نفط ثارجاث السوداني الجديد يتجه إلى الأسواق في أغسطس

نفط ثارجاث السوداني الجديد يتجه إلى الأسواق في أغسطس

يتوقع أن يتم تحميل أول شحنة من النفط السوداني المنتج من حقل "ثارجاث" الجديد في آب (أغسطس) المقبل إلى ميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر. وقال لـ "الأقتصادية" أبو بكر محمد رئيس شركة النيل الأبيض لعمليات البترول المحدودة، التي تشرف على العمل في مربع (5A)، حيث حقل ثارجاث، إن النفط المنتج سيسير في خط أنابيب تملكه الشركة على مسافة 172 كيلو مترا حتى هجليج، حيث سيلتقي بخط الأنابيب التابع لشركة النيل الكبرى لعمليات البترول التي تملك خط الأنابيب الذي يمتد على مسافة 1610 كيلو مترات حتى ميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر، حيث يتوقع للخام الذي بدأ إنتاجه في السادس من الشهر الماضي أن يصل إلى بشائر الأسبوع المقبل، ومخلوطا مع مزيج النيل الذي تنتجه وتقوم شركة النيل الكبرى بتسويقه في الأسواق الخارجية.
وحقل ثارجاث هو آخر حقل يدخل دائرة الإنتاج في السودان ويقع على بعد 900 كيلومتر جنوبي الخرطوم في ولاية الوحدة، جنوب السودان التي ينتج منها نحو 300 ألف برميل يوميا في الوقت الحالي من حقلي هجليج والوحدة.
ووفقا لعوض عبد الفتاح، نائب رئيس الشركة، فإن العمل يجري في حقلين آخرين إضافة إلى ثارجاث، هما "مالا" و"مالا ساتلايت"، مضيفا في حديثه لـ "الاقتصادية" أنه تم حفر 24 بئرا في ثارجاث، 14 منها تم حفرها بطريقة أفقية وتنتج أربعة آلاف برميل يوميا في المتوسط وعشرة آبار محفورة بطريقة رأسية تنتج نحو ألف برميل يوميا في المتوسط.
الإنتاج الحالي للحقل في حدود 30 ألف برميل وسيتصاعد تدريجيا إلى أن يبلغ 80 ألفا مطلع العام المقبل. وهناك سبعة أبار تم حفرها في "مالا" ونحو ثلاثة في الحقل الآخر "مالا ساتلايت". النفط المنتج من النوع الثقيل ويراوح بين 19 و20 درجة وفق مقياس معهد البترول الأمريكي. كما يجري العمل في منطقتين تدعى الأولى ثوان والثانية جونك يانج، ويأمل العاملون في تلقي معلومات مبشرة في أي وقت.
وبلغ حجم الاستثمارات الكلية في المشروع نحو 500 مليون دولار. ويمتد الامتياز في هذا الحقل على مساحة 13.5X4 كيلو متر، حيث تعمل خمس حفارات وثلاثة فرق مسح سيزمية. وتم تأسيس الشركة في آذار (مارس) العام الماضي من كل من شركة بتروناس بحصة 67.875 في المائة، شركة النفط والغاز الهندية بحصة 24.125 في المائة، وهي اشترت حصة شركة لندين السويدية وأخيرا سودابت السودانية بحصة 8 في المائة، وبدأت العمل بعد ذلك بنحو الشهر.
مركز المعالجة الذي يفصل النفط عن الماء تمت إقامته بتكلفة 75 مليون دولار، كما تم إنفاق مبلغ 30 مليونا لتطوير سطح الحقول عبر ربط فوهات الأبار الـ 24 في مختلف مواقعها بخطوط أطوالها تصل إلى 32 كيلو مترا وبقطر ثمانية بوصات لتتصل بستة مراكز لتجميع النفط. أما خط الأنابيب، فبلغت تكلفة إقامته 28 مليون دولار ويبلغ قطره 24 بوصة ويمتد إلى أن يصل محطة الضخ هجليج رقم 1، حيث يندمج مع مزيج النيل.
ويقول مسؤولو الشركة إنه رغم ثقل نوعية الخام إلا أن كونه حلوا ونسبة الكبريت فيه قليلة، فإن الفرق ليس كبيرا بينه وبين بقية أنواع الخام التي تشكل مزيج النيل. وهناك صيغة معتمدة لحساب النوعية تراجع كل ثلاثة أشهر، وبذلك فإن التسويق لن يشكل مشكلة رغم أن السوق الآسيوية تمثل إشكالية كون المرجع الرئيسي فيها خام ميناس الإندونيسي في حالة تراجع من ناحية حجم الكميات المنتجة، وخام دبي لا يبدو مناسبا بسبب خصائصه المختلفة، إلا أن مزيج النيل تمكن وعبر السنوات الست الماضية من تأسيس وجود له منذ بدء تسويقه. وتدفع الشركة 75 سنتا على كل برميل من باب الفرق.
ومع أنه لم تنشر أرقام رسمية عن التكلفة الإجمالية إلا أن البرميل من حقل ثارجاث يقدر له أن يكلف بين ثلاثة إلى خمسة دولارات حتى يصل إلى ميناء التحميل والتصدير على ساحل البحر الأحمر.
ومن المنشآت كذلك محطة الطاقة الكهربائية المركزية التي كلف إنشاؤها 67 مليون دولار وتعمل بالديزل، كما تعمل بالنفط المستخرج من الحقل بعد معالجته، وهي تقوم بتوفير الطاقة اللازمة لمضخات الآبار وكل منشآت البنية الأساسية في الحقل. ويمكنها توفير طاقة كهربائية بصورة مستمرة إلى 30 ميجاوات مرتبطة مباشرة بغرفة التحكم التي يمكن من خلالها الأشراف على الآبار.
الأرقام الخاصة بحجم الاحتياطي في هذا المربع تراوح بين مليار إلى مليار ومائتين مليون برميل، وهو يعتبر نفطا في المكمن. وبالتالي فالجدال مستمر حول نسبة الاستخلاص، إذ يضعها البعض في مرتبة متدنية في حدود 8 في المائة وآخرون أكثر تفاؤلا يذهبون إلى 14 في المائة، بينما يتبنى فريق ثالث نسبة 11 في المائة، وذلك يعتمد إلى حد كبير على التركيبة الجيولوجية للحقل ونوعية الخام والتقنية المستخدمة في استخراجه، لكن الرقم المتداول فيما يتعلق بحجم النفط الذي يمكن استخراجه في الوقت الحالي في حدود 127 مليون برميل.
ومع أن فريق الشركة العامل لم يتجاوز 250 من عامل إلى فني وموظف، إلا أنه في فترة التطوير بلغت ذروة القوة العاملة نحو 2200 شخص يمثلون نحو 12 جنسية إلى جانب السودانيين. وتغطي الجنسيات العاملة: ماليزيا، الصين، الهند، تايلاند، سنغافورة، الدنمارك، إيطاليا، فرنسا، ألمانيا، ومصر إلى جانب آخرين عملوا في مختلف المواقع من شق للطرق إلى تمديد لخطوط الأنابيب إلى الحفر وأعمال الكهرباء.
وتمت إقامة مجمع سكني بتكلفة 16 مليون دولار لاستيعاب 220 شخصا في وقت واحد، ويتضمن مركز ترفيه يمكن عبره التقاط الشفرات الخاصة بالقنوات الفضائية التلفزيونية، إلى جانب المطعم الذي يتناول فيه كل العاملين وجباتهم، مسجد، ومركز طبي. وقامت الشركة كذلك بتحمل تكلفة بناء كبري ربكونا السلام بتكلفة أربعة ملايين دولار، وهو جسر يمتد على مسافة 280 مترا وبعرض 20 مترا ويوفر تسهيلات لعبور بحر الغزال ويقع على بعد 100 كيلومترا تقريبا شمال حقل ثارجاث.
وإضافة كلمة السلام إلى ربكونا لوصف الكبرى تبدو معبرة عن الحالة التي يعيشها السودان في الوقت الحالي. فمعسكر ربكونا، هو الذي كان يقيم فيه فريق شركة شيفرون، أول من عمل في تلك المناطق وأكد وجود النفط بكميات تجارية في مطلع الثمانينيات. لكن في شباط (فبراير) 1984 ومع الاشتعال الثاني للحرب الأهلية، هاجمت قوات من الحركة الشعبية معسكر "شيفرون" في ربكونا، وتمكنت من قتل ثلاثة من العاملين، الأمر الذي دفع "شيفرون" إلى تعليق عملياتها في الجنوب بسبب عدم انعدام الأمن. وفيما بعد تقلص نشاطها في كل أنحاء السودان إلى أن خرجت كلية في عام 1992 وباعت امتيازها إلى شركة كونكورب السودانية التي يمكلها رجل الأعمال محمد عبد الله جار النبي، واتضح فيما بعد أنها واجهة للحكومة.
الحصول على الامتياز من "شيفرون" فتح الباب للبحث عن شركاء جدد. وكانت البداية شركة ستيت الكندية وبعدها "أراكيس" التي أكدت وجود النفط بكميات تجارية، لكن الصعوبات التي واجهتها في توفير التمويل اللازم دفع الحكومة إلى اللجوء إلى خيار تكوين كونسورتيوم لعب الآسيويون فيه دورا أساسيا بقيادة شركة النفط الوطنية الصينية وكذلك بتروناس الماليزية.
وشركة النيل الأبيض تعتبر متفردة في المشهد النفطي السوداني كون تشاطها يغطي ثلاثة مربعات، هي 8، 5B، و5A. ويرجع ذلك إلى أن كلا من شركتي سودابت السودانية وبتروناس الماليزية تملكان حصصا في هذه المربعات وقررتا تمتين تحالفهما من خلال إنشاء شركة النيل الأبيض بحصص متساوية لكل منهما 50 في المائة وذلك لتطوير العمل في هذه الحقول، علما أن وضعية الشراكة وحصص الشركاء تختلف في هذه المربعات الثلاثة.
ففي مربع 5B تملك بتروناس حصة 41 في المائة ومعها شركة "أو. إم. في" النمساوية بحصة 24.5 في المائة، وشركة لندين السويدية بحصة 24.5 في المائة و"سودابت" 10 في المائة. أما مربع 8 الذي يوجد في الشمال ويغطي منطقة الدندر الشهيرة بمحميتها الطبيعية، فإن الشركاء يتكونون من "بتروناس" بحصة 77 في المائة، "سودابت" 15 في المائة، وشركة هاي تك السودانية بحصة 8 في المائة.
ويعمل في مربع 5B حاليا فريق سيزمي واحد، ويخطط لحفر أول بئر في الربع الأول من العام المقبل، وإذا اكتمل المشروع كما هو مخطط له، فإن هذه ستكون أول بئر في المناطق المعمورة يتم حفرها تحت الماء. وإضافة إلى هذا فأن كلا من "سودابت" و"بتروناس" تشتركان في إجراء دراسة مشتركة في مربع 14 الذي يقع شمالي السودان وجنوبي مصر مباشرة، وهو يغطي مساحة 135.020 كيلومترا مربعا.

الأكثر قراءة