر أي وزير جديد للتحسين في ذلك القانون بغض النظر عن خلفيته جمهوريا كان أو ديمقراطيا.
كما تميز القانون بغموض واضح، فمثلا لا يحدد بصورة واضحة المدى الزمني ما بين الحصول على الإعفاء وبين بداية الإنتاج الفعلي للشركات العاملة في منطقة خليج المكسيك. ووصل الأمر إلى تقديم إعفاءات خاصة لمنتجي النفط والغاز من مكامن عميقة أو الذين يحفرون لأكثر من 15 ألف قدم تحت الماء، ثم جاءت خطة بوش للطاقة العام الماضي التي أمنت على كل الإعفاءات السابقة وقام بتثبيتها لفترة خمس سنوات مقبلة.
ولم يكن أحد يعرف التكلفة الكلية الناتجة عن هذا القرار حتى خرجت الإدارة الحالية بتقديرات وضعتها في حدود سبعة مليارات دولار، وهو ما أثار الانتباه، خاصة أن الهدف الأساسي من القانون كان الترويج في وقت كانت السوق النفطية تمر فيه بفترات هبوط، على غير ما يحدث في الوقت الراهن، حيث تعيش السوق النفطية فترة من الازدهار منذ عام 2002 ووصول سعر البرميل إلى أكثر من 70 دولارا واستقراره فوق ذلك المعدل لفترة طويلة. وهذا الوضع دفع أحد مسؤولي شركة شل إلى القول إنه في ظل هذه البيئة فإن الصناعة لا تحتاج إلى إعفاءات، لكن البعض لا يزال يطالب بالمزيد.
وهاجمت افتتاحية لصحيفة "نيويورك تايمز" القانون وسلوك الساسة والشركات النفطية بقولها إنه في الوقت الذي يئن فيه الناس تحت الأعباء المالية والعجز في الميزانية، وفي الوقت الذي تحقق فيه الصناعة أرباحا قياسية، فإنه ليست هناك حاجة إلى بذل المزيد من الإعفاءات، لكن ذلك ما سيحدث قطعا ما لم يتم العثور على طريقة لمراجعة القانون الذي أجيز تحت ضغوط من اللوبي النفطي.