المشاركة المتناقصة (5)
تناولنا في الحلقات السابقة مجموعة من صيغ التمويل المستخدمة في المصارف الإسلامية وهي صيغة (التمويل بالمرابحة للآمر بالشراء)، وصيغة ( بيع الاستصناع)، وصيغة (التأجير مع الوعد بالتملك) وصيغة (المشاركة الثابتة المنتهية) كنوع من أنواع المشاركات، وسنتناول في هذه الحلقة موضوع التمويل عن طريق المشاركة المتناقصة، وقد تم تناول مفهوم المشاركة وضوابطها الشرعية في العدد السابق.
مفهوم المشاركة المتناقصة
وبصفة عامة فإن مفهوم التمويل بالمشاركة يقوم على أساس تقديم المصرف الإسلامي التمويل الذي يطلبه العميل لتمويل مشروع معين دون اشتراط فائدة ثابتة كما هو الحال في القروض، وإنما يشارك المصرف العميل في الناتج المتوقع للمشروع ربحاً كان أو خسارة ووفق النتائج المالية المحققة، وذلك في ضوء قواعد وأسس توزيع يتم الاتفاق عليها مسبقا بين المصرف والعميل وفق الضوابط الشرعية.
أما مفهوم المشاركة المتناقصة أو المشاركة المنتهية بالتمليك فهو نوع من المشاركة يكون من حق الشريك فيها أن يحل محل المصرف في ملكية المشروع تدريجيا إما دفعة واحدة وإما على دفعات حسبما تقتضي الشروط المتفق عليها وطبيعة العملية.
ومن صور المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك
أ- الصورة الأولى:
أن يتفق المصرف مع الشريك على أن يكون إحلال هذا الشريك محل المصرف بعقد مستقل يتم بعد إتمام التعاقد الخاص بعملية المشاركة بحيث تكون للشريكين حرية كاملة في التصرف ببيع حصته لشريكه أو لغيره.
ب- الصورة الثانية:
أن يتفق المصرف مع الشريك على المشاركة في التمويل الكلي أو الجزئي لمشروع له دخل متوقع وذلك على أساس اتفاق المصرف مع الشريك الآخر لحصول المصرف على حصة نسبية من صافي الدخل المحقق فعلاً مع حقه في الاحتفاظ بالجزء المتبقي من الإيراد أو أي قدر منه يتفق عليه ليكون ذلك الجزء مخصصاً لتسديد أصل ما قدمه المصرف من تمويل، وعندما يقوم الشريك بتسديد ذلك التمويل، تؤول الملكية له وحده.
ج- الصورة الثالثة:
يحدد نصيب كل شريك كحصص أو أسهم يكون له منها قيمة معينة ويمثل مجموعها إجمالي قيمة المشروع أو العملية وللشريك إذا شاء أن يقتني من هذه الأسهم المملوكة للمصرف عدداً معيناً كل سنة بحيث تتناقص أسهم المصرف بمقدار ما تزيد أسهم الشريك إلى أن يمتلك كامل الأسهم فتصبح ملكيته كاملة، وهذه الصورة هي الأكثر استخداما في المصارف.
إجراءات تطبيق المشاركة المتناقصة بالمصارف الإسلامية
يتم تمويل العميل بالمشاركة المتناقصة وفق الإجراءات التالية:
1- يقوم العميل بالتقدم للمصرف بطلب لتمويل مشروع معين ويرغب في مشاركة المصرف في تمويل المشروع بشرط أن تكون مشاركة المصرف في المشروع لمدة معينة تنتقل الملكية خلال تلك المدة من المصرف للعميل.
2- يرفق العميل بهذا الطلب دراسة جدوى للمشروع يحدد فيه نوع العملية المطلوب تمويلها وتكلفتها والإيرادات المتوقعة والمدة التي يرغب من المصرف مشاركته فيها.
3- يقوم المصرف بتقييم جدوى المشروع المطلوب المشاركة فيه، وفي حالة الموافقة عليه يقوم العميل بدفع حصته في المشاركة وكذلك المصرف وتوضع تلك المبالغ في حساب مستقل في المصرف للإنفاق على المشروع.
4- يقوم العميل بعد ذلك بإدارة أعمال المشاركة وفقما هو مخطط له بدراسة جدوى المشروع على أن تدرج الإيرادات في حساب المشاركة، ثم تتم تسوية حساب المشاركة وتستخرج النتائج بعد ذلك.
5- تتم بعد ذلك تسوية وتوزيع أرباح (خسائر) المشاركة بين المصرف والعميل وفق النسب المتفق عليها في عقد المشاركة.
6- يقوم العميل في نهاية كل سنة بشراء حصة من نصيب المصرف وتملكها وذلك وفقما جاء في العقد المبرم بينه وبين المصرف، بحيث تنتقل ملكية المشروع إليه خلال الفترة المحددة، ويتخارج المصرف وتتناقص حصته سنويا بنسبة ما يبيعه للعميل.
القطاعات التي يمكن لها الاستفادة من صيغة "المشاركة":
(1) القطاع الصناعي: عن طريق المشاركة في إنشاء مصانع جديدة واقتسام نتائج العملية بعد ذلك وفق الشروط المحددة وتملك العميل المصنع بعد ذلك.
(2) القطاع العقاري: عن طريق المشاركة في بناء عقارات ثم بيع حصة المصرف بعد ذلك للعميل من قيمة الأقساط الإيجارية وتملك العميل العقار بعد ذلك.
وسوف يتم تناول الأنواع الأخرى ومجالات تطبيقها في الأعداد المقبلة إن شاء الله.
<p><a href="http://www.bltagi.com">www.bltagi.com</a></p>
خبير في المصرفية الإسلامية