التخوف من شح إمدادات البنزين يرفع أسعار النفط
تتجه أنظار السوق عند أفتتاحها إلى يوم غد الثلاثاء، الذي يصادف عطلة عيد الاستقلال في الولايات المتحدة لمعرفة إذا كان حجم الحركة الخاصة سيؤثر في استمرار أسعار الوقود مرتفعة. فتقديرات رابطة نادي السيارات الأمريكي، تشير إلى أن نحو40.7 مليون شخص سيسافرون يوم غد إلى مسافة 50 ميلا أو أكثر مستغلين فترة العطلة، وهو ما يزيد على الرقم الذي سجله العام الماضي بنحو 1.2 في المائة.
وأصبح عنصر أسعار الوقود العامل الرئيسي في إبقاء أسعار التفط مرتفعة ودفعها إلى أعلى. وأسهمت البيانات التي صدرت الأسبوع الماضي عن إدارة معلومات الطاقة في زيادة القلق في السوق من أن مخزونات البنزين قد لا تكون كافية لمقابلة الطلب المتنامي خاصة عندما يضاف إليها الانقطاع الذي شاب عمل بعض المصافي مثل لويزيانا في منطقة خليج المكسيك لأسباب تتعلق بوجود تسرب نفطي أسهم في إغلاق بعض اجزاء المصفاة، الأمر الذي أسهم في دفع الأسعار إلى أعلى معدل لها منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وعقب أعصار كاترينا الذي ضرب المنطقة.
وأوضحت الأرقام التي بثتها إدارة معلومات الطاقة الأسبوع الماضي أن المخزون من البنزين تراجع بنحو المليون برميل إلى 212.4 مليون خلال الأسبوع المنتهي في 23 يونيو (حزيران) الماضي، وهو أول انخفاض في غضون فترة تزيد على الشهرين، أو تسعة أسابيع تحديدا. وتشير الأرقام من الناحية الأخرى إلى استمرار النمو في الطلب، إذ شهدت فترة الأسابيع الأربعة الماضية حدوث نمو في حدود 0.9 في المائة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عام ليصبح معدل الطلب اليومي 9.4 مليون برميل يوميا، وهو الأعلى منذ يوليو (تموز) من العام الماضي، كما بلغ متوسط سعر الجالون 2.87 دولار.
وبالنسبة لمخزونات النفط الخام التجارية فقد حققت أكبر تراجع لها منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بمقدار 3.4 مليون برميل إلى 343.7 مليون. أما المقطرات والمنتجات الوسيطة فزادت 1.8 مليون برميل إلى 126.3 مليون.
وبسبب الخوف من شح الإمدادات من البنزين، الذي أصبح المحرك القوي للأسعار، ارتفع سعر الخام متجاوزا 75 دولارا يوم الجمعة ولفترة قصيرة قبل أن يتراجع ويستقر عند 73.93 دولار للبرميل من خام ويست تكساس الحلو، وذلك بزيادة 41 سنتا في البرميل. أهمية هذا المعدل تتمثل في أنه كسر حاجز 73 دولارا الذي كان يعتقد أنه ستتم عنده المقاومة ولجم الارتفاع المستمر في الأسعار.
وبدأت السياسة النقدية الخاصة بمجلس الاحتياط الفيدرالي تلقي بثقلها قليلا كعنصر في اتجاه دفع النمو إلى التباطؤ ولو من باب التخوف من رفع معدلات الفائدة، كما يقول مايكل جيدو مدير السلع في "سوسيتي جترال"، الذي يرى أن الوصول إلى معدلات نمو يمكن تحملها يظل هدفا يستحق العمل من أجله.
ويمكن القول بصورة عامة إن هذا الوضع يجعل الأسعار تزيد عما كانت عليه قبل عام بمقدار الثلث. وإذا كان لاستمرار الطلب ممثلا في البنزين خاصة مع العوامل الوقتية مثل موسم قيادة السيارات وعطلة عيد الاستقلال هذا الأسبوع، إلا أن هناك عوامل أخرى لا يزال لها تأثيرها خاصة في الجانب الجيوسياسي والأمني المتعلق بدول منتجة للنفط. والإشارة إلى دول مثل نيجيريا لا تزال تعيش دوامة من العنف الأهلي الذي يتخذ من الصناعة النفطية ساحة له. وهناك أيضا الحرب المشتعلة في العراق، والمواجهة الديبلوماسية مع إيران بخصوص ملفها النووي. فالجدل لا يزال مستعرا حول التوقيت الذي يفترض في إيران أن ترد فيه على عرض الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن زائدا ألمانيا، التي تريد ردا في النصف الأول من هذا الشهر، بينما إيران أعطت لنفسها مهلة حتى الأسبوع الثالث من الشهر المقبل. ويجيء الموقف الروسي مساندا لطهران بصورة ما لاستبعادها خيار المشاركة في العقوبات ضد طهران، لكن السوق النفطية التي لا تزال مشدودة بسبب عوامل متعددة ترى في التصريحات المتناقضة بين إيران وخصومها ما يسهم في إشاعة حالة القلق ومن ثم دفع الأسعار إلى حالة من التأرجح يرفعها تصريح ويخفضها آخر، لكن يبقى دور الأساسيات في السوق عاملا مرجحا يجعل الأسعار تتحرك في إطار نطاق بين 68 و73 دولارا للبرميل وإلى أن يستقر الوضع الجيوسياسي والأمني بصورة من الصور.