كيف يمكن أن يتحول بنك تقليدي بالكامل إلى المصرفية الإسلامية؟

كيف يمكن أن يتحول بنك تقليدي بالكامل إلى المصرفية الإسلامية؟

تنمو الصناعة المصرفية الإسلامية بشكل منقطع النظير، حيث تقدر نسبة النمو في هذه الصناعة بين 16 في المائة إلى 18 في المائة سنوياً. وتتخذ عملية النمو في هذه الصناعة صيغاً مختلفة بعضها في شكل تأسيس بنوك ومؤسسات مالية جديدة تعمل وفق أحكام الشريعة الإٍسلامية من أول يوم لتأسيسها، وبعضها الآخر يتخذ صيغة تقديم المنتجات المصرفية الإسلامية بحيث يعطى عميل البنك فرصة الاختيار في التعامل وفق المنتجات التي يختارها.
ويعتبر بنك الجزيرة نموذجاً فريداً غير مسبوق في وضع برنامج منهجي في التحول الكامل نحو المصرفية الإسلامية منذ اليوم الأول لوضع قدميه على الطريق. ويسرنا أن نعرض خلاصة هذه التجربة لتكون منارة يهتدي بها الراغبون في السير على هذا الطريق التي نتوقع أنها يمكن أن تختصر لهم وقتاً وجهداً كبيراً بدلاً من العودة إلى نقطة البداية. وسيكون العرض في شكل مراحل متتالية على النحو التالي:

المرحلة الأولى: مرحلة القرار الجريء
لنجاح عملية التحول من العمل المصرفي التقليدي إلى الصيرفة الإسلامية فإن الأمر يتطلب قراراً شجاعاً وصارماً من أعلى سلطة ذات مرجعية في المؤسسة المالية الراغبة في التحول، وأقصد بذلك مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية. ولا شك أن مثل هذا القرار ليس أمراً هيناً يمكن أن يتخذ بجرة قلم كما يقولون، بل لا بد من تولد قناعة تامة لدى السلطة العليا في المؤسسة المالية واستعداد تام لدعم القرار وتحمل التبعات المترتبة عليه.
ولا شك أن متطلبات الصرامة في اتخاذ القرار والقناعة به والاستعداد لتحمل تبعاته مطلب ضروري لأي قرار يُراد له النجاح، ولكنها أدعى في القرارات التي يمكن أن تواجه تحديات كبيرة مثل هذا القرار. إن التحدي في مثل هذا القرار يظهر بوضوح في جانبين مهمين مرتبطين ببعضهما بعضا، أولهما له علاقة بالتغيير وما يصاحبه من رفض وعدم قبول عادة من المؤسسات والعاملين فيها، والآخر هو التخلي عن الطريق المألوف الذي اعتاد العاملون على العمل داخل قواعده وآلياته والبدء بشق طريق جديد وتطوير آليات ومنهجيات عمل مختلفة يجرب بعضها ربما لأول مرة.
إن مثل هذا القرار الاستراتيجي سيحقق للبنك مجموعة متكاملة من الإيجابيات والمزايا التي تقود إلى نجاح عملية التحول نحو المصرفية الإسلامية. ولعلي أحاول بشكل موجز أن أذكر المردود الإيجابي لمثل هذا القرار:
1 ـ إن القرار الاستراتيجي بالتحول الكامل نحو المصرفية الإسلامية سيوحد جهود كل العاملين في البنك نحو هدف واحد يتضافر كل العاملين في البنك على تحقيقه.
2 ـ إن مثل هذا القرار سيكون محفزاً للبحث الجاد بدائل وآليات وبرامج عمل ومنتجات تتفق مع التوجه الجديد للبنك، وبمعنى آخر فإن هذا القرار محفز للإبداع والابتكار.
3 ـ سيقضي على الازدواجية التي يمكن أن تحدث بين العاملين داخل البنك فيما يتعلق بالانتماء إلى خطين متنافسين داخل البنك الواحد.
4 ـ إن مثل هذا القرار سيحقق للبنك المصداقية أمام عملائه والمتعاملين معه من حيث اختيار مسار واحد محدد.
5 ـ إن مثل هذا القرار يساعد بشكل جوهري على تنمية قدرات العاملين للتعمق في فهم المصرفية الإسلامية وإتقان فنونها وأدواتها.
خلاصة القول فيما يتعلق بهذه الخطوة، فإن بنك الجزيرة قد أقدم على قراره بالتحول الكامل إلى المصرفية الإسلامية عن طريق اتخاذ مجلس الإدارة قراراً بهذا الشأن جعل فيه الصيرفة الإسلامية نهجاً لازماً يجب تفعيل كل الطاقات وكل العاملين أينما كانت مستوياتهم الإدارية نحو تحقيقه. وبالفعل فقد بعث هذا القرار في العاملين في البنك روحاً جديدة ساعدت في صياغة استراتيجيات البنك وبرامجه ونمط تفكير العاملين فيه صياغة تجديد تتوافق مع التوجه الجديد.
هذه هي الخطوة الأولى التي نرى ضرورتها لنجاح عملية التحول نحو الصيرفة الإسلامية، وسنتحدث في المرة المقبلة عن الخطوة التالية من واقع تجربة بنك الجزيرة كنموذج في عملية التحول للصيرفة الإسلامية.
رئيس مجموعة الخدمات المصرفية الإسلامية - بنك الجزيرة

الأكثر قراءة